نيكسون هدد بإلقاء قنبلة نووية على الكونغرس ردا على «ووترغيت»

TT

هدد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، مازحا، بالقاء قنبلة نووية على الكونغرس في مارس (آذار) 1974 بينما كان المجلس يتجه نحو توجيه الاتهام له بشأن فضيحة ووترغيت، وفقا لوثائق احتوت على نصوص الأحاديث الهاتفية بين أقرب مساعديه نشرت أول من أمس.

وقال وقتها رئيس موظفي البيت الأبيض ألكسندر هيغ لوزير الخارجية هنري كيسنجر قبل أقل من خمسة اشهر من ارغام الرئيس على الاستقالة وخلال حديث تبادل فيه الرجلان قصصا حول سلوك نيكسون الذي اتسم بحالات شرود متزايدة: «طلب مني الحصول على كرة القدم». فسأل كيسنجر، الذي كان قد دعا هيغ ليعبر له عن قلقه من أن الرئيس قد يغامر على نحو أخرق باثارة حرب في الشرق الأوسط بسياسته الجديدة المناوئة لاسرائيل: «ماذا تعني بذلك؟»، وأجاب هيغ «الحقيبة النووية السوداء. سيرميها على الكونغرس».

وكان الحديث المتبادل في العشرين من مارس 1973 جزءا من 20 ألف صفحة من وثائق الأحاديث الهاتفية التي قدمها كيسنجر الى مكتبة الكونغرس عام 1976، على أن تبقى سرا خمس سنوات بعد وفاته على الأقل. وأعاد كيسنجر الوثائق في فبراير (شباط) 2002 بعد أن تم تهديده باتخاذ اجراء قانوني من جانب ارشيف الأمن القومي، وهو مؤسسة غير ربحية تقوم بحملات ضد منهج السرية الذي تتبعه الحكومة. وقد راجع الأرشيف القومي الوثائق لأغراض الأمن القومي والسرية ونشرها كلها تقريبا يوم أول من أمس. وقد ألقت الوثائق أضواء العلاقة الاستثنائية المعقدة بين نيكسون وكيسنجر خلال فترة عاصفة في السياسة الخارجية الأميركية من قصف كمبوديا عام 1970 الى حرب يوم الغفران عام 1973 وتحقيق تقدم دبلوماسي مع الصين والاتحاد السوفياتي. وحتى عندما حاول كيسنجر اقناع نيكسون بولائه، تبنى لهجة تهكمية في أحاديثه مع هيغ والمساعدين الآخرين.

وفي وثيقة 20 مارس لا يبدو هيغ ولا كيسنجر حذرين من التهديد بـ «قصف الكونغرس بقنبلة وقصف الاسرائيليين بعد الأوروبيين». وقال هيغ «انه عصبي بعض الشيء لا اكثر. لا تأخذه على محمل الجد».

وفي مناسبات أخرى كما في ديسمبر (كانون الاول) 1970، عندما اقترح نيكسون تصعيدا في قصف كمبوديا شعر كيسنجر وهيغ بأنهما مرغمان على المزاح مع الرئيس بينما كانا يسخران منه خلف ظهره. وخلال ذلك الحدث كان كيسنجر ما يزال يعمل كمستشار للأمن القومي وكان هيغ واحدا من مساعديه.

قال كيسنجر لنيكسون بعد أن ابدى الرئيس غضبه من الطيارين الأميركيين «الذين يدورون بدون ان يفعلوا شيئا فوق كمبوديا، ويتطلعون الى الحصول على أوسمة» ان سلاح الجو «لم يعد لأي حرب يحتمل أن لخوضها». وتضم الوثائق عددا من القصص التي تتناقض مع رواية كيسنجر للأحداث مثل ادعائه عدم علاقة واشنطن بانقلاب سبتمبر (ابلول) 1973 العسكري في تشيلي الذي اطاح حكومة سلفادور أليندي اليسارية المنتخبة ديمقراطيا.

ولما كانت فضيحة ووترغيت تتعمق، بدأ كيسنجر يشعر بقلق ازاء حالة نيكسون الذهنية. وفي 11 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 عجز نيكسون عن الحديث هاتفيا مع رئيس الوزراء البريطاني ادوارد هيث بسبب انه كان مخمورا. ولكن قيل لهيث ان نيكسون غير موجود وانه سيرد المكالمة صباح اليوم التالي.

وبينما كان كيسنجر يعبر عن دعمه للرئيس في أحاديثهما الخاصة، كان ينتقده خلف ظهره.

وتظهر الوثائق أن كيسنجر اقام علاقات وثيقة مع صحافيين وناشرين بارزين، بينهم عدد ممن جمد البيت الأبيض نشاطهم لأن صحفهم كانت تلاحق فضيحة «ووترغيت».

ففي نوفمبر 1973 اتصل كيسنجر، على سبيل المثال، بكاثرين غراهام من صحيفة «واشنطن بوست»، داعيا اياها الى الغداء، بينما ألح على ان تبقي لقاءهما سرا عن صحافييها. وعلل ذلك قائلا قائلا «سأضطر للبحث عن وظيفة اخرى اذا اكتشف رئيسي الأمر»، في اشارة واضحة الى نيكسون.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»