حي السلّم أفقر أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت .. أنشأته الحرب الأهلية وأنمته هجرة الريف

TT

يقع «حي السلّم» عند الطرف الجنوبي الشرقي لضاحية بيروت الجنوبية. وهو افقر احياء الضاحية واكثرها اكتظاظاً بالسكان، اذ تشير التقديرات الى ان نحو 250 الف نسمة يسكنون في منطقة ضيقة لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلومترات مربعة.

تشكل «حي السلم» بفعل الحرب الاهلية اللبنانية ونما وتطور بفعل الاوضاع الاقتصادية لأهالي المناطق الريفية. فقد نزح الى المنطقة مهجّرون من المناطق الشرقية لبيروت بفعل الحرب الاهلية في السبعينات. وبدأ البناء العشوائي في المنطقة المعروفة عقارياً باسم العمروسية، اذ لا يوجد في خرائط الدولة اللبنانية ما يسمى «حي السلم». ويتبع الحي عقارياً لحارة العمروسية كبرى الحارات الثلاث التابعة لبلدية الشويفات. ويشكو سكانه من ان هذه البلدية لا تهتم بهم لأنهم ليسوا من الذين يصوتون فيها خلال الانتخابات على رغم انها تجبي الضرائب منهم.

ولا توجد في المنطقة ابنية ترتفع اكثر من 3 طوابق، فالانتشار العمراني تم بطريقة افقية. وقد استغل السكان كل متر ممكن من الارض فتحول «الحي» الى غابة اسمنتية يصعب دخول نور الشمس الى بعض انحائها وتتلاصق جدران مبانيها بحيث تصبح بيوت الجيران كالبيت الواحد، فيما تكتظ شوارعها الضيقة التي لا تمر السيارات في بعضها، بالباعة والمارة.

وكان حي السلم عام 1984 صلة الوصل الوحيدة بين الضاحية الجنوبية المتمردة على سلطة رئيس الجمهورية آنذاك امين الجميل والمحاصرة من قبل الجيش، وبين الجبل، حيث يتمركز المعارضون الآخرون للجميل، وابرزهم الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط. ومن طريق لم يكن بامكان اي من المتقاتلين السيطرة عليها كان السلاح والغذاء يمران الى المحاصرين، فتشكل الحلف بين «الضاحية الشموس والجبل الاشم». وكانت مكافأة حي السلم بعد انتصار الحليفين حركة «امل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري والحزب التقدمي نزع صفة «السلّم» عنه ليصبح اسمه «حي الكرامة» بقرار من رئيس الحركة ومجلس النواب حالياً نبيه بري، وهو الاسم الذي اعتمد للحي حتى عام 1987 عندما سيطر «حزب الله» على الضاحية وعاد الى الحي «سٌلّمه».

وما يزال حي السلم حتى اليوم الاكثر فقراً، ومنازله الصغيرة وشوارعه الضيقة تلهث كل صباح بحثاً عن لقمة العيش، انطلاقاً من موقف سيارات الاجرة عند مدخله الشمالي، حيث اندلعت شرارة الاشكال بين المتظاهرين والجيش اول من امس.

كذلك يعتبر حي السلم الافقر في الضاحية لجهة الخدمات، فلا ارصفة ولا شبكات للمياه التي تصل الى المنازل غالباً بواسطة صهاريج. والكهرباء وصلت اخيراً بطريقة شرعية بعدما استنبطت شركة الكهرباء طريقة جديدة في تصنيف الحي الذي لا توجد فيه عقارات مفروزة تمكن الشركة من تمديد شبكة لتوزيع الكهرباء. لكن الامر الواقع انتصر، وفضلت الشركة تركيب العدادات لمنع السكان من الحصول على الطاقة الكهربائية بطريقة غير مشروعة.