غيرهارد شرودر أول مستشار ألماني يحتفل مع الحلفاء الغربيين بـ«يوم الحسم»

TT

عبر المستشار الألماني غيرهارد شرودر عن سعادته حينما تلقى دعوة من «صديقه» جاك شيراك لحضور يوم النورماندي (يوم الحسم)، الذي يحتفل به الحلفاء منذ 60 عاما بمناسبة انتصارهم على ألمانيا الرايخ الثالث. وأغدق المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية توماس شتيغ على حضور المستشار شرودر للاحتفالات صفة «أهمية رمزية بالغة وخطوة نهائية على طريق مصالحة ألمانيا مع ضحايا الحرب العالمية الثانية».

وطبيعي فقد أراد الاشتراكي شرودر أن يميز نفسه تماما عن المحافظين أمام الناخبين الألمان الذين أبدوا ميلا ظاهرا في الأشهر الأخيرة نحو الحزب الديمقراطي المسيحي. فقد سبق للمستشار المحافظ هيلموت كول أن رفض دعوة مماثلة جاءته من «صديقه» فرانسوا ميتران قبل اكثر من عشر سنوات وأثار بذلك امتعاضا كبيرا في فرنسا وبين حلفائها من أربعينات القرن العشرين.

ويعود رفض المحافظين للاحتفال بهذا اليوم إلى سنوات قليلة أعقبت الحرب العالمية الثانية حينما بدأت ألمانيا الديمقراطية الاحتفال بيوم 8 مايو (ايار) 1945، يوم الاستسلام النهائي للقوات النازية، باعتباره «يوم التحرير» من النازية. فقد رفض البرلمان الألماني الاتحادي الاحتفال بهذا اليوم كيوم للانتصار على النازية في رد فعل واضح ضد موقف برلين الشرقية، وتوج موقفه رسميا عام 1975 حينما صوت بالأغلبية إلى جانب رفض المشاركة في يوم النورماندي أيضا باعتباره «يوم هزيمة» حسب تقدير رئيس كتلة المحافظين في البوندستاج (البرلمان) آنذاك وهو الفريد دريغر.

والموقف من يوم الحسم ويوم التحرير ليس المأخذ الوحيد للفرنسيين والبريطانيين والاميركيين على الحكومات الألمانية، سواء المحافظة أو الاشتراكية منها، في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية. فقد رفض سائر الحكومات الألمانية المتعاقبة اعادة الاعتبار للجنود الهاربين من الجيش آنذاك. كما رفضت حتى الآن اعتبارهم من ضحايا النازية بسبب الاعدامات التي لحقت بهم.

وإذا كانت بضع ولايات ألمانية قد بادرت برد الاعتبار لهؤلاء الجنود المقاومين للنازية وأقامت نصبا لهم في بعض المدن، فقد ظلت الحكومة الاتحادية مصرة على موقفها الذي يتعامل مع الجنود الألمان الهاربين أبان الحرب العالمية الثانية باعتبارهم خونة.

وكان الحلفاء قد بدأوا هجومهم النهائي على القوات الألمانية في الجبهة الغربية بانزالهم الشهير في النورماندي يوم 6 يونيو (حزيران) 1944. ودأبت الحكومة الفرنسية طوال ستين عاما على تهيئة الاحتفالات في مدينة النورماندي والمدن الساحلية القريبة منها بحضور الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني والرئيس الروسي.

وفي محاولة جديدة لرأب الصدع في الموقف من هذه التواريخ «المحرجة»، تم الاتفاق العام الحالي على إقامة معسكر مشترك للشباب في النورماندي من 27 مايو الحالي الى السابع من يونيو (حزيران) المقبل يحضره عشرات الشباب من ألمانيا وفرنسا وكندا وبولندا وبريطانيا وفرنسا. وفي حين عبر الشاب الألماني اوفة شتارك من ميونيخ عن سعادته بهذه الخطوة «الرمزية»، عبر رئيس جمعية المحاربين القدماء في النورماندي، وهو ايدي هاناث، من على صفحات «ديلي تليغراف» البريطانية عن عدم سروره ازاء الأمر برمته. ورغم أن الحكومة الألمانية أكدت عدم الانتهاء من وضع برنامج شرودر في النورماندي حتى الآن، فقد ابدى هاناث امتعاضه من اشراك شرودر في الاحتفال المركزي للحلفاء في رومانش ووضعه لأكليل الزهور على قبور قتلى شهداء الحلفاء. واعتبر هاناث قيام شرودر بوضع أكليل للزهور على قبور الجنود البريطانيين «تدنيسا».

وقال هاناث أنه لا يجد أي مشكلة في أن يضع شرودر اكليل زهوره قرب النصب المخصص لـ 361 ألمانيا سقطوا في المعارك ودفنوا في مقبرة رانفيل التي تقع على بعد ثمانية كيلومترات إلى الشمال من النورماندي.