إطلاق المحامي الأميركي المسلم يحرج وزارة العدل الأميركية ويشكك في أدلة البصمات

القاضي يمنعه من التصريحات وإسبانيا تؤكد أن البصمات تخص جزائريا

TT

أدى قرار القاضي الفيدرالي الاميركي، اول من امس، بإطلاق سراح المحامي المسلم براندون مايفيلد، الى توحيد معارضي وزارة العدل الأميركية، الذين أدانوا سجنه بأوريغون بناء على أدلة واهية تتعلق ببصماته، واعتبروا ذلك شاهدا قويا على احتقار الوزارة للحقوق المدنية.

وجاء قرار قاضي الدائرة الفيدرالية روبرت جونز، في بورتلاند، متزامنا مع اكتشاف الشرطة الاسبانية أن البصمات المعنية تخص مواطنا جزائريا ولا علاقة لها بالمحامي مايفيلد، ولكن السلطات الفيدرالية ما تزال تعتبر مايفيلد شاهدا ماديا، حسب المعلومات الموجودة على الموقع الالكتروني الذي يديره القاضي المذكور.

وقال مايكل غرينبيرغر، المسؤول السابق الكبير بوزارة العدل، الذي يرأس حاليا معهد الصحة والأمن الوطني التابع لجامعة ميريلاند، ان إطلاق سراح مايفيلد يعتبر إحراجا هائلا للمحققين الفيدراليين. ويعتقد هو ومعارضون آخرون أن منهج الحكومة في التعامل مع هذه القضية كان خاطئا من الناحية القانونية. كما أن إطلاق السراح وسع الشقة بين مكتب المباحث الفيدرالي، والشرطة الاسبانية حول موثوقية أدلة البصمات التي ربطت بين مايفيلد وتفجير القطارات في مدريد يوم 11 مارس (آذار) الماضي.

وما تزال هناك أسئلة غامضة حول هذه القضية. ومما يزيد المسألة تعقيدا أن القاضي جونز، أصدر أمرا يمنع المحامين ومايفيلد من الإدلاء بأية تصريحات حول القضية. ولم يكشف جونز المدة التي سيظل فيها هذا القرار ساريا. وقال بعض المتابعين للقضية أن القاضي ربما لا يرفع حظره على التصريحات العلنية إلا بعد سماع أقوال مايفيلد أمام هيئة محلفين كبرى.

كان مايفيلد، 37 سنة، الذي اعتنق الإسلام، يمارس مهنة المحاماة في مجال الهجرة والأحوال الشخصية على مستوى محدود ببورتلاند. وقد أطلق سراحه القاضي جونز يوم الخميس الماضي، بعد أن مكث في سجن بورتلاند منذ 6 مايو (أيار)، بعد أن أعلن الـ«إف بي آي» أن بصماته وجدت على كيس بلاستيك يحوي متفجرات كان موجوداً بالقرب من أحد محطات القطارات الإسبانية.

ولم توجه لمايفيلد أية تهمة. وقالت أسرته انه لم يسافر خارج الولايات لأكثر من عقد. ولكنه اعتقل كذلك وفق قانون يسمح للحكومة باعتقال شهود يحتمل أن يهربوا قبل الأداء بشهاداتهم. ورفض المتحدث باسم إف بي آي، بيل كارتر، التعليق على القضية مذكرا بالأمر القضائي حول هذا الأمر. وكان إف بي آي قد أعلن قبل ذلك أنه يعتبر البصمات دليلا كافيا للاعتقال.

وقال اناس ذوو علاقة بالقضية إن الحكومة لم تعبر عن أية توجهات بالتراجع عن موقفها، لأن الاعتراف بالخطأ في قضية تحظى بكل هذه الأضواء أمر غير عادي مطلقا. وبعد أن استقر مايفيلد في منزله بضاحية متواضعة من بورتلاند، تعالت الأصوات المنتقدة لموقف الحكومة وطريقتها في التعامل مع القضية، وسط أنباء تتحدث عن أن مايفيلد تلقى عروضا بدفع إيجارات مكتبه كنوع من التعويض عما حدث له. وقال غرينبيرغر، ان قضية مايفيلد هي القضية الأخيرة المشهورة في سلسلة من القضايا توضح كيف يمكن استغلال قانون الشاهد المادي في انتهاك حقوق المواطنين المدنية.

والغرض من هذا القانون هو ضمان وجود الشهود للإدلاء بأقوالهم في المحاكمات، ولكن على العكس صارت الحكومة تستخدمه في اعتقال المتهمين وتبقيهم عندها حتى تتجمع ضدهم كل البينات. ويحفظ هؤلاء الشهود عادة مع المعتقلين العاديين وغالبا ما يخضعون لتحقيقات عديدة. وقال غرينبيرغر: «هذا القانون لم يكن يقصد استخدامه بهذه الطريقة».

وقال انه ربما يكون هناك آخرون معتقلون تحت نفس المواد ولكنهم لم يجدوا الشهرة التي وجدها مايفيلد لوضعه الخاص. وقال إن هذه القضية يجب أن تحسمها في النهاية المحكمة العليا الأميركية. وقال مسؤولو تطبيق سلطات القانون الاسبان انهم كانوا قد شكوا منذ البداية في ما إذا كانت البصمات تخص مايفيلد، مصرحين بأنها ربما تخص المشتبه فيه الجزائري المسمى أوناني داود. وكإثبات لذلك قال محقق اسباني كبير إن فريق الطب الشرعي وجد آثارا من الحامض النووي الخاص بداود بكوخ خارج مدريد كانت الخلية الإرهابية تخطط فيه هجماتها واستخدمته في تجميع القنابل التي استخدمتها في نسف القطارات.

وتدل آثار الحامض النووي وآثار البصمات التي وجدت في كيس المتفجرات على أن داود شارك في ذلك الهجوم، وربما يكون هو الذي زرع القنابل داخل القطارات، حسب أقوال أحد كبار المسؤولين بالشرطة.

* خدمة «لوس أنجليس» ـ تايمز خاص بـ«الشرق الأوسط»