دبلوماسي ألماني في ديوانية سعودية يناقش قضايا الثقافة والحوار والبيروقراطية

توماس شنايدر: 39 طالباً سعوديا فقط في ألمانيا والمملكة في المرتبة 128 في عدد الطلاب

TT

بلغة عربية طليقة، وجد دبلوماسي ألماني، يعمل مستشارا للشؤون السياسية والثقافية في سفارة بلاده في الرياض نفسه في ديوانية سعودية يروج لمشروع ثقافي الماني ضُخت فيه الحياة أخيراً، ويتجه لمخاطبة المثقفين العرب والسعوديين ومحاورتهم ضمن مرحلة جديدة من التوجه الألماني نحو الشرق الأوسط والعالم الاسلامي، ضمن مجموعة من الفعاليات الثقافية التي تهدف إلى توطيد العلاقة بين الطرفين.

في ديوانية جعفر الشايب، بالقطيف، إلتقى المستشار السياسي والثقافي بالسفارة الألمانية في الرياض توماس شنايدر مساء أول من امس، جمهوراً سعودياً لا يحمل «ضغينة» أو أحكاماً مسبقة على السياسة الألمانية، ويشعر بارتياح من الموقف الألماني تجاه الحرب في العراق، لذلك وجد الدبلوماسي نفسه مندفعاً للترويج لمشروع الحوار الحضاري، والتعالي على جروح الحادي عشر من سبتمبر، مستفيداً من توظيف الموقف السياسي لبلاده في تدعيم الحوار مع العالم العربي. تحدث شنايدر في لقائه حول اهتمامات الملحقية الثقافية في السفارة الالمانية، مؤكدا على انشغالها بتعريف الثقافة الاوروبية إلى المجتمع المدني في السعودية إلى جانب اهتمامها بقضايا حقوق الانسان ودعم فكرة المجتمع المدني، وهو نشاط يمثل برأيه الشعب والحضارة الالمانية، وليس نشاطا حكوميا، لذلك يتم الاستفادة في هذه الانشطة من جهات غير حكومية كمعهد غوته، الذي يقدم دورات لتعليم اللغة الالمانية بالرياض وجدة.

وتحدث كذلك عن مجموعة إجراءات اتخذتها الحكومة الألمانية لتوطيد التقارب مع العالم العربي بينها إنشاء وحدة في وزارة الخارجية تأسست أخيراً تُعنى بالحوار مع العالم العربي. وصدر عنها كتاب «الإسلام والغرب» باللغات الألمانية والانجليزية والعربية، وكتبه مجموعة من الكتاب من جنسيات عدة مثل ماليزيا وباكستان، ويهتم الكتاب بتصحيح الصورة النمطية لكلا الطرفين.

واشتكى المستشار الثقافي الألماني من أن جهودهم في توطيد التواصل الثقافي مع المملكة تصطدم بجملة من القيود البيروقراطية التي تعيق القيام بأنشطة ثقافية، مشيراً في هذا الصدد إلى صعوبة تنظيم فعاليات ثقافية أو محاضرات أو دورات لتعقد الإجراءات. واشار إلى وجود اتفاقية تعاون ثقافي بين المانيا والسعودية منذ عام 1987، وقع عليها الممثل عن وزارة الخارجية الالمانية، بينما لم يوقع الجانب السعودي على الاتفاقية حتى الآن، وهو يتطلع إلى تطوير العمل الثقافي المشترك مع انشاء هيئة العليا للثقافة التي ابدى عدد من اعضائها اهتماما بهذا الشأن. كما ان هناك اتفاقية رسمية موقعة بين معهد علم الآثار الالماني والجهات السعودية ممثلة في هيئة السياحة للبدء في البحث في منطقة «تيماء» الاثرية وذلك ضمن مشروع يمتد إلى خمس سنوات.

ويرى شنايدر بأن هنالك رغبة في التوسع في مجال تقديم النشاطات الثقافية في السعودية، غير ان المعوقات التنظيمية كثيرا ما تعوق من دون تحقيق ذلك، إضافة إلى التحسس القائم من الثقافات الاخرى، وهو ما دعاه إلى السؤال عن مدى استعداد السعودية إلى قبول الثقافات الأخرى.

وتحدث شنايدر عن انخفاض اهتمام السعوديين بالدراسة في المانيا، خلافاً لما كان عليه الحال في الستينات، حيث ذكر ان عدد الطلاب السعوديين في المانيا لا يزيد عن 39 طالباً فقط، والمملكة تحتل المرتبة 128 في عدد الطلاب المبتعثين لألمانيا، وتسبقها في ذلك كل من البحرين والامارات.

وتعرض شنايدر في حديثه إلى احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وانعكاساتها على الساحة العالمية، وقال إن هذه الحادثة المروعة ادت الى تصاعد الاهتمام بالشأن الاسلامي والتعرف عليه في المانيا، حيث اطلق مركز حوار الحضارات والحوار مع العالم الاسلامي في المانيا، وهو ينظم هذه الايام مؤتمرا حول المرأة في العالم الاسلامي بمشاركة ثلاث سيدات سعوديات.

إلى ذلك، وضمن خطوات تعزيز العلاقة الثقافية بين المانيا والعرب، نوه شنايدر باختيار العرب ليكونوا ضيوف شرف في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب هذا العام.

ويتحدر الدبلوماسي الالماني توماس شنايدر من جنوب المانيا، ويبلغ من العمر 42 سنة، ودرس الحقوق في المانيا، والتحق بوزارة الداخلية في المانيا الشرقية سابقا، واشترك في مسابقة الخدمة الدبلوماسية ثم عمل في الوزارة في بون العاصمة السابقة قبل أن يرسل إلى دمشق ليعمل في السفارة لمدة عامين، بعدها عاد إلى فرنسا لينضم إلى المجلس الاوروبي ممثلا عن المانيا، ثم بعد ثلاث سنوات ونصف السنة رجع إلى الوزارة بعد انتقالها إلى برلين كموظف في القسم القانوني. وقد وصل إلى المملكة في اغسطس (آب) 2002، ويعمل الآن مستشارا للشؤون السياسية والثقافية بالسفارة.