اقتراب موعد إحالة ملف صهر وزير داخلية المغرب الأسبق على القضاء لمحاكمته بتهم الاختلاس واستغلال النفوذ

TT

أكدت مصادر قضائية مغربية أن السلطات القضائية تحضر في الوقت الراهن لإحالة عبد المغيث السليماني، عمدة الدار البيضاء السابق، وصهر وزير الداخلية المغربي الاسبق، ادريس البصري، على محكمة الاستئناف في الدار البيضاء لمحاكمته.

ويخضع السليماني للتحقيق معه من طرف قاضي التحقيق في محكمة العدل الخاصة بالرباط حول تهم بشأن ارتكابه «جرائم استغلال النفوذ واستخدام وثائق مصرفية و تجارية وإدارية مزورة واختلاس أموال عمومية في الفترة التي كان يشغل فيها منصب عمدة الدار البيضاء في سنوات التسعينات من القرن الماضي».

وكان مجلس النواب المغربي قد صادق أمس على إلغاء محكمة العدل الخاصة، مما سيؤدي الى إحالة الملفات الكبرى المعروضة حاليا عليها على محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، التي من المرتقب، حسب الخبراء القانونيين المغاربة، أن يعود إليها الاختصاص المكاني في العديد من القضايا المعروضة الآن على محكمة العدل الخاصة، ومن بينها قضية صهر وزير الداخلية الاسبق ومن معه.

ولم تستبعد المصادر أن يتم استدعاء البصري نفسه، الذي يوجد حاليا في فرنسا للاستماع أو التحقيق معه حول الملفات التي تورط فيها صهره وبعض رجال السلطة الذين كانوا يخضعون لوزارته.

وبدأت متابعة صهر البصري على أثر شكوى تقدم بها مستثمر سويسري أمام مصالح الأمن المغربي في الدار البيضاء قبل سنتين، ولم يتم أخدها بعين الاعتبار إلا بعد تحرك مصالح الشرطة القضائية التابعة للفرقة الوطنية التي باشرت أول تحقيقاتها في الموضوع مع بداية السنة الجارية.

وكشفت التحقيقات الأولية عن مفاجآت كثيرة بسبب ورود أسماء جديدة لها علاقة بشبكة السليماني وعبد العزيز العفورة، المحافظ الاسبق لمحافظة عين السبع في الدار البيضاء.

و لم تفصح المصادر عن هوية هذه الأسماء، واكتفت بالتأكيد أنها تنتمي لعالم الأعمال و السلطة.

وقالت المصادر القضائية المغربية إن التحقيقات مع أعضاء شبكة السليماني والعفورة المكونة من 18 مشتبها فيهم، 10 منهم متابعون في حالة اعتقال بالسجن المدني بسلا، وصلت لمرحلة الاستنطاق التفصيلي من طرف قاضي التحقيق بمحكمة العدل الخاصة في الرباط، الذي يجري مواجهات منتظمة بين جميع المتابعين قبل أن يحيل الملف على النيابة العامة.

واعتبرت المصادر ذاتها أن من بين المتهمين الرئيسيين هناك العفورة المتهم ايضا باستغلال النفوذ والمشاركة في استخدام وثائق إدارية مزورة.

وقالت المصادر القضائية إن قاضي التحقيق اتخد مجموعة من الاجراءات القضائية بهدف تجميد جميع الممتلكات المالية والعقارية للمتهمين الرئيسيين في الملف وأفراد عائلاتهم الذين منعوا من مغادرة التراب المغربي إلى جانب المتهمين المتابعين في حالة سراح.

وكشفت التحقيقات الأولية التي أجراها الامن المغربي أن السليماني كان يستعين ببعض موظفي مصرف كانوا يسهلون له عملية تمرير بعض التحويلات المالية المشبوهة لفائدة شركات خاصة تابعة له أو تعمل لفائدته.

وحسب بعض البيانات المتوفرة فإن السليماني، بمساعدة أحد موظفي المصرف، قام بتحويل مبلغ 3.92 مليون درهم لفائدة شركة «صوميبي»، التي يملكها بوجمعة اليوسفي أحد المتهمين المتابعين في هذا الملف، وهي الشركة التي عهد إليها بإنجاز أشغال النجارة الخاصة بمشروع المجمع العقاري والاجتماعي «أولاد زيان» رغم أنها لم تقم بإنجاز الأشغال المتعلقة بنفس المشروع في شطريه الأول والثاني.

وكشف المستثمر السويسري فيكتور لوفات، الذي كان وراء تفجير ملف صهر البصري ومن معه، في شكواه التي تقدم بها للأمن المغربي، أنه تعرض لضغوطات من طرف السليماني ومن معه، من أجل الاقتراض وإعطاء شيكات للضمان والتزوير في محررات تجارية واستعماله ليوفر لهم الأموال الإضافية الضرورية للتغطية على الأفعال الإجرامية الخطيرة التي قاموا بها، الشيء الذي ادى الى اعتقاله من أجل إصدار إحدى شركاته شيكا بدون رصيد، وقضائه مدة سنتين في السجن.

وقال لوفات في شكواه إن العفورة والسليماني قاما بالتدخل لدى مسؤولين نافذين بوزارة الداخلية المغربية الذين أصدروا أوامر لرفع العقوبة التي قضت بها المحكمة الابتدائية للدار البيضاء، من سنة إلى سنتين في محكمة الاستئناف في قضية رفعها الدائنون على السويسري بعد عجزه عن الأداء لعدم توصله بمستحقاته، إثر امتناع السليماني عن أدائها رغم إنجازه كافة الأشغال التي كلفه به.

وذكر لوفات في شكواه أن فترة الاعتقال سببت له مشاكل مالية أخرى كان من نتيجتها فتح اجراءات التسوية القضائية في حق إحدى شركاته، وضياع إحدى وحداته الفندقية في أغادير وجميع ممتلكاته وعقاراته وأثاثه وتم حجزها وتكبد خسارة تزيد على 10 ملايين درهم (مليون دولار) اضافة الى خسائر أخرى تكبدها في كل من سويسرا والمغرب رفقة زوجته التي رغبت في مساعدته.

وكشفت المصادر لـ «الشرق الأوسط» ان هناك العديد من الصفقات المشبوهة التي كان السليماني والعفورة يقفان وراءها لتحقيق مآربهما الشخصية. وأوضحت أن الصفقة المتعلقة ببناء مجمع أولاد زيان قد أسند شطرها الأول لأحد المحسوبين على رئيس الجماعة الحضرية (بلدية الصخور السوداء)، عبد المغيث السليماني، واسمه بوجمعة اليوسفي، الذي يتابعه قاضي التحقيق بمحكمة العدل الخاصة في حالة اعتقال، مقابل مبلغ 54.63 مليون درهم (5.46 مليون دولار).

وحسب الشكوى فإن السليماني أضاف له مبلغا ثانيا بقيمة 18.07 مليون درهم (1.8 مليون دولار)، وبمجرد مصادقة وزارة الداخلية على هذه الصفقة، وإعطاء أمر للمقاول بالشروع في العمل أخدت البلدية تحول المبالغ إلى اليوسفي حتى من دون ان ينجز الأشغال المتفق عليها في البيانات المؤقتة التي يجب أن تتضمن جردا مفصلا لكل الأشغال، والمستوى الذي وصلت إليه، وثمنها ،والمصاريف التي تم دفعها، والمبلغ الذي يجب دفعه بصفة مؤقتة، وهي بيانات يجب أن تحمل توقيع وخاتم المقاولة المكلفة الأشغال والمهندس المعماري ومكتب الدراسات والمصالح التقنية للبلدية ورئيس البلدية، ويجب أن تكون معززة بالكشوفات الحسابية المتعلقة بالأشغال المنجزة يتولى إعدادها فني مقبول من طرف المهندس المعماري، وتكون مرفقة بصور فوتوغرافية للأشغال التي تم إنجازها ومواقعها، ويجب ان تحمل تاريخ التقاطها وخاتم المقاولة المعنية بالامر.

وتبين في ما بعد أن السليماني كان يقوم بتسديد قيمة أشغال وهمية لم يتم إنجازها بصفة فعلية ولا حتى الشروع في إنجاز بعضها، وذلك اعتمادا على بيانات مؤقتة ونهائية وكشوفات حسابية مزورة.

وعملية تسديد هذه المبالغ، حسب بعض المصادر، لا يمكن أن تتم إلا باتفاق جميع الأطراف المتدخلة في الموضوع.

وبعد حصول اليوسفي على المبالغ المالية مقابل إنجازه أشغالا وهمية، عاد للظهور مرة ثانية وحصل على صفقة الشطر الثاني من مشروع مجمع أولاد زيان، وحصل على مبلغ 48.51 مليون درهم (4.85 مليون دولار) ولم ينجز أيا من التزماته.

ولم يكتف اليوسفي بهذه الصفقة بل حصل على صفقة ثانية تمثلت في مشروع بناء مجمع سكني وعقاري اجتماعي بمنطقة الفوارات، وحصل على مبلغ 21.45 مليون درهم (2.14 مليون دولار) وحول له السليماني المبلغ كاملا من دون أن ينجز أي مرحلة من مراحل الأشغال الخاصة بالمشروع.

وثبت أن البيانات المؤقتة الخاصة بالمشروع والتي سدد على أساسها المبلغ المذكور، لا تحمل توقيع المقاول اليوسفي، وأصبح السؤال المطروح «من هو المستفيد الحقيقي من تلك المبالغ، هل هي المقاولة نفسها ام بعض المسؤولين في البلدية الذين استعملوا وثائق المقاولة التي سلمت لهم موقعة على بياض، كما كان العمل به جاريا مع مختلف المقاولات التي اشتغلت في مشروع اولاد زيان والفوارات ومن ضمنها مقاولات المستثمر السويسري؟».