طنطاوي: منح مفتشي الأزهر صفة الضبطية القضائية لن يؤثر على حرية الرأي

TT

في الوقت الذي رحب فيه الأزهر بقرار وزير العدل المصري بمنح مفتشيه صفة الضبطية القضائية في مصادرة المطبوعات والشرائط الدينية والخطب، المخالفة للشرائع والمبادئ والقيم الاسلامية، أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان رفضها للقرار، ووصفته بأنه مخالف للقانون وانتهاك لحريات الفكر والاعتقاد والتعبير. ففي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» حاول شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي أمس تهدئة المخاوف الناجمة عن منح مفتشي الأزهر صفة الضبطية القضائية، وقال إن دور الأزهر يدعم ويعزز حرية الفكر والإبداع وليس ضدها.

وأضاف أن الكتب والمطبوعات التي تتم المطالبة بمصادرتها لا علاقة لها بالإبداع وتتصادم مع حرية الفكر . فليس من الحرية ، حسب قول شيخ الأزهر، التهجم على المعتقدات ومهاجمة الثوابت الدينية. وأشار الى ان مجمع البحوث الاسلامية يضم نخبة متميزة من كبار العلماء والمفكرين وهم فوق الشبهات.

وكان المستشار فاروق سيف النصر، وزير العدل المصري، قد أصدر أمس الأول قرارا بتشكيل ما وصفها بـ«كتيبة» من علماء مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر لها صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 103 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف والأحاديث النبوية.

وتضم كتيبة الضبط الشيخ عبد الظاهر عبد الرازق مدير عام ادارة البحوث والنشر بمجمع البحوث الاسلامية، والشيخ علاء عبد الظاهر رئيس قسم المصحف بالمجمع، والشيخ احمد مصلح بقسم المصحف، والشيخ ممدوح ماهر رئيس قسم الكتب، والشيخ محمد كامل رئيس قسم أشرطة الكاسيت بالمجمع، ومحمد العدوي رئيس قسم الفيديو، ونبيل عزه المستشار القانوني بالمجمع، ومحمد زكي، ومحمود شحاتة بالشؤون القانونية بالمجمع. وأوضح القرار ان مهمة كتيبة الضبط القضائية هي ملاحقة المصاحف وكتب الحديث التي تخرج الى الاسواق بدون تصريح من الأزهر وتكون مهمتها تحريك القضايا ضد أي مصحف لم يصرح بطبعه.

ومن جانبه رحب أمين عام مجمع البحوث الاسلامية، الشيخ عطا ابراهيم الفيومي، بقرار وزير العدل، واعتبر أن القرار «يتيح لعلماء مجمع البحوث القيام بالدور المطلوب على أكمل وجه ولا يعوقهم عائق ولا يمنعهم مانع في خدمة الاسلام».

وأكد أن الأزهر بتراثه الشامخ وبهيئاته العريقة وعلى رأسها مجمع البحوث الاسلامية يؤمن بحرية الفكر والإبداع المسؤول والمنضبط إيمانا منه بأن تكميم الأفواه وقصف الأقلام يخلق حالة من الاستبداد الفكري وعدم الاستقرار. غير أن أمين مجمع البحوث الإسلامية أشار إلى ان «الانفلات وترك الحبل على الغارب يمكن المارقين وأصحاب الفكر المنحرف غير المسؤول من ممارسة عدوانهم الفكري على ثقافة الشعوب الاسلامية التي تستمد مبادئها وقواعدها من الاسلام».

من ناحيتها أكدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أمس رفضها لقرار وزير العدل. وقالت إنه «انتهاك لحريات الفكر والاعتقاد والتعبير والمكفولة بمقتضى المواد 47، 48، 49 من الدستور المصري والتي تقر حرية التعبير بشتى الصور وحرية الابداع الأدبي والفني والثقافي».

وأشارت المنظمة في بيان إلى ان قرار وزير العدل بمنح صفة الضبطية القضائية لمفتشي الأزهر يقوي من دور المؤسسة الدينية في الرقابة على المصنفات والمطبوعات الأدبية والفنية، ولاسيما في ظل الدور الذي يقوم به مجمع البحوث الاسلامية التابع للأزهر في الرقابة على المطبوعات حتى تلك التي ليست لها علاقة بالدين وقيامه من خلال لجانه بمصادرة بعض الكتب ومن بينها أعمال أدبية وسياسية متجاوزا بذلك قانون الأزهر رقم 13 لسنة 1961 ولائحته التنفيذية. وأعرب البيان عن المخاوف من أن يكون هدف الحكومة من وراء هذا القرار هو مغازلة التيار الاسلامي لا سيما بعد حملة الاعتقالات التي قامت بها أخيرا ضد جماعة الاخوان المسلمين «المحظورة». واتهم البيان الحكومة المصرية بالسعي لاستيعاب القوى السياسية الاسلامية خاصة في ظل طرح الاخوان انفسهم كقوى سياسية فاعلة وبديلة لنظام الحكم في البلاد وطرحهم مبادرة للاصلاح خاصة بهم.

وأعرب حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة عن اعتقاده بأن القرار يتعارض مع أحكام المادة (19) من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية. وقال إن من المفترض أن المعاهدة تشكل جزءا من النظام القانوني في مصر بعد تصديق الحكومة عليها.

وقد صدر قرار وزير العدل المصري بعد أيام قليلة من مصادرة الأزهر لرواية «سقوط الإمام» للكاتبة المصرية المثيرة للجدل نوال السعداوي رغم صدورها منذ أكثر من 20 عاما.