مشاركة الجنوبيين في 40 حكومة سودانية منذ الاستقلال لا تتعدى وزيرين لكل حكـومة

TT

كان قدر الوزير السوداني الجنوبي «بوث ديو» صعباً، كما يليق بصعوبة اقدار اهله من الجنوبيين في شأن المشاركة في السلطة في السودان. وهو القدر الذي ابقاهم تاريخياً في «وزارة الحيوانات» على حد تعبير زعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق. كان ديو بمثابة المثال الحي لضالة مشاركة الجنوبيين في تشكيلة الحكم المركزي في السودان. التشكيلة الممتدة من المواقع السيادية مروراً بالوزارات نزولاً الى الوزارات الخدمات وقيادات الخدمة المدنية. وكلما تشكلت في فترة الستينات حكومة يجئ به الى وزارة «الحيوانات»، والتي تسمى الآن وزارة الثروة الحيوانية، حتى آثار هذا القدر المحتوم سخرية كاتب جنوبي يرأس تحرير مجلة تصدر بالانجليزية، فكتب مقالا عنوانه: (Both Back to the animals) ومعناها الظاهري ان «بوث» يعود الى وزارة الحيوانات. وبالطبع هناك أكثر من تفسير لكلمة «بوث» التي وضعها الكاتب بين معقوفين بما يعزز السخرية. وافرزت حالة عدم التوازن في المشاركة في السلطة بين الشمال والجنوب، وما صاحب ذلك من تراكمات، حركات تمرد مسلحة وغير مسلحة انهكت الحكومات الشمالية. وبرصد نسب التمثيل للجنوبيين في حكومات السودان المختلفة تكاد تكون بمتوسط وزيرين في كل حكومة مرت على السودان منذ استقلاله حتى الآن غير ان ذلك التمثيل كان في وزارات محددة لم يكن من بينها وزارة المالية، ووزارة الدفاع فيما اتيحت الفرصة لفرانسيس دينق بان يكون وزيراً بالخارجية في عهد نميري من فبراير (شباط) 1976 حتى يوليو (تموز) 1978، ولكلمنت اميورو ليتولي وزارة الداخلية في حكومة سر الختم الخليفة عام 64 ـ 1965. ويبين الرصد المتداول لاكثر من 40 حكومة وتعديل وزاري ان حظوظ ابناء الجنوب في الوزارات لا يتعدى حقيبتين او ثلاثا في كل تشكيلة، كما ان الوزارات المعروفة للجنوبيين هي، المخازن والامدادات، والنقل الميكانيكي، والثروة الحيوانية، والمواصلات والاشغال والثروة المعدنية، والزراعة والغابات واستثمار الاراضي، والري والقوى الكهربائية المائية، والعلم والتعاون، الصناعة، الصحة، والاعلام ووزارة شؤون الجنوب. ويكشف الرصد ان 20 حكومة وتعديل لم يتم فيها تمثيل ابناء الجنوب الا بوزيرين في 11 منها، وبثلاثة وزراء، في ثلاث حكومات. ولم يمثل الجنوبيون في اربعة تعديلات في الفترة من يوليو 1978 حتى 1982، علماً بأن نميري اجرى اكثر من 20 تعديلاً وزارياً في فترة الـ«16« سنة التي حكم فيها. وفي اول حكومة منتخبة بعد انتفاضة ابريل 1985 التي شكلت في عام 1986 مثل فيها الجنوبيون بأربعة في وزارات الرى والحكومات المحلية، والنقل والمواصلات والعلم والخدمات العامة، ثم لم تلبث وان تقلص ذلك العدد الى ثلاثة والى اثنين في التعديلات التي تلتها ليعود التمثيل شبه الثابت وهي جنوبيان في كل حكومات. وبوجه آخر فان الارقام المرصودة تقول ان الجنوبيين حصلوا في الفترة من 1954 وحتى 1964 على «12» منصباً مركزياً من جملة «73» منصباً اي بنسبة 7.23% ومن 64 ـ 1969 وهي فترة الديمقراطية الثانية في السودان، كان نصيب الجنوب 14 منصباً من 81 اي بنسبة 3.17%، ومن 69 وحتى 1985 اي فترة حكم الرئيس الاسبق جعفر نميري حصل الجنوبيون علي 9 مناصب وزارية من جملة 100 بنسبة 8.7%. وفي عهد الحكم العسكري الانتقالي الذي خلف نميري 1985 وحتى 1986 كانت جملة المناصب المركزية العليا 30، نصيب الجنوبيين منها 5 مناصب. وفي عهد حكومة الصادق المهدي المنتخبة 86 ـ 1989 شغل الجنوبيون 5 مناصب وزارية من جملة 85 اي نسبة 9.12%.

اما في عهد الرئيس عمر البشير الذي جاء بعد انقلاب عسكري في يونيو (حزيران) 1989 اختلف الوضع كما تقول الارقام اذا حصل الجنوبيون على 3 مناصب في عضوية مجلس قيادة الثورة. ومنذ 1989 وحتى عام 1999 كانت جملة المناصب الوزارية 202 منصب شغل الجنوبيون 30 منصباً. وفي التشكيلة القائمة الآن يشغل الجنوبيون منصب النائب الثاني لرئيس الجمهورية وهو الدكتور موسس مشار، وخمس وزارات مركزية وهي: العمل والطيران والكهرباء والثروة الحيوانية ووزير بمجلس الوزراء بالاضافة الى 4 وزراء دولة في وزارات: الخارجية ومستشارية السلام والمالية والصحة، كما يشغل الجنوبيون وظيفة مستشار في 16 ولاية شمالية هي جملة الولايات بالشمال. وفي عهد حكم الرئيس البشير يصعد جنوبي لاول مرة الى منصب رفيع في البرلمان حيث جرى تعيين ألسون مناني مقايا نائباً لرئيس المجلس الوطني «البرلمان«. ويشغل انجلو بيدا نائباً لرئيس المجلس أحمد إبراهيم الطاهر.