شارون يتحدى وزراءه المعارضين ويطرح خطته كاملة ورسالة بوش للتصويت

غدا يتقرر مصير الحكومة الإسرائيلية والاحتمال يزيد لتفكيك الائتلاف الحالي

TT

بعد تردد طويل وانقلابات عديدة في الموقف، حسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، معركته مع معارضيه في معسكر اليمين وداخل حزبه الليكود، وقرر خوض المغامرة حتى النهاية، وطرح خطة الفصل المعدلة كاملة وليست مختصرة، كما اعلن مساء الأول من امس على حكومته في اجتماعها الاسبوعي. وأرفقها برسالة الضمانات التي وجهها اليه الرئيس الاميركي جورج بوش، حتى يكون واضحا للوزراء انهم اذا صوتوا ضد الخطة فإنهم يصوتون ضد بوش عمليا.

واتبع شارون هذا التكتيك للضغط بالأساس على الوزيرين بنيامين نتنياهو (المالية) وسلفان شالوم (الخارجية). فهما يطمحان لخلافته في رئاسة الليكود والحكومة. وكل واحد منهما يعرف انه لا يمكن أن يكون رئيس حكومة في اسرائيل من دون رضا الأميركيين، لذلك وضعهما في حالة حرج. وفي الوقت نفسه ترك لهما مخرجا هو: اقرار تنفيذ مرحلة واحدة فقط من مراحل تطبيق الخطة الأربع. اي ان التصويت سيكون على الخطة بمجملها نظريا والمرحلة الأولى تطبيقيا.

ويتحدى شارون بهذه الخطة كل معارضيه في الليكود وفي معسكر اليمين بمجمله. إذ انه يجلب الى الحكومة النص الأصلي لخطته، اضافة الى التعديلات التالية: تقسيم التطبيق على مراحل، اضافة ملحق امني ـ عسكري، هدم البيوت الخاصة في المستوطنات قبل الانسحاب منها.

وهو بذلك يعرف ان اقرار الخطة يعني خروج احزاب اليمين المتطرف (او بعضها) من الائتلاف الحكومي وان عدم اقرار الخطة يعني اضطراره الى الاقدام على خطوات متطرفة ازاء تركيبة حكومته، فإما يقيل الوزراء المعارضين في الليكود ويستبدلهم بوزراء جدد يؤيدون الخطة، واما يتوجه الى رئيس الدولة ويستقيل ويتسبب في انتخابات جديدة عامة (الأمر الذي لا يحبذه حزبه).

ولهذا، فإن شارون مقبل غدا على مفترق طرق حقيقي في حياته السياسية وفي مسيرة حكومته. وخصومه مرتبكون خصوصا الوزراء المعارضون والمترددون، وفي مقدمتهم نتنياهو. فهو كان قد فرض شروطا على شارون حتى يؤيد خطته وقبل شارون هذه الشروط. لكن، بعد الاتفاق بينهما حصل تطور جديد في حزبهما الليكود، حيث جرى استفتاء بين الاعضاء صوت 56% منهم ضد خطة شارون. ولذلك، فمن الصعب على نتنياهو ان يقف ضد الغالبية في حزبه، فهو يحسب حساب المستقبل. وهو بحاجة الى هذه الغالبية لدى التنافس على ارث شارون. ومن الصعب عليه الآن ايضا ان يقف ضد شارون، خصوصا بعد ان ربط خطته مع رسالة بوش حتى لا يوجه صفعة للادارة الاميركية.

لكن شارون ايضا في وضع غير سهل، فحتى كتابة هذه السطور، لا توجد لديه اكثرية في الحكومة. فهو و9 وزراء آخرون يؤيدون الخطة، مقابل 8 وزراء يعارضونها، و6 مترددين لكنهم يميلون الى رفضها. وهناك احتمالان متوازيان لاقرار الخطة او رفضها (50%: 50%). فاذا رفضت الحكومة خطته، ستكون تلك ضربة حقيقية له تضعف مكانته ليس فقط في الحلبة السياسية الداخلية بل في الولايات المتحدة والغرب ايضا.

وفي حالة كهذه، فإنه من المفروض برئيس حكومة في نظام حكم سليم، ان يستقيل. لكن الاستقالة ليست من صفات شارون، فهو سيتجه للصراع على كل الجبهات. فاذا قرر اسقاط الحكومة، من المحتمل ان يسارع منافسه نتنياهو الى تجنيد اكثرية 61 نائبا ويطلب هو ان يشكلها، وعندها يصبح شارون رئيس كتلة معارضة صغيرة في الكنيست تضمه هو وابنه النائب عومري. ومن المحتمل ان يستطيع ان يجند عددا اكبر من نواب الليكود ويقيم تحالفا واسعا مع حزبي العمل وشنوي، ويشكل حكومة جيدة، يصبح الليكود كحزب خارجها. وقد يحتاج الى تقديم موعد الانتخابات وعندها تصبح معركته شاملة داخل الليكود اولا، وان نجح فيها، فإنه سيخرج مثخنا بالجراح. ولن يكون سهلا عليه ان يخوض المعركة الانتخابية ضد الخصوم الآخرين. لأن خصمه الأول هو في حزبه وفي معسكره.

ومع ذلك، فإن المقربين من شارون قالوا امس انه يدير معركته بوعي كامل وليس بمغامرة او مقامرة. فهو «ابو المعارك الحربية في اسرائيل. وستجدون نجاعته في السياسة، لا اقل من نجاعته في الحرب»، كما قال ابنه عومري، أحد الذين دفعوه الى خوض هذه المعركة حتى نهايتها.

يذكر ان شارون سلم خطته للوزراء ظهر امس، بعد ان كان وعد بتسليمها الليلة قبل الماضية وحسب البرنامج المخطط فإنه سيطلب من الحكومة في جلستها العادية غدا، اقرار خطته كما هي بكل ملحقاتها. وهناك ملحق جديد يتحدث عن مبادئ شروط دفع التعويضات للمستوطنين الذين سيكون عليهم اخلاء مستوطناتهم في قطاع غزة. وحسب هذا الملحق فإن الخطة تحتاج الى 9 ـ 12 شهرا من الآن. وفي الأشهر التسعة الأولى ستدار مفاوضات مع المستوطنين.

ويلتزم شارون بأن يجلب كل مرحلة من المراحل الأربع للخطة الى الحكومة حتى تصوت عليها بشكل منفرد. وحسب هذه الخطة، فإن المرحلة الأولى ستشمل اخلاء 3 مستوطنات هي: كفار دروم قرب دير البلح (وليس رفيع يام، كما اعلن سابقا) ونتساريم وموراغ.