«صباح أسود» جديد في ضاحية بيروت الجنوبية...والجيش لا يتدخل لفتح الطرقات الداخلية

TT

«صباح اسود» اشرق امس على ضاحية بيروت الجنوبية، فقد استفاق سكانها ـ كما ناموا ـ على الدخان الاسود يغطي سماءها. وهو ناجم عن تجدد احراق الدواليب وقطع الطرقات بعد يوم من الاحتجاجات التي تفجرت اثر سقوط ضحايا خلال محاولة الجيش اللبناني تفريق مظاهرة صباح اول من امس في محلة حي السلّم.

وفوجىء سكان المناطق الفقيرة، جنوب الضاحية، صباحاً بتجدد محاولات قطع الطرق باحراق الدواليب ورمي ما تيسر من العوائق في الشوارع. وكما بدأت الامور اول من امس، انطلقت الشرارة من حي السلّم ثم توسعت باتجاه مناطق الليلكي والمريجة والكفاءات وبرج البراجنة. وكانت المفارقة ان الحياة بقيت طبيعية في المناطق الاخرى من الضاحية كحارة حريك وصفير وبئر العبد والغبيري.

وكانت الاوضاع قد هدأت في الضاحية ليلاً، لكن الامور عادت الى التوتر صباحاً مع انطلاق مواكب التشييع من حي السلّم باتجاه البقاع والجنوب لدفن ضحايا المواجهات، اذ سار مئات الشبان خلف النعوش مطلقين صيحات التنديد بالحكومة. ثم بدأت محاولات اقفال الشوارع التي تعاطت معها القوى الامنية بحذر، اذ امتنع الجيش اللبناني الذي انتشر عناصره عند اطراف الضاحية عن التعرض للمحتجين، ما خلا تدخله لمنع قطع طريق مطار بيروت الدولي.

وفي محلة الكفاءات تجمع عشرات الشبان والرجال قبيل الظهر مطلقين الهتافات المعادية لرئيس الحكومة رفيق الحريري من دون سواه من القيادات السياسية والامنية. ثم بدأوا باغلاق الطرق بواسطة دواليب مشتعلة، قال احدهم لـ «الشرق الأوسط» عن مصدرها انها «رزق من عند الله». فيما اقدم شبان آخرون على التعرض لسيارات حاولت عبور «"حواجزهم» ورشقوا بعض الحافلات وسيارات الاجرة التي كانت تمر في المحلة.

وقرب هاتف عمومي جرى تركيبه حديثاً، حطم زجاج كشكه وسرق الجهاز، وكان ثلاثة شبان منهمكين في محاولة اشعال دواليب لم تكن تتجاوب معهم. وبينما فضّل الشبان عدم الخوض عميقاً في شرح اسباب ما يفعلونه، اكتفى احدهم بالقول: «سنحرقها على رؤوسهم» حاملاً بعنف على الحريري ووزير المالية فؤاد السنيورة.

لم يظهر لدى المحتجين ما يدل على انتمائهم الحزبي. كما ان «حزب الله» الذي كان يسعى بشدة اول من امس لكبح جماح المحتجين لم يظهر اي من عناصره عند نواصي الطرق لثني المحتجين عن اقفالها. وكان لافتاً اعلان «حزب الله» عن مؤتمر صحافي لامينه العام الشيخ حسن نصر الله، ثم اعلانه ارجاء المؤتمر الى «اجل غير مسمى».

وعلى صعيد المعالجات، اجرى رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ امس اتصالات بالمؤسسات الاعلامية المرئية والمسموعة وحضها على «عدم بث ما من شأنه اعادة التوتر الى الشارع وذلك بغية الحفاظ على وضع امني مستقر». بينما تابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد الاشراف على التحقيقات الاولية التي تجري مع ثمانين شخصاً كانوا في محيط وزارة العمل اثناء حرقها تمهيداً لاتخاذ التدابير القانونية في حقهم سواء بتوقيفهم او تركهم. واجتمع القاضي فهد بقائد الشرطة العسكرية في الجيش العميد نبيل غفري، وبحث معه «النتائج التي خلفتها المظاهرة في منطقة الضاحية الجنوبية والتحقيقات الجارية في هذا الشأن».

واشارت المعلومات الى ان عدد القتلى النهائي هو خمسة لا سبعة، بينهم متطوع في الدفاع المدني يدعى حسن شرارة وكان باللباس المدني، والى ان عدد الاصابات بين العسكريين هو 54 اصابة بينهم اربعة ضباط احدهم اصيب برصاصة في رجله وعشرة عناصر من المغاوير اصيبوا بقنبلة يدوية القيت عليهم.