المتطرفون من قادة الليكود يهددون بانتفاضة على شارون إذا أصر على خطة الفصل مع الفلسطينيين

TT

هدد تسعة اعضاء كنيست من حزب الليكود، مدعومين من عدة وزراء في الحكومة، بالتمرد على زعامة رئيس الوزراء، ارييل شارون، واعلان «انتفاضة» على سلطته، اذا استمر فيما اسموه «تحدي اعضاء الليكود الذين صوتوا باكثريتهم في الاستفتاء ضد خطة الانفصال عن الفلسطينيين» واصر على طرحها على الحكومة في جلستها بعد غد.

وقال النواب التسعة انهم سيصبحون في حل من الالتزام بقرارات الائتلاف الحكومي في الكنيست، وسيصوتون ضدها.

وكان بعض هؤلاء قد رفعوا دعوى الى محكمة الليكود الداخلية ضد شارون، يطالبون فيها بأن تلزمه بالانصياع لارادة اعضاء الحزب واسقاط هذه الخطة. وانضم بعضهم الآخرالى النشاطات التي يقوم بها قادة المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة، الذين بدأوا يتظاهرون امام بيت شارون وعدد من الوزراء المؤيدين له او المترددين في دعمه، حتى يغيروا مواقفهم ويحسموا باتجاه الالتزام بارادة الليكود.

في المقابل، يدير شارون ورفاقه معركة مضادة لكسب اكثرية وزراء الليكود. فواصل أمس، اجتماعاته بالوزراء المترددين وبرز بينهم وزير المالية بنيامين نتنياهو، ووزير الزراعة يسرائيل كاتس، ونقل عن لسانيهما انهما قد يؤيدان الخطة، اذا جلبت للحكومة بعد غد بالمرحلة الاولى فيها فقط، وهي اخلاء 3 مستوطنات نائية داخل قطاع غزة. علما بأن شارون ينوي طرح الخطة بمجملها، مؤكدا الالتزام بأن يبدأ حاليا بتطبيق هذه المرحلة فقط، على ان يطرح المراحل الثلاث المتبقية مرة اخرى وكل مرحلة على حدة عند حلول موعد تطبيقها.

ومن الواضح ان شارون سيكسب اكثرية في الحكومة، بشكل مضمون، اذا طرح المرحلة الاولى وحدها. وحسب مصدر مقرب منه فانه مضطر الى تمرير كل الخطة، بناء على طلب الادارة الاميركية. فهي ترى ان شارون يماطل حتى الآن في اقرار الخطة وبدء تطبيقها. وهذا يحرج الرئيس الاميركي، جورج بوش، امام خصومه وامام العالمين الغربي والعربي عشية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

وكان شارون قد سلم، امس، نسخة من خطته المعدلة للانفصال عن الفلسطينيين، الى جميع وزرائه. كما ارسل نسختين منها الى الرئيس المصري، حسني مبارك، والعاهل الاردني الملك عبد الله بن الحسين. وتشتمل الخطة على اربع مراحل على النحو التالي:

* المرحلة الاولى: الانسحاب من 3 مستوطنات نائية في قطاع غزة هي: نتساريم وموراغ ورفح يام، وهي في المناطق المنعزلة في الشمال وفي الوسط وفي الجنوب. وتنفذ هذه المرحلة في غضون 4 أشهر.

* المرحلة الثانية: الانسحاب من منطقة شمال الضفة الغربية (من نابلس جنوبا الى جنين شمالا وطولكرم غربا) وازالة 4 مستوطنات يهودية فيها هي: غنيم، كديم، حومش، وشنئور. وتنجز هذه المرحلة بعد شهرين من انتهاء المرحلة الاولى.

* المرحلة الثالثة: الانسحاب من غالبية قطاع غزة، والمستوطنات القائمة في الوسط وفي الجنوب وتعرف باسم «غوش قطيف» على مشارف رفح و«كفار داروم» شرقي دير البلح.

* المرحلة الرابعة والاخيرة: الانسحاب من المستوطنات الثلاث الباقية في شمال قطاع غزة: نيسنيت وألي سيناي ودوغيت.

وسيبقى الجيش الاسرائيلي في الشريط الحدودي (ممر فيلادلفي) الممتد على طول الحدود الدولية بين فلسطين ومصر. وسيظل مسيطراً على الاجواء والميناء والمعابر الحدودية.

وادخل شارون تعديلات على خطته الاصلية، فبالاضافة الى التقسيم على مراحل، قرر منع العمال الفلسطينيين من العمل في اسرائيل، وقرر هدم البيوت الخاصة في المستوطنات والكنس، والابقاء فقط على المدارس والمباني العامة. واسقط من النص المعدل لخطته ذكر مبدأ الدولتين للشعبين. وكان من المفروض ان يضاف اليها ملحق عسكري، يضعه الجيش، ويتناول فيه الاجراءات العسكرية والامنية للخطة والتي يحدد فيها حدود البقاء خارج القطاع ومتى يعود لاحتلاله او لتنفيذ عمليات اغتيال ومصادرات فيه. لكن الجيش لم يسلم شارون هذا الملحق، بدعوى انه لم ينجز بعد بشكل نهائي. ويرى المراقبون هذه المماطلة جزءا من سياسة الجيش غير المتحمسة لخطة شارون وقراره ان لا يشكل هذا الملحق مبعثا للاطمئنان لدى الوزراء المترددين «فالجيش لا يريد ان يكون شريكا في الجهود لاقناع الوزراء المترددين بقبول هذا الخطة على حد قول احد كبار الجنرالات.

ومن الامور التي يعتمدها شارون، للاقناع بخطته، اضافة الى استخدام الموقف الاميركي، استطلاع رأي جديد بثت نتائجه اذاعة «صوت اسرائيل» بالعبرية، أمس. ودل على ان 60 % من الجمهور الاسرائيلي يؤيدون خطة شارون المعدلة (علما بأن 71 % ايدوا خطته الاصلية، التي كان مقررا تنفيذها دفعة واحدة بلا مماطلة وبلا تسويف).

والجديد في الاستطلاع ان نسبة مصوتي الليكود بين المؤيدين ارتفعت الى 47 %، مقابل 31 % يعارضونها.

ولوحظ ان نسبة عالية من الجمهور الاسرائيلي (48%)، من اليمين واليسار على السوء، تريد ان تنفذ خطة الفصل بأيدي حكومة اليمين المتطرف بزعامة شارون. فقد أعرب هؤلاء عن رغبتهم في ان تستمر الحكومة الحالية بعد اقرار المرحلة الاولى من الخطة وعارضوا انسحاب حزب المفدال او احزاب الاتحاد القومي من الحكومة.

ويؤكد المراقبون ان الازمة الائتلافية في حكومة شارون باتت امرا حتميا. حيث ان احزاب الاتحاد القومي اعلنت انها لن تبقى دقيقة واحده في الحكومة بعد اقرار خطة الفصل، كاملة او جزئية. وأفتى الرئيسان الروحيان لحزب المستوطنين المفدال، والحاخام مردخاي الياهو، والحاخام ابراهام شبيرا، بانسحاب الحزب من الحكومة فور اقرار الخطة، كاملة او جزئية. وفشلت محاولات وزير العمل والرفاه، زبولون اورليف، لاقناعهما بأن مصلحة الحزب تكمن في البقاء في الحكومة «حيث ان خروجنا سيؤدي الى دخول حزب العمل للحكومة. وعندها ستتم ازالة المزيد من المستوطنات».

وخروج هذين الحزبين من الائتلاف يعني سقوط الحكومة في اول امتحان لنزع الثقة. ومع ان هذا الاحتمال يبدو مفضلا لدى شارون خصوصا انه بات رغبة أميركية صريحة، الا ان خصومه في الليكود بدأوا يتحدثون عن إحداث متاعب له على هذا الطريق. فبالاضافة الى التمرد والانتفاضة، ذكر امس ان وزير المالية، بنيامين نتنياهو، يطرح نفسه منافسا لشارون على رئاسة الحكومة في هذه الحالة. وقد اعلن المقربون منه ان نتنياهو يستطيع اقامة حكومة ثابتة اكثر من حكومة شارون، ومناسبة لليمين وسياسته اكثر من سياسة شارون. وهذه الحكومة ستكون مؤلفة من الليكود (40 نائبا) وحزب اليهود الشرقيين المتدينين، شاس (11 نائبا) وحزب اليهود الاشكناز (الغربيين) المتدينين يهودت هتوراه (5 مقاعد) وحزبي المفدال (6 مقاعد) والاتحاد القومي (7 مقاعد)، اي ما مجموعه 69 نائبا (للائتلاف اليوم 68 مقعدا).

ومع ان نتنياهو نفى ان يكون قد طرح مثل هذا الاحتمال امس، إلا ان احدا لا يستبعده البتة.