«الشرق الأوسط» تزور قرية الطفل المصري رامي الذي استشهد في حادث الخبر

الأب: قضيت نصف عمري في السعودية ولا أصدق ما حدث

TT

غطت حالة الحزن والكآبة على قرية «جنزور» بمركز بركة السبع في محافظة المنوفية في دلتا مصر وذلك بعد مقتل الطفل رامي سمير الغنيمي، 10 سنوات، في حادث الخبر الارهابي الذي وقع في المملكة العربية السعودية السبت الماضي. وسادت القرية التي تقع على بعد 80 كيلومترا شمال القاهرة حالة ذهول مما حدث بعد ان فقدت هذه القرية نجل أحد أبنائها والذي تربطه علاقة جيدة بأهالي القرية، البالغ عدد سكانها نحو 40 ألف نسمة. «الشرق الأوسط» زارت قرية جنزور. ولمحت في عيون أفراد الأسرة الصدمة والشعور النفسي بعد الرغبة في عدم تصديق ما حدث.

الأب، سمير عبد الظاهر الغنيمي، كان في حالة من عدم التركيز ورفض التحدث عن تفاصيل ما حدث حتى لا يوقظ مرة اخرى الذكريات الاليمة التي عاشها خلال الايام الماضية بعد أن فقد أصغر أبنائه وأعزهم اليه. ولازمت الأب كلمة «حسبنا الله ونعم الوكيل» وهو يتحدث الينا قائلا: لا أملك الا ان افوض أمري الى الله، لا أريد التحدث عن هذا الجرح فابني راح ولم يكن له أي ذنب، اعتقد ان من فعلوا هذا ليس لديهم أي ضمير او اخلاق أو مراعاة لله، فكيف يقتلون طفلا لم يتجاوز العاشرة، أنني لا اجد ما أقوله سوى شكري للسلطات السعودية والخارجية المصرية التي كانت متعاونة معي للغاية، كما انني اشكر بشكل خاص الدكتور عبد الحميد مؤمن مدير مستشفى السعد الطبي الذي وقف بجانبي في محنتي وهو الآن الذي يقوم مع أسرته باستضافة ابنتي «ولاء» التي تؤدي امتحانات الثانوية العامة.

ثم عاود الأب كلامه: في الحقيقة لا اجد ما اقوله وليس لدي تفسير لما حدث اعذروني لا استطيع ان اتكلم في ملابسات الحادث وكل ما لدي الآن انني عشت في السعودية 25 عاما وهي تقريبا مدة تجاوز نصف عمري منذ ان عملت في شركة ايبيكو حتى وصلت لمدير اداري بها، لم اتوقع ما حدث، لكني ما زلت أحب السعودية واعتبرها بلدي الثاني.

وبدت في كلمات الأب علامات عدم التركيز، وانه لا يصدق ما حدث خاصة ان طفله رامي يعد اقرب أبنائه الى قلبه رغم ان له ابنا آخر، وسام، وهو يدرس بكلية الطب بجامعة عين شمس بالقاهرة، بالاضافة الى ابنتين «ولاء» التي تدرس في الثانوية العامة و«رانيا» التي كانت مع رامي وقت وقوع الحادث.

ولم تختلف حالة الأم كثيرا عن حالة الأب. فقد عاشت حالة عدم تركيز لم تمكنها من التعرف على المعزين من القرية التي تجمع بين شكل الحضر والريف.

الأم وهي حاصلة على مؤهل عال، لم تتحدث بأية كلمة غير نظرة الحيرة في عينيها وهو ما حدث ايضا مع الابنة «رانيا»، بينما اتضح من باقي أفراد الأسرة حرصها على التدين وانها تعيش بشكل محافظ وهو ما يجمع علية أهالي القرية، فـ«سمير الغنيمي» له ثلاثة أشقاء أحدهم طبيب والآخر مهندس والثالث مفتش على المضيفين في شركة مصر للطيران. وهو ينتمي لعائلة الغنيمي التي تعيش حياة ميسورة، تدل عليها البنايات التي يملكها وايضا قيمة الاثاث بالمنزل. كما ان للعائلة مكانة خاصة في القرية. ويؤكد أهالي القرية ان أصول عائلة الغنيمي تعود الى الجزيرة العربية وينتهي نسب العائلة الى قبيلة «الخزرج» بالمدينة المنورة التي ناصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته.

في القرية ايضا مقام للشيخ الغنيمي. وتعيش العائلة التي تحتفظ بمكانة خاصة بين سكان القرية الذين ادركوا بمجرد سماع الخبر في الاذاعات والمحطات ان الطفل الشهيد هو ابن قريتهم وذلك لشهرة العائلة بها. ولذلك كان الهدوء الذي تملك سكان القرية حزنا على الطفل. وظهر ما يشبه حالة من الذهول على الأهالي لادراكهم ان ما حدث لم يكن متوقعا أن يحدث ضد أحد أفراد عائلة الغنيمي المعروف عنها التدين وحرصها على الاسلام بين الاشخاص في القرية. وجزم الأهالي بأن مقتل رامي بهذه الطريقة على يد الارهابيين لا يمكن ان يصدر عن أناس مسلمين. وقالوا ان من فعل ذلك يريد ان يشوه الاسلام. فهؤلاء الارهابيون، كما يصفهم أهالي قرية جنزور، لا يحبون هذا الدين فكيف لهؤلاء ان تمتد أيديهم الى طفل صغير بدون ذنب؟ وقال أحد الأهالي: هل سألوا عنه؟ انه من عائلة الغنيمي المتدينة الذي يشهد لها الجميع بالأخلاق.