القرشي قامة شعرية وتجربة إنسانية استحقت الاحتفاء والدراسات العلمية الجامعية

TT

* حظي الأديب حسن عبد الله القرشي بكثير من الحضور والاحتفاء بتجربته الشعرية التي اجتاحت الوطن العربي، حيث حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة أريزونا بالولايات المتحدة «فهو من الصفوف الأولى إذا ما وصف شعراء المملكة، وإذا ما أشير إليهم بإسهاماتهم ورؤاهم التي أثروا حركة الشعر العربي المعاصر بها، ومنه الشعر السعودي» ، هكذا يقول الناقد الدكتور محمد مريسي الحارثي، الاستاذ بقسم اللغة العربية في جامعة أم القرى عن تجربة القرشي كشاعر.

وتلقى الحارثي الخبر المفاجئ، داعيا للقرشي بالرحمة والمغفرة، وقال عنه «أسأل الله سبحانه وتعالى لأخينا الأستاذ حسن عبد الله القرشي أن يتقبله ربه قبولا حسنا ويسكنه فسيح جناته، فالقرشي أديب جمع بين فني الشعر والنثر، وقد بدأ أول ما بدأ يكتب الشعر والقصة ثم عرف كشاعر لأنه برز في هذا الجانب ولم يستمر في كتاباته القصصية كاستمراره في الشعر».

ويقول الحارثي «لقد غنى لفلسطين والأمة العربية في قصائد كثيرة». أما عن شاعريته التي فرضت وجودها في الوسط الأدبي فيقول «لقد كان من شعراء اللحظة الشعرية الذين تتطور أدواتهم الشعرية بتطور هذه اللحظة سواء في القضايا والمضامين والرؤى والخواطر أو في التشكيلات التي يشكل بها القرشي الشعر، وقد ملأ مكانه في المشهد الشعري السعودي والمشهد العربي، وها هو يغادر لملاقاة ربه، ونسأل الله أن تكون ملاقاته فيها الرحمة والمغفرة».

ويتابع الحارثي «سيبقى صوته النغمي الجميل يهدي رناته الجميلة ونغماته المطربة في آذان قرائه من العرب ،وسيبقى وقد حفر إسمه الشعرعلى صفحة تاريخ الشعر العربي، وفي الذاكرة الشعرية العربية حيا تتناقلها الأجيال في هذه الحياة، فهو من الرجال الذين جاءوا إلى هذه الحياة باحترام وغادروها باحترام جميل». والدكتور الحارثي في تأمله لتجربته الشعرية، واهتمام النقاد بها يجدها قد حصلت على حقها من احتفاء الدارسين سواء كانوا داخل المملكة أو خارجها ليقول «لقد قدمت فيه رسائل علمية جامعية ونال استحقاقاته الأوسمة لمكانته الشعرية وكان في مشهدنا الشعري السعودي من المكرمين في المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين الذي أقامته جامعة أم القرى عام 1999، وهو محل حفاوة من الجميع».

وأضاف معلقا على تجربته الشعرية التي تستثير الدراسة «مهما يكن تبقى هناك مداخل وأبواب كثيرة ينبغي أن تطرق في شعر حسن عبد الله القرشي ولن تكفيه كل هذه الدراسات، فهو يستحق الأكثر لعطاءاته».

من جانبه، نقل الناقد الدكتور عبد الله المعيقل تعازيه للساحة الأدبية العربية في فقدان القرشي، وقال متحدثا عن تجربة القرشي الشعرية : «هو شاعر من شعرائنا الكبار، إنتاجه ضخم وكثير وتطرق إلى كل الموضوعات المعروفة في الشعر وتجربته طويلة وممتدة على عدد السنين».

ويرى المعيقل أن بعض هذه التجربة الشعرية كانت ضمن التيار الرومانسي وبعضها ضمن شعر التفعيلة. واضاف «تجربته في الشعر الرومانسي يمكن أن نعزوها إلى الذاتيه الشعرية التي تأسست على كثرة ما يحفظ وما قرأ من دواوين لشعراء كبار في هذا التيار أمثال علي أحمد طه ونزار قباني والأخطل الصغير وعمر أبو ريشة وغيرهم ممن كانوا معاصرين له».

ويجد المعيقل أن القرشي كان متأثرا بهم. ويرى هؤلاء الشعراء الذين تأثربهم القرشي أحيانا في بعض هذه القصائد يزاحم صوته صوتهم لكن شعر القرشي يظل متميزا».

أما تجربته في شعر التفعيلة فيعتبره أحد الشعراء الذين مهدوا لهذا الشعر قبل أن يصبح تيارا ناضجا ومكتملا على يد الثبيتي والحميدين والصيخان والحربي.

ومن خلال قراءات الدكتور المعيقل يرى أن شاعرية القرشي تتجلى أكثر في القصائد التي يجاري فيها نفسه المفطورة على التفاؤل والمقبلة على الحياة أكثر من تلك القصائد التي نجد فيها ميلا للحزن، ويقول «القصيدة عند الشاعر القرشي عالم مختلف، وقصائده تتميز بلغة سلسة، وأحيانا تجد في قصائده الحوار القصصي وخاصة في الشعر الغزلي ذلك لتأثره بالشاعر عمر بن أبي ربيعة كما قال لي ذات مرة».

والشاعر حسن عبد الله قرشي يكاد يتكلم شعرا من كثرة ما أحب الشعر وعاشه وهذا ما لاحظه الدكتور المعيقل الذي يعد احد أصدقائه، فيقول واصفا ذاكرته الشعرية «إنه حافظة يحفظ الكثير من الشعر القديم والحديث والشعر في مختلف المراحل التاريخية بشكل مذهل يثير الدهشة، فقد كان في بعض المواقف يجيبني شعرا، حتى أكاد أقول لو أراد القرشي لما تكلم إلا شعرا». أما الشاعر يحيى توفيق حسن فيجد في فقدان القرشي خسارة للساحة العربية وهو علم ورمز من رموز المملكة العربية السعودية في عالم الأدب والشعر. وقال «لقد كان أسلوبه مميزا وخط سيره في الشعر يختلف عن الآخرين، إنه شاعر موهوب وملكة الشعر ولدت معه، فعندما كان يكتب كان يكتب من قلبه، وإن قرأ له أي شخص بعض شعره سيجده يصل إلى قلبه ببساطة».

والقرشي كان اجتماعيا بالدرجة الأولى، محافظا على علاقاته وصداقاته البعيدة والقريبة، وكما يقول الشاعر توفيق «لقد كان إنسانا اجتماعيا بالدرجة الأولى، يسأل عن أصدقائه ولا ينسى أحدا، إنه دائم السؤال في كل مناسبة وفي غير مناسبة، وقلة من هؤلاء الناس يعملون ما يعمله هو في تواصله الاجتماعي مع أصدقائه». لقد رحل الشاعر القرشي تاركا مكانه فارغا في الساحة العربية الأدبية وكما قال الدكتور الحارثي «لقد جاء القرشي شاعرا بكل احترام وغادر بكل احترام جميل».