أكراد العراق يطالبون بأحد أكبر منصبين في السلطة الانتقالية في بغداد

TT

أبلغ الزعماء الأكراد، قبل يومين، مبعوثا أميركيا كبيرا إلى العراق بأنهم يريدون تولي واحد من أكبر منصبين في السلطة العراقية: الرئيس أو رئيس الوزراء، وقالوا انهم لن يشاركوا في الهيئة التي ستتولى أمر الحكم بعد التنازل الأميركي عن السيادة في الثلاثين من يونيو (حزيران) المقبل إذا لم يتحقق مطلبهم هذا. وفي إطار الخطة التي وضعها مبعوث الأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي والتي يتوقع كشفها هذا الأسبوع، فإن الأكراد كانوا مرشحين لنيل منصب أقل هو أحد نائبي الرئيس. وتقول المصادر الكردية والأميركية أن جلال طالباني الزعيم الكردى المخضرم أبلغ المبعوث الرئاسي الأميركي روبرت بلاكويل أن الاكراد لن يقبلوا هذا المنصب.

وتعتبر هذه التطورات نكسة للخطة الأميركية للحصول على إجماع الفصائل العراقية المتعددة إثنيا ودينيا والمتنافرة سياسيا حول خطة تشكيل الحكومة العراقية. ويحذر الخبراء في الشؤون العراقية أنه إذا لم يتنازل الأكراد عن موقفهم ولم تتمكن الولايات المتحدة والأمم المتحدة من ان تتوصلا إلى حل وسط فإن قضية تشكيل الحكومة العراقية الانتقالية ستتطول مما ينطوي على مزيد من المخاطر. وتأمل إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش أن يكون موقف الأكراد نوعا من المناورة وأنهم سيقبلون في النهاية حتى لا يتحملوا المسؤولية عن إفشال المحاولة الثالثة لتشكيل الحكومة العراقية الانتقالية. وقال مسؤول كبير من وزارة الخارجية الأميركية له علاقة بالسياسة العراقية: «هذه مناورة للحصول على بعض المكاسب. وأعتقد أنها تكتيك سياسي أكثر منها موقفا مبدئيا، وهي مفهومة في هذا الإطار، لأنها شبيهة بتكوين اللجان عندنا في الكونغرس. وهي مرحلة ضرورية في عملية علينا أن نسير فيها حتى النهاية. وعلى كل حال فإن المفاوضات من أجل تشكيل الحكومة تسير على قدم وساق».

ولكن طالباني ومسعود بارزاني، رئيسي أكبر حزبين كرديين، يصران على أن الأكراد يجب أن ينالوا أحد المنصبين الكبيرين حتى يوازنوا نفوذ الاغلبية العربية. وقال مسؤول كردي كبير طالبا عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الموضوع: «الزعيمان الكرديان متفقان تماما على ذلك. ونحن نعتقد أن الأكراد يمكن أن يكونوا جسرا بين الشيعة والسنة».

ومعروف أن اغلبية سكان العراق البالغ عددهم 25 مليونا، تتبع المذهب الشيعي. ولكن أغلب الأكراد هم من السنة، وهم يدعمون موقف السنة العرب الذين يشعرون بالتهميش منذ سقوط صدام حسين. وقال البروفسور هنري باركي من جامعة ليهاي في بنسلفانيا: «لا يريد الأكراد أن يكونوا مجرد ديكور. ولا شك أن طالباني وبارزاني يسعيان إلى الحصول على صفقة أفضل».

ويعتقد الأكراد أن لديهم أوراقا قوية للمساومة، فموعد التسليم في 30 يونيو (حزيران) صار قاب قوسين أو أدنى، وإدارة بوش تسعى بكل ما تستطيع من قوة لأن تحقق درجة من استقرار الأوضاع في العراق. والورقه الأكبر التي يلوح بها الزعيمان الكرديان حاليا هي إبطاء الوصول إلى اتفاق، كما تقول فيب مار، مؤلفة كتاب «تاريخ العراق الحديث» والتي اضافت: «سيلجأ الزعيمان إلى المساومة بكل ما يملكان من قوة. وهما يعتقدان أننا نقف على صفيح ملتهب، لأننا نحارب على عدة جبهات: الجبهة السنية والجبهة الشيعية وغيرهما».

وقد تمتع الأكراد الذين طالما ظلمهم جيرانهم الأقوياء بفترة 13 سنة من الحكم الذاتي والرفاهية في إقليم آمن مستقر منذ حرب الخليج السابقة عام 1991. ومع سقوط صدام حسين، وعودة المناطق الكردية إلى الحضن العراقي من جديد، صار الأكراد يشعرون بالقلق من جديد من احتمالات فقدان السلطة والنفوذ.

ويعتقد بعض المحللين أن السياسيين الأكراد الذين تنازلوا من قبل عن مطلب الاستقلال سيحاولون مع ذلك الحصول على أكبر قدر من الحكم الذاتي يمكن أن يعثروا عليه من خلال مفاوضاتهم حول الحكومة الانتقالية. قال مارك شنايدر، نائب رئيس المنظمة العالمية للأزمات:

«سيكون الأكراد مستعدين للنظر في جميع الخيارات ما داموا يتمتعون ببعض الاستقلال الذاتي، وبهوية حقيقية ورمزية. وأنت إذا تأملت الصورة عن بعد، ورأيت أن تمثيل الأكراد يتناسب مع تحقيق آمالهم في عراق المستقبل، فإنك تعرف أنهم سيواصلون الحوار والمشاركة.

وفي محادثاته مع بلاكويل، قال طالباني ان الأكراد الذين ظلوا حريصين على علاقتهم مع الاميركيين يستحقون الاحترام كما يستحقون صفقة أكثر عدلا، خاصة إذا ما قورنوا بالأقلية السنية العربية التي حكمت العراق في ظل حكم صدام. وقال باركي: «من الواضح أن الأكرأد ظلوا هم الأصدقاء ألأوفياء للعراق».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»