القبائل السعودية على الإنترنت: خدمات تفاعلية بين أفراد القبيلة ومنتديات للتصويت على أبرز شعرائها

TT

لم يدر بخلد أحد يوماً ما أن تكون للقبائل التي من ابرز سماتها الترحال والتنقل بحثاً عن الماء والكلأ وتستوطن السهول وبطون الأودية والصحاري مواقع على شبكة الإنترنت.

أكثر من 100 موقع مستقل يحمل مسميات أشهر القبائل والأسر السعودية على شبكة الإنترنت. ورغم تعدد المسميات وتنوعها واختلافها، فان القاسم المشترك للرسالة التي يحاول أصحاب تلك المواقع هو خدمة المهتمين والباحثين بعيداً عن التفاخر والعصبية والتواصل للتقارب والتراحم وحفظ التراث للأجيال المقبلة.

الكثير من مواقع القبائل أنشئت بمبادرة شخصية لأفراد ينتمون لتلك القبائل. جابر أبو رأس أحد المشرفين على موقع (شبكة شمر) إحدى القبائل السعودية يقول «إن الدافع هو حفظ تاريخ الآباء ومواطنهم وليتعرف الأبناء على مدى تلاحم الآباء وحرصهم على التواصل رغم شظف العيش الذي عاشوه مع حفاظهم على العادات الإسلامية والعربية، والتواصل فيما بين أفراد القبيلة خاصة من الجيل الحالي، وربطهم بجذورهم القبلية من خلال معرفة نسبها وأفخاذها، وأبرز مواطنها والأسر المتحضرة منها، والبطولات والملاحم التي خاضتها، وابرز ما قيل فيها شعراً، وما أورده الرحالة والمستشرقون، ومن ينتسب إليها من الشعراء والفقهاء والفرسان، وشكل (وشم) القبيلة الذي يميز الإبل والمواشي العائدة لها». وتتوسع بعض تلك المنتديات بتنظيم منتديات سنوية لشعراء القبيلة أو أفراد القبيلة في المناسبات الاجتماعية والتصويت من خلال الموقع أو عبر قوائم بريدية على احسن عمل. ويضيف أبو رأس «أن الموقع يجد تشجيعاً وقبولاً ليس على مستوى الجيل الجديد ولكن حتى في أوساط كبار السن ممن لا يدرك ماهية عمل الموقع إلا أن تشجيعهم نابع من كونه وسيلة اتصال وترابط بين أفراد القبيلة».

ويرى أبو رأس أن إنشاء موقع يتضمن صفحات تحمل نصوصاً لا يمثل أي مشكلة ولكن المتابعة وتقديم دعم فني للجانب التفاعلي للموقع، ومتابعة مشاركات الأعضاء وتعديل أو حذف ما قد يثير النعرات والكراهية فيما بين أفراد القبيلة أو غيرها من القبائل الأخرى، وهو الأصعب في المعادلة ولذلك فإن هناك فريقا من المهتمين يوزع المهام والمتابعة فيما بينهم حتى يبقى الموقع سليماً من أي تجاوزات. ومن أشهر المواقع القبلية ذات الصلة بشؤون القبيلة وشجونها ونشر أخبارها موقع «عتيبة، عنزه، قحطان، مطير، بني تميم، شمر، الدواسر، سبيع، الظفير، بنو ياس، القواسم، بلحمر، هذيل، بني شهر، حرب، الحويطات، شهران، بني رشيد، خثعم، العوازم، يام، المهره، الردادي، بني بشر، جهينة، دوس، الأساعده، رجال الحجر، الشرارات، زهران، مزينه، بلي». ويتفاوت مضمون المواقع عن بعضها البعض، فهناك من يستغل اسم القبيلة أو العشيرة ولا تحظى منه القبيلة إلا بصفحة تعريفية واحدة على الموقع فيما تغلب على باقي صفحات الموقع سمات المنتديات التقليدية ذات الصبغة التي تقوم بطرح موضوعات ثقافية وعلمية عامة والحوار حولها. إلا أن واجهة بعض المواقع على الشبكة تحمل عبارات تؤكد على أن محتويات الموقع تمثل الحقائق التاريخية للقبيلة الواحدة، فيما يبرز البعض الآخر الاعتذار عن عدم الخوض في أنساب القبائل والأسر، وتسعى مواقع أخرى لتنقية تاريخها من حوادث وقصص التصقت بها. وفي هذا الخصوص، يقول خالد أبو إبراهيم مسؤول موقع إحدى الأسر المشهورة على شبكة الإنترنت «هذا الجهد يقوم به مجموعة من أبناء الأسرة إيماناً بأهمية زيادة روابط الأسرة بكل الوسائل المتاحة ولكل عصر وسيلته». وعصرنا الحالي هو عصر الكومبيوتر والإنترنت فكان لزاماً علينا أن نستغل لغة العصر وننشئ موقعا لنا على الإنترنت لأبناء الأسرة في كل مكان يتواصلون عبره، فيقرب البعيد ويزيد من قرب القريب ولينثروا إبداعاتهم على ربوع الموقع ويعرفوا أخبار الأسرة فيشاركونهم أفراحهم ويساندونهم في أحزانهم كما أنه مرجع لكل باحث عن أصول الأسرة وسيرتها. كما يقدم الموقع خدمات مثل البريد الإلكتروني ومنتدى العائلة والدردشة وجميعها خاصة بأبناء الأسرة. وهناك خدمات معلوماتية مثل شجرة العائلة وبيانات بجميع أفراد العائلة ومختلف الأخبار المتنوعة عن العائلة ولقاءاتها السنوية ومواعيدها، إضافه إلى دليل حول أفراد الأسرة وعناوينهم وأرقام هواتفهم في مختلف مدن المملكة وحول العالم.

اما الدكتور منير الحموي ـ متخصص في علم الاجتماع ـ فيقول عن هذه الظاهرة «إن التطور سمة ولعل استخدام التقنية في زيادة التواصل والتلاحم أضحت ذات معنى شمولي أوسع وأعم لكونها عالمية، ولا ضير في استخدام هذه الوسيلة أو غيرها من الوسائل الحديثة في زيادة التقارب والتواصل لترسيخ القيم الفاضلة في نفوس الأجيال وإشاعة مبدأ الحب والتسامح وتطويعه للتقنية، ويجب أن يتم في رؤية وضمن فكر منفتح نحو بقية أفراد مجتمعه والمجتمعات الأخرى والابتعاد عن بث روح الكراهية والعداوة وترسيخها بإثارة النعرات والعصبية والتفاخر لأنها في الأساس صفات نهى الدين الإسلامي عن ارتكاز أي فرد أو جماعة عليها في دفع مظلمة أو جلب منفعة.