برنامج للكشف عن الأمراض الوراثية لإنقاذ 500 مولود من خطر الإعاقة في السعودية

TT

تعد الإعاقة بين الأطفال في السعودية من ابرز التحديات التي تواجهها وزارتا الصحة والشؤون الاجتماعية إضافة إلى الجهات المساندة مثل جمعية الأطفال المعوقين ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة والجمعيات الخيرية، إذ تنفق السعودية 27 ألف دولار سنويا على كل معاق، ويقدر تعدادهم 88 ألف.

وتعد الخطوة التي اقدم عليها مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الرامية إلى الكشف المبكر لحديثي الولادة عن أمراض التمثيل الغذائي الحلقة الأولى للتخفيف من أعداد المعاقين بغية الوصول في النهاية إلى مواليد خالين من أمراض الإعاقة، ما يخفف من معاناة الأسر إضافة إلى توفير نفقات طائلة يمكن تفاديها. وقال الدكتور محمد راشد رئيس مختبر الكشف عن الأمراض الوراثية في مستشفى الملك فيصل التخصصي الذي يرأس فريق هذا البرنامج في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الكشف المبكر للمرحلة الأولى سيغطي 75 ألف مولود ما يشكل نسبة 20 في المائة من أجمالي المواليد في السعودية على أن يشمل خلال 5 أعوام المقبلة كافة المواليد، ويهدف من خلاله الحد من الإعاقة. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هي المنطلقات العلمية التي بني عليها برنامج الكشف المبكر لحديثي الولادة؟

ـ بعد تشخيص العديد من الحالات التي ترد إلى «مختبر الكشف عن الأمراض الوراثية» تبين أن هناك بعض الأمراض المتعلقة بالطفرة الجينية الموجودة لدى الأبوين تنتقل الى الأطفال المصابين وتسبب بعض الإعاقات، مثل: التخلف العقلي أو الخلل في وظائف الأعضاء منها الكبد والكلى. ونظرا لتزايد تلك الحالات رأى مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ضرورة التدخل العلاجي المبكر لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأطفال من الإصابة بالإعاقات المختلفة.

* يلاحظ بأن برنامج الكشف المبكر اقتصر على 15 مرضا فقط، لماذا؟

ـ من الممكن اكتشاف 20 أو 30 مرضا، ولكن اختيار هذا العدد يرجع تقديره إلى قدرة التحاليل الأولية على إظهار أي من هذه الأمراض عند المولود بشكل سريع جداً خلال الـ72 ساعة الأولى من عمر الطفل. إضافة إلى أن هذه الأمراض المحددة لها تدخل علاجي واضح وإيجابي في ذات الوقت، كما أن هذا البرنامج يهدف، في المحصلة النهائية، إلى الكشف على المواليد في السعودية بشكل عام والذي يقدر بنصف مليون مولود سنويا. مع العلم أن تحديد هذه الأمراض أسلوب علمي متبع في أغلب الدول المتقدمة.

* ما الإجراءات العلمية أو العملية التي ستتبع للكشف المبكر عن هذه الأمراض؟

ـ الآلية التي سوف تتبع في برنامج الكشف المبكر ستكون على النحو التالي: أولا: سحب عينة بسيطة من الدم، عبارة عن نقاط محدودة جدا تؤخذ من كعب الطفل وتوضع على ورق ترشيح من نوع خاص ثم تجفف وترسل إلى المختبر ليتم تحليلها للكشف عن وجود أحد الأمراض الـ15، وهذا ما يعرف بالمسح أو الكشف المبدئي.

ثانيا: التعرف على وجود المرض عن طريق ظهور بعض الأحماض الأمينية العضوية الدهنية بنسبة عالية.

ثالثا: بعد التحقق من وجود المرض يتم إرسال تقرير إلى المستشفى المشارك في إجراء الكشف على الطفل للحصول على عينات إضافية للتأكد من وجود المرض فعلا.

رابعا: يتم سحب العينات الإضافية بشكل دقيق جدا من الدم أو البول حسب نوع المرض الذي تم اكتشافه أثناء التحاليل الأولية. اخيرا: تبدأ عملية التدخل العلاجي بإشراف المستشفى الذي يوجد فيه الطفل.

* هل سيتم تطبيق برنامج الكشف المبكر لحديثي الولادة؟

ـ يفترض أن يبدأ تطبيق البرنامج في المرحلة الأولى من خلال عدد محدود من المستشفيات سيتم اختيارها لتمثل إلى حد ما جميع المناطق. ونعتزم أن نغطي خلال هذه المرحلة 75 ألف مولود بمعنى الكشف على 20 في المائة فقط من إجمالي عدد المواليد في المملكة الذي يقدر بنصف مليون مولود سنوياً. وسيشمل البرنامج جميع الأطفال السعوديين خلال 5 أعوام المقبلة، في حين نتطلع إلى تطبيق الفحص على الأطفال حديثي الولادة بشكل إلزامي في جميع المستشفيات بناء على توجيه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الذي يعد الإدارة المركزية لهذا البرنامج.

* ما هي أبرز الميزات التي يشتمل عليها هذا البرنامج؟

ـ هذا البرنامج له العديد من المزايا، أذكر منها: الحد من نسب الإعاقة من خلال الكشف والتدخل المبكر لعلاجها عن طريق عينات الدم المأخوذة من الأطفال، والحد من تكاليف الإنفاق على المعاق، إذ تقدر تكاليف الإنفاق على الطفل الواحد بـ100 ألف ريال (26.6 ألف دولار) سنويا، والتعرف على الأسر الحاملة وراثيا لمرض ما أو لبعض الأمراض، ومن خلال ذلك نستطيع تحديد موقع الطفرة من الخريطة الجينية بشكل دقيق بحيث يمكن التعرف على الأطفال الحاملين لهذا المرض.

* هل هناك عوائق تواجهكم في تنفيذ هذا البرنامج في الوقت المحدد له؟

ـ تبني مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة لهذا المشروع ذلل أغلب الصعوبات التي قد تواجهنا في تنفيذه خاصة الجوانب المادية التي يتطلبها تمويل مثل هذا المشروع العملاق. اما العوائق الفنية وقلة الكوادر البشرية المدربة تبرز مشكلة أساسية نظرا للتقنية العالية المستخدمة والجيدة بشكل نسبي، وعلى الرغم من ذلك كله نعد في صدر الريادة في هذا المجال، إذ انه حتى في الدول المتقدمة توجد ندرة في الكفاءات العاملة في مثل هذه البرامج. كما تبرز الحاجة أيضا إلى كوادر مدربة في مجال علاقات المرضى لإقناع الأسر بخطورة هذه الأمراض رغم البدء في برامج لتدريب بعض الكوادر البشرية الملمة بماهية هذه الأمراض والسبل الكفيلة بالحد من ظهورها.