النقابات اللبنانية تتراجع عن الدعوة للتظاهر وسط انتقادات لدورها في اضطرابات الضاحية

حركة «أمل» تعتبر حملة استهدافها نوعا من الحروب الاستباقية تتصل بالوقائع السياسية المستقبلية

TT

تراجعت النقابات اللبنانية عن التظاهرة التي كانت مقررة اليوم في اطار الاحتجاجات على الاوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع اسعار البنزين بانتظار «بلورة خطة تحرك جديدة» في محاولة من هذه النقابات لإبعاد التجاذبات السياسية عن تحركها، خصوصاً مع استمرار تداعيات الاضطرابات التي رافقت التحرك الاخير للاتحاد واسفرت عن مقتل 5 مدنيين في صدامات مع الجيش اللبناني في محلة حي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبرزت امس شكوى من حركة «امل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري من «حملة استهداف» تتعرض لها في ما خص حوادث الضاحية ووصفتها بأنها «نوع من الحروب الاستباقية تتصل بالوقائع السياسية المستقبلية التي سيكون للحركة الدور الابرز في صوغها». في اشارة الى الانتخابات الرئاسية المقررة اواخر الصيف.

وقد ادت هذه التداعيات الى هجمة سياسية على الاتحاد وقياداته ابرزها من «حزب الله» الذي اعلن تعليق عضويته في الاتحاد حتى «تقديم الاجوبة» على تساؤلات طرحها الحزب عن كيفية تنظيم تظاهرة في حي السلم رغم عدم الدعوة الى ذلك. وكذلك من النائب وليد جنبلاط الذي اعلن عن اتجاه لتجميد عضوية الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه قبل ان يتراجع عن ذلك امس.

وأعلن مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بعد اجتماعه برئاسة جنبلاط ان الحزب «يؤكد استمراره في المشاركة في الاتحاد على قاعدة ابعاده عن التوظيف السياسي لصالح هذا الطرف أو ذاك، وعلى قاعدة استعادة استقلاليته المفقودة ورفض مصادرة قراره، ودون ان تعني هذه المشاركة الموافقة على الاداء الحالي لهذه المؤسسة. وعلى ان يكون استمرار المشاركة مستقبلاً متوقفاً على مدى قدرة قيادة الاتحاد على ممارسة النقد الذاتي والشروع بعملية اخراج الاتحاد من حالة الاستغلال السياسي لمطالب العمال بهدف تحقيق مكاسب سياسية باتت خارج حقيقة اهتمامات اللبنانيين». وشدد الحزب في المقابل على «ضرورة وقف سياسة صم الآذان من قبل الدولة عن المطالب الشعبية المحقة».

وحمل الحزب الشيوعي اللبناني ايضاً امس بشدة على قيادة الاتحاد العمالي العام واتهمها «بسوء التصرف وعدم تحمل المسؤولية». وقال الحزب الشيوعي في بيان اصدره «ان هذا التصرف هو جزء من اخطاء اساسية في سلوك قيادة الاتحاد وفي علاقاتها وفي برنامجها وفي ادارتها للشؤون العمالية والمطلبية». وقررت هيئة التنسيق لروابط الاساتذة والمعلمين والموظفين في القطاع العام امس ارجاء تنفيذ التظاهرة الوطنية الشعبية التي كان مقرراً تنفيذها اليوم وأوصت الهيئة بـ «بلورة خطة تحرك جديدة في اجتماعها المقبل في العاشر من الشهر الجاري».

واعتبر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان «ان ما حدث في محلة حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية ليس له علاقة بالاضراب العام السلمي، بل ما حصل هو لإجهاض الحركة المطلبية السلمية». ودعا الاتحاد الى تنفيذ قرار الاتحاد العمالي العام بالاضراب العام في الـ 29 والـ 30 من يونيو (حزيران) في حال لم تتحقق المطالب».

وطالب الاتحاد في بيان اصدره امس «بضرورة تحديد مدة زمنية لانهاء التحقيق في احداث الضاحية الجنوبية ونشره في وسائل الاعلام لإطلاع الرأي العام». ودعا الى اجراء «اصلاحات جدية في الادارة والاقتصاد والمالية على قاعدة العدالة والمساواة وانهاء حالة الفساد والحفاظ على المال العام». وحمّل رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان غسان غصن «السلطة مسؤولية ما حصل في ضاحية بيروت الجنوبية» لدورها في تفاقم الازمة المعيشية الخانقة». وقال غصن في حديث اذاعي امس «ان ما جرى في الضاحية هي صرخة ناس»، مشيراً الى «اندساس مخربين وعملاء في تجمع حي السلم لخلق مشكلة بين المواطن والجيش».

الى ذلك نفى عضو كتلة نواب «حزب الله» في البرلمان اللبناني، محمد فنيش، قيام الحزب بعمليات تنصت في الضاحية الجنوبية، مشيراً الى ان «الاجراءات التي يتخذها فيها هي بالتنسيق مع الدولة ولا تخرج عن الاطار المسموح به من قبل السلطات»، وقال فنيش في حديث تلفزيوني تعليقاً على ما نشر عن معلومات جديدة قدمها «حزب الله» الى الاجهزة الأمنية عن احداث الضاحية الجنوبية: «اذا توفرت للحزب معلومات لها علاقة بالأمن الوطني فلا شيء يمنعه من ان يسلمها للدولة باعتبار ان هناك تداخلاً بين الدولة والحزب، ومن خلال علاقته مع الاجهزة الأمنية والسلطة السياسية». واستبعد ان يقوم الحزب بعمليات تنصت في منطقة الضاحية وقال «أما بالنسبة الى التسجيلات الصوتية فليس لدي اي فكرة بهذا الموضوع».

وعن موافقة الحزب على الاتهامات التي طاولت حركة «امل» والحزب الشيوعي قال «نحن لدينا معلومات حول هذه المسألة، لكن قبل ان يظهر التحقيق المسؤولية لا اريد الدخول في سجال اعلامي مع قوى سياسية. يجب على التحقيق ان يقول اين حصل التجاوز ومن المسؤول عنه».

واعتبرت قيادة حركة «امل» في جنوب لبنان في بيان اصدرته امس «ان الحملة ذات العناوين السياسية والنقابية التي تتعرض لها (في اشارة الى الاتهامات حول تورطها بأحداث الضاحية) هي من نوع الحروب الاستباقية لأهداف باتت معروفة وتتصل بالوقائع السياسية المستقبلية التي سيكون لحركة «امل» الدور الأبرز في صياغتها».

وأسف البيان «لمحاولات النيل من حركة «امل» والمشروع السياسي الوطني الذي يقوده الرئيس نبيه بري». وتساءل عن اسباب «الحملة على الحركة ورئيسها؟ ومن هو المستفيد من محاولات اضعاف هذا الخط السياسي الوطني الجامع؟». واشارت الحركة في بيانها الى ان هناك من يقوم «بشكل رخيص باستغلال احداث الخميس الفائت، بل استغلال الدماء وجوع الناس للنيل من الحركة ومواقعها السياسية والنقابية وامتداداتها الجماهيرية».