بريطانيا تقرر تعزيز قواتها في العراق بعد مواجهتها وضعاً أشد تعقيداً في الجنوب

TT

أعلن وزير الدفاع البريطاني جيف هون عن عزم بلاده إرسال قوات جديدة الى العراق، وذلك قبل موعد تسليم السيادة المزمع في 30 يونيو (حزيران) القادم. وأوضح في بيان رسمي ألقاه امس في مجلس العموم بلندن أن وحدات ستُسحب فيما ستُرسل أخرى، موضحاً ان الزيادة الاجمالية بعد ذلك على عدد القوات ستكون 370 جندياً.

ولفت الى ان الجنود الجدد سيتمركزون في العمارة والبصرة، معترفاً بأن الوضع الامني هناك «ما يزال صعبا». كما أشار الى أن المناقشات متواصلة بين بريطانيا وشركائها حول «مستوى وتوزيع القوات اللازمة» في الأشهر القادمة لدعم الحكومة المؤقتة. واعتبر نواب معارضون أن الحكومة تحمل الجيش أكثر مما يستطيع وأن اضطرارها الى رفع عدد القوات دليل على تدهور الوضع الامني بصورة متسارعة. وفي وقت لاحق، أشار مصدر عسكري بريطاني رفيع المستوى في لقاء مع صحافيين طلب منهم عدم ذكر اسمه، الى ان اسباب اتخاذ القرار هي ثلاثة. وقال إن القوات البريطانية تواجه هجمات بـ«قاذفات صاروخية وأسلحة أكثر تعقيداً في اقليم ميسان»، فضلاً عن ان «قذائف الهاون تُطلق بصورة ملحة من العمارة على قواعدنا». واعتبر ان السبب الثالث يتمثل في رغبة البريطانيين بـ«تسريع إسناد الملف الامني للعراقيين انفسهم»، وهذا يقتضي اعداد عناصر الشرطة والأمن المحليين. وأوضح أن 50 من رجال الشرطة العسكرية البريطانية سيتكفلون بمهمات التدريب الاضافية هذه. واشار الى ان عناصر «الشرطة والامن العراقيين يتحملون مسؤوليات ضبط الامن في بعض المناطق» بيد انهم لم ينجحوا بعد في تنفيذ هذه المهمات في مناطق اخرى يسيطر عليها البريطانيون.

وأقر المسؤول العسكري بأن «طبيعة التهديد باتت اشد تعقيدا»، خصوصاً لجهة «استعمال المتفجرات ونصب الكمائن». ونفى أن يكون نشر الوحدات الجديدة عائدا الى تفاقم خطر المليشيات. وقال إن ذلك «لاعلاقة له بأي نشاطات تستند الى دوافع دينية». ورد هذا القرار الى الطبيعة الاجتماعية للعمارة التي اعتبرها «تتسم بالقسوة»، مشيراً الى ان «تاريخ عرب الاهوار يؤكد انهم لا يرغبون برؤية الغرباء هناك». وكشف الضابط الكبير عن ان قرار التعديل على مستوى القوات قد اتخذ قبل ايام. وقال إن اتصالات يومية تجري بين لندن وقيادة قواتها في العراق، وقد ساد «شعور خلال الايام العشرة الاخيرة بأن الحكمة تقتضي إجراء هذه التعديلات». وذكر ان الميجور جنرال أندرو ستيوارت، قائد القوات البريطانية في منطقة البصرة، قد أوصى بإرسال المزيد. وجدير بالذكر ان وزير الدفاع واظب خلال الاسبوعين الاخيرين على نفي تلقي اي طلب لرفع عدد القوات على رغم تناقل وسائل الاعلام أنباء اتخاذ قرار وشيك بذلك. وكان هون أوضح في بيانه ان «الوضع الامني في العراق ما يزال صعباً، حتى في اجزاء من الجنوب الشرقي (تسيطر عليه القوات البريطانية) الذي يعتبر عموماً واحد من اكثر المناطق استقرارا في العراق». واضاف «على وجه الخصوص، هناك تهديد متواصل من مجموعات عنيفة في المنطقة المحيطة بالعمارة في محافظة ميسان».

وزاد ان الميجور جنرال ستيوارت قدر أنه من الضروري نشر كتيبة مشاة مدرعة لتحل محل إحدى كتيبتين «حققتا تقدماً ممتازاً في عملهما مع القوات العراقية». ويشار الى ان التبادل سيتم في الاول من يوليو (تموز) مع انتهاء فترة خدمة هذه الكتيبة لستة اشهر في العراق. ولفت الى انه «نظراً لطبيعة التهديد الذي تمثله المجموعات التي تقوم بأعمال العنف، خصوصاً في المنطقة المحيطة بالعمارة»، فإن الميجور جنرال ستيوارت «قد طلب، وأنا أستجبت لطلبه» بنشر حوالي 170 جندياً جديداً من سلاح الهندسة.

غير أن النائب نيكولاس سومس، وهو وزير الدفاع في حكومة الظل المحافظة، طالب الحكومة ان «تبين انها استعادت السيطرة على السياسة (التي تتبعها) في العراق»، وتثبت أنها «ليست مجرد ضحية للاحداث» هناك. وشدد على ان القرار بنشر كتيبة المشاة المدرعة «بلاك ووتش» التي خدمت سابقاً في العراق، يدل على ان إمكانات «الجيش قد استُنزفت». ورد الوزير بأن الاختيار وقع عليها لأنها «الأكثر ملاءمة لتنفيذ المهامات المطلوبة». ونفى شرعية مطالبة عدد من النواب بطرح القرارعلى التصويت في البرلمان، كما قال في اجابة على استيضاح لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم دونالد أندرسون حول امكانية مشاركة فرنسا واسبانيا في القوات متعددة الجنسيات، ان اصدار قرار مجلس الامن سيشجع دولاً لم يسمها بالمشاركة التي تعجز عنها حالياً «لأسباب دستورية».