الموت يغيب الشاعر حسن عبد الله القرشي عن الساحة الأدبية العربية

TT

غيب الموت اول من امس الأديب والشاعر السعودي حسن عبد الله القرشي، الذي ولد في مكة المكرمة، عن عمر يناهز الثمانين عاما، امتطى فيها صهوة الشعر مبكرا عندما أحس أن هناك ما يختلج داخله فأخرجه قصائد يتغنى فيها بكل الجمال الذي أحاطت بها نفسه المتدفقة لحب الإنسان أينما كان وأينما رحل.

ويعد القرشي الشاعر الذي امتلك رهافة الحس، وأقنع من حوله بتلك الكلمة التي يهمس بها في أبياته لتصل للقلب بدون أن تعبر مسافات طويلة إلى قلب المتلقي فقط لأنها خرجت من قلبه العطوف الذي يفيض احتراما للجميع، فكلمات قصائده بكل بساطة يعطيها من السلاسة والجمال والنقاء والحياة ما تهبه إياه روحه النقية التي أحبت الجميع من دون مجاملات.

ووسط الزحام لم ينس أحدا من أصدقائه القدماء كما لم ينس البعيد منهم، إذ يسأل عن الجميع وهو تلك القامة الشامخة التي اعتلت المناصب الدبلوماسية والمنابر العالية في مختلف أنحاء العالم العربي.

ورحل الشاعر القرشي إلى مثواه الأخير كي يلقى ربه بعد أن عاش عمرا مديدا، ودفن في مقابر المعلا في مكة المكرمة المدينة التي أحبها.

وخلال السنوات الطوال التي عاشها القرشي استطاع أن يهب الساحة الشعرية العربية نتاجا ضخما من شعره ودواوينه التي وصلت إلى 13 ديوانا شعريا أصدرها جميعها ومنها «البسمات الملونة» و«مواكب الذكريات» و«سوزان» و«ألحان منتحرة» و«الأمس الضائع» و«النغم الأزرق» و«فلسطين وكبرياء الجرح» و«لن يضيع الغد» وغيرها من دواوين الشعر.

والقرشي لم يكن شاعرا فحسب بل كان كاتبا مشاركا بمقالاته في الصحافة العربية والمحلية، وألقى العديد من المحاضرات في الجامعات السعودية وبعض الجامعات العربية، إلى جانب مشاركاته في المجامع اللغوية التي أحب متابعتها عن قرب. فقد كان عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضوا بمجمع اللغة العربية بالأردن، وعضوا برابطة أدباء السودان في الخرطوم، وقد شارك في الكثير من المنتديات والمهرجانات الثقافية منها مهرجان أبو القاسم الشابي في تونس عام 1965، ومهرجان الأخطل الصغير عام 1969، كما حضر الكثير من المؤتمرات السياسية ممثلا لبلاده السعودية.

ولم يتوقف القرشي في إبداعه عند حد الشعر بل كتب القصة أيضا وأصدر مجموعتين قصصيتين هما «أنات الساقية» و«حب في الظلام»، كما أصدر كتابا نقديا بعنوان «شوك و ورد» وأصدر له مجموعة مقالات بعنوان «أنا والناس».

والقرشي كان متألقا وغزيرا رغم أنه من أصحاب المناصب المرهقة جدا لتجعله يعيش زحاما بين ما تريده تلك المناصب وبين ما يريده هو في داخله، فقد تقلد منصب رئيس المذيعين بإذاعة المملكة العربية السعودية عام 1973، وانتدب بعدها ليعمل باذاعة القاهرة لمدة زادت عن السنة، ثم عمل مديرا للمكتب الخاص لوزير المالية، وبعدها انتمى للسلك الدبلوماسي وعين سفيرا لدى السودان، ثم سفيرا لدى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبعدها عمل وزيرا في ديوان الخارجية، وعمل أيضا مستشارا ثقافيا للرئيس العام لرعاية الشباب.

لقد اعطى القرشي الكثير من أدبه والكثير من رؤاه الوطنية ولم يبخل بها، وبقي حيا ينبض قلبه بالثقافة والشعر والرؤى حتى ضعف بدنه وكبر سنه وخاض معاركه مع أمراضه التي بدت قاسية قبل وفاته منذ ستة أشهر وهو يتقلب من ألم الى ألم حتى حانت ساعة موعد لقاء ربه.. ولكل أجل كتاب.