الخرطوم تتعهد بإطفاء كل بؤر الحرب في السودان بما فيها دارفور وتعلن عن مفاجآت للمعارضة

طه وقرنق يوقعان بالأحرف الأولى في الرابع من يونيو على مشروع اتفاق شامل لتسويقه دوليا * النرويج ترتب لعقد مؤتمر للمانحين بمشاركة 20 دولة لإعمار السودان بعد توقيع سلام نهائي

TT

اوسلو ـ اشرف الخضراء ـ القاهرة ـ زين العابدين احمد : تعهد نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه امام عشرات الالاف من مستقبليه فى الخرطوم بالعمل «منذ اليوم لاطفاء كل بؤر القتال في السودان خاصة في دارفور». وهيأ الساحة السودانية الى «مفاجآت» في هذا الاتجاه خلال الاسابيع القادمة لجهة جمع الصف الوطني، لكنه لم يفصح عنها، ولوح بضرورة تبني خطاب اعلامي جديد في البلاد يعزز الثقة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان. ونقل طه الذي عاد من نيروبي مساء اول من امس بعد اختتام جولة المفاوضات السودانية، التزام قرنق «باغلاق صفحة المرارات وبداية صفحة جديدة يحل فيها التعاون محل الخصام والثقة محل الشك، واخاء حقيقي لا اكراه فيه». وقال ان قرنق اكد له في لحظات الوداع الاخيرة أمس انهم «جادون ويتعاهدون على شراكة وطنية لا فساد فيها ولا غنائم ذاتية ولا محاباة ولا اولوية إلا لمصلحة الشعب والوطن».

وقال ان «الاسبوع المقبل ربما يشهد مناسبة لتوقيع الاتفاق الاطاري بالاحرف الاولى لستة بروتوكولات تم توقيعها في السابق بهدف تقديم الاتفاقية للعالم وخاصة الدول المانحة». وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع ان الرابع من يونيو (حزيران) المقبل سيشهد حفل توقيع بالاحرف الاولى على اتفاق السلام الشامل بالقصر الرئاسي بنيروبي بحضور الرئيس الكيني مواي كيباكي ووزراء خارجية الولايات المتحدة كولن باول وبريطانيا جاك سترو والنرويج وايطاليا ودول منظمة ايقاد الراعية لمفاوضات السلام (سبعة وزراء). وفسر المصدر هذه الخطوة بالقول «ان شركاء ايقاد الاوروبيين طلبوا جمع البروتوكولات الاطارية الستة الموقعة سابقا في اتفاقية واحدة يوقع عليها نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق، بالاحرف الاولى، حتى تكون اكثر الزاماً». ولم يشارك طه وقرنق في توقيع البروتوكولات الستة السابقة وقام بالمهمة مسؤولون اقل مستوى. والبروتوكولات الستة هي: بروتوكول ماشاكوس يوليو (تموز) 2002، الذي اعطى للجنوبيين حق تقرير المصير، واعفا مناطقهم من تطبيق قوانين الشريعةالاسلامية، وبروتوكول الترتيبات الامنية (2003) الذي نص على وجود جيشين في السودان خلال الفترة الانتقالية (ست سنوات) هما جيشا الحكومة والحركة، وبروتوكول تقاسم الثروة (2003) وتقاسم السلطة (2004) وبروتوكولان للمناطق المهمشة او المتأثرة بالحرب (2004). وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» ان وزيرة التعاون النرويجية هيلدا جونسون عرضت لدى اجتماعها مع طرفي التفاوض طه وقرنق الاربعاء الماضي توقيع اتفاق شامل بالاحرف الاولى وربطته بموعد اجتماع قمة الثماني الذي سيعقد الاسبوع الثاني من يونيو (حزيران) المقبل. واضاف «هناك تخوف من شركاء ايقاد ان تشهد الفترة ما بين توقيع البروتوكولات والجولة المقبلة المخصصة لوضع ترتيبات وقف الحرب في 22 يونيو، توترا بين الطرفين يؤدي الى عدم الالتزام بالبروتوكولات او المطالبة بتغييرها، في اشارة الى الصعوبات التي واجهت الطرفين في الفترة الاخيرة. وقال ان توقيع طه وقرنق على النص الجديد يلزمهما امام المجتمع الدولي بالالتزام به. وذكر المصدر ان «قمة الثماني ستتناول الوضع في افريقيا وستخصص جزءا منه حول السودان». واضاف ان المانحين «لن يقدموا مساعداتهم اذا لم يشهدوا توقيع اتفاق شامل في الجنوب والمناطق المهمشة».

وفي اوسلو قالت هيلدا جونسون ان النرويج ستدعو الى عقد اول مؤتمر دولي للدول المانحة لصالح اعمار السودان يعقد في اوسلو بعد توقيع اتفاق السلام النهائي في واشنطن. واضافت الوزيرة ان الاتصالات التحضيرية جارية وان حوالي 20 دولة، بالاضافة الى الامم المتحدة والبنك الدولي سوف تشارك. كما اشارت الى وجود اتصالات مستمرة مع نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وكذلك زعيم الحركة الشعبية جون قرنق. وحول موضوع نشر قوات دولية في السودان اشارت الى استعداد النرويج لارسال قوات لحفظ السلام في السودان. وكشف نائب الرئيس السوداني في خطابه اول من امس ان الثاني والعشرين من يونيو المقبل سيشهد مفاوضات اكمال الملاحق التفصيلية لبعض ما ورد في البروتوكولات على محورين «الاول تفعيل ما ورد في بروتوكول الترتيبات الامنية بالاتفاق على التفاصيل الفنية المتعلقة بوقف اطلاق النار والفصل بين القوات وخفضها وتحديد المواعيد الزمنية لنشر المراقبين». وقال ان المحور الثاني هو «المحور السياسي الذي يتناول الجدول الزمني لقيام انشاء المؤسسات الدستورية والقانونية والسياسية التي نص عليها مشروع الاتفاق، بمعنى وضع الترتيبات لادخال اتفاقية السلام حيز التنفيذ بدءاً من الاجراءات والمراسم التي ستصدر بها». وذكر انه بعد اكتمال الاجراءات المتقدمة سيتم التوقيع على الملاحق الى جانب البروتوكولات الستة لتأخذ الاتفاقية بعدها الشامل في اجراء مراسم يشهدها الرئيس عمر البشير ورؤساء الايقاد ودول العالم الاخرى، ولكنه امسك عن القطع بموعد محدد لهذه الخطوة.

ورحبت كل القوى السياسية بالاتفاق ولكنها طالبت بتحويله من «ثنائي الى قومي» باشراكها في المراحل المتبقية من العملية السلمية في السودان، وبدا حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي المعتقل في الخرطوم متشددا حيال ما جرى في نيفاشا، وقال في بيان حول الاتفاق صدر امس ان «الاتفاق تم بين الطرفين، الحكومة والحركة ولم تشرك فيه القوى السياسية ولم يؤخذ رأيها فهو بالتالي ملزم فقط للموقعين عليه»، ووصف الاتفاق بالغموض. وفي القاهرة رحب التجمع الوطني الديمقراطي السوداني، (تحالف المعارضة) بتوقيع البروتوكولات، لكنه اكد موقفه المبدئي، وهو ان يشمل الحل كل الاطراف ويعالج كل القضايا وعلى رأسها مشكلتا دارفور وشرق السودان.