انهيار الموسم الزراعي في غزة بسبب عمليات الجرف الإسرائيلي وحصار الاحتلال

TT

استشاط الشاب غضباً، وأخذ يلقي بصناديق البندورة (الطماطم) والخيار المحملة على العربة التي يجرها حمار على الأرض، وذلك اثر جدال مع مجموعة من اهالي احد الاحياء في معسكر المغازي للاجئين، وسط قطاع غزة حول اسعار ما يعرضه من خضر. وما دفع خالد، 23 عاما، المزارع الذي يقطن في محيط المخيم، الى هذا الحد من الانفعال، هو ان الاهالي رفضوا دفع 4 شواكل، اي اقل من دولار (الدولار يساوي اربعة شواكل ونصف الشيكل)، ثمن الصندوق الواحد من الطماطم او الخيار. وعرضوا عليه أن يبيع الصندوق بشيكلين.

ويقول خالد ان الصندوق الواحد من الطماطم كلفه اكثر من عشرة شواكل، ومع ذلك استعد لبيعه بمبلغ الاربعة شواكل، حتى يحاول ان يسترد بعض ما استثمره في زراعتها، منوها الى انه لا يضع في الحسبان العمل المتواصل الذي قام به وافراد عائلته حتى حان قطف المحصول. ويضيف «أن يأتي أحد ويطالبك بأن تبيع الصندوق بشيكلين، فهذا يخرجك عن طورك».

ما يشكو منه خالد من انخفاض اسعار منتوجهم، هو ما يشكو منه جميع المزارعين في قطاع غزة، والسبب في ذلك يرجع أساساً الى رفض سلطات الاحتلال السماح لمزارعي القطاع بتسويق منتوجاتهم في اوروبا والعالم العربي.

حتى قبل عامين كان المنتوج الزراعي للقطاع يسوق في عدد من الدول العربية عبر الاردن، وحتى في الاتحاد الاوروبي عبر شركة التسويق الزارعي الاسرائيلية الرسمية «ادرسكو»، لكن سلطات الاحتلال وفي نطاق العقوبات الجماعية التي تفرضها على القطاع منعت تصدير المنتوجات الزراعية للخارج، علما بان عوائد الزراعة كانت تشكل ثلث الدخل في قطاع غزة. وقضى الحصار على التعدد في الانتاج الزراعي، فقد كانت منطقة شمال قطاع غزة مشهورة بزراعة الزهور، وكان ناتج المنطقة يتم تصديره الى اوروبا، لكن حظر تصدير الزهور، فضلا عن قيام سلطات الاحتلال بتجريف مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية قضى على هذا النوع من الزراعة، وكذلك الحال مع الفراولة (الفريز)، التي تقلص انتاجها الى حد كبير، ومما ضاعف من اوضاع المزارعين صعوبة وتعقيدا هو عزل مناطق القطاع عن بعضها البعض، واصبح من المتعذر انتقال المحاصيل الزارعية بين «الكانتونات»، التي توجدها حواجز جيش الاحتلال العسكرية.

كساد الزراعة وتدني مردوداتها دفع عددا كبيرا من المزارعين الى بيع اراضيهم الزارعية لسكان المدن والمخيمات من اجل الوفاء بالمتطلبات التي عليهم. وهناك عدد اخر من المزارعين انصرف للعمل في مهن اخرى. وهناك مشكلة اخرى تواجه المزارعين وهي ان جميع الاراضي الزارعية الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات لا تتم فلاحتها، بسبب الخوف من رصاص جنود الاحتلال، كما حدث مرات عديدة، وهذا ما يسهل على المستوطنين الزحف لضم هذه الاراضي الى نفوذ مستوطنتهم.

وتكفي هنا الاشارة الى ما حصل للاراضي الزراعية المحيطة بمستوطنة نيتساريم، التي تضاعفت خلال انتفاضة الاقصى بسبب زحفها في كل الاتجاهات على حساب الارض الفلسطينية.