الجزائر: البرلمان يصادق على برنامج الحكومة و«أويحيى» يرفض رفع الطوارئ مع تعهد بإدماج «التائبين»

TT

بينما صادق البرلمان الجزائري على برنامج الحكومة أمس، أعلن أحمد أويحيى رئيس الحكومة الجزائرية، أن المصالحة الوطنية التي يسعى إليها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتبنتها الحكومة لن تتجسد في إطار قانون ينص على العفو عن أفراد الجماعات المسلحة التائبين الذين يريدون التخلي عن السلاح. فقد وافقت أغلبية ساحقة على برنامج الحكومة بينما عارضه نواب حزب العمال اليساري وامتنع نواب الحزب الاسلامي (حركة الاصلاح الوطني) عن التصويت. ونفى أويحيى، في رده على أسئلة نواب البرلمان حول الملفات الواردة في برناج حكومته الجديدة، الأخبار التي تحدثت عن التحضير لتدابير قانونية لتقنين عملية عودة المسلحين الذين يتخلون عن السلاح. وكانت وسائل الإعلام المحلية قد أشارت إلى وجود اتصالات بين الجيش والجماعة السلفية للدعوة والقتال، بغرض وقف اطلاق النار مقابل أن يعود المسلحون إلى أحضان المجتمع من جديد. غير أن رئيس الحكومة قال «لن تكون هناك آلية لوضع إطار للمصالحة ولا قانون ولا شيء آخر». ووصف أويحيى المصالحة بأنها «تطلّع الجزائريين للأمن ولوقف المظالم وتوفير مناصب شغل وحل مشاكلهم اليومية». وأكد في رسالة اغراء وتحذير واضحة إلى المسلحين «من غادر الجبل وعاد إلى بيته، سيجد منا الاستعداد لمساعدته على الاندماج مجددا في المجتمع، ومن أصرّ على البقاء في الجبل سنحاربه». وقال أويحيى، إن تراجع الأعمال المسلحة كان بفضل الوئام المدني.

ومن المعروف أن مشروع الوئام المدني جاء به الرئيس بوتفليقة في بداية فترة رئاسته الأولى في يوليو (تموز) 1999. وانتهى إلى اصدار عفو عن ستة آلاف مسلح من الجيش الإسلامي للإنقاذ، الذراع المسلح للجبهة الاسلامية للإنقاذ المحظورة. وفي رسالة واضحة إلى نواب حركة الإصلاح الوطني الذين يطالبون بمعالجة الآثار الناجمة عن الغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في 26 ديسمبر (كانون الاول) 1991، قال أحمد أويحيى، إن المصالحة بين الجزائريين لا تعني العودة إلى فترة أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. يذكر أن المد الاسلامي بلغ في تلك الفترة أوج قوته بقيادة الجبهة الاسلامية وكان قاب قوسين أو أدنى من الفوز بكرسي السلطة. من ناحية أخرى، حرص أويحيى على التأكيد على أن ملف الجبهة الاسلامية للانقاذ طوي نهائيا، مما يعني أنه ليس هناك أي مجال لعودة الحزب الإسلامي المحظور الي النشاط من جديد، ويعد هذا الموقف اشارة مباشرة لعدة أطراف سياسية كانت قد فهمت أن المصالحة تعني عزم بوتفليقة الترخيص بعودة الجبهة إلي نشاطها السياسي. وقالت أطراف أخرى إنه يريد تمكين قادة الجبهة من تأسيس حزب جديد قائم على مبادئها القديمة. واغتنم رئيس الحكومة الفرصة للتشديد على أن حالة الطوارى المفروضة منذ يناير (كانون الثاني) 1992، لن ترفع لأن «الأوضاع الأمنية لم تتحسن». كما وجه أويحيى سهامه ضد منافسي بوتفليقة في انتخابات الرئاسة التي جرت في الثامن أبريل (نيسان) الماضي. وقال «كانت الديمقراطية في الجزائر مهددة بالانهيار، لو تحقق مطلب تدخل الجيش لوقف الانتخابات، ولو تجاوب الشعب مع نداء الذين دعوه للخروج إلى الشارع بدعوى أن نتائج الانتخابات تعرضت للتزوير».

وكان علي بن فليس وعبد الله جاب الله وسعيد سعدي، وهم أبرز منافسي بوتفليقة في الانتخابات، قد طلبوا من الجيش «وضع حد لاستغلال بوتفليقة وسائل الإعلام الحكومية والمال العام للفوز بولاية ثانية»، واعتبروا النسبة التي حصل عليها من الأصوات (85% تقريبا)، مبالغا فيها ولا تعكس الحقيقة*.

من ناحية أخرى، يتضمن برنامج الحكومة اصلاحات اقتصادية تشمل تسهيلات تستهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في الجزائر.

أما النواب الرافضون فقد وصفوه بأنه مفرط في العموميات ولا يختلف عن البرنامج الذي كان قد طرحه أويحيى نفسه قبل عام من الانتخابات الأخيرة.