انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وشمالي الضفة لن يبدأ قبل 9 أشهر

رجال الأعمال ينضمون إلى حملة الضغوط: سقوط الحكومة يؤدي إلى انهيار الاقتصاد

TT

في الوقت الذي غرق فيه الوزراء المترددون في تأييد خطة الفصل عن الفلسطينيين في الحكومة الاسرائيلية، أمس، في النقاش حول مصير الحكومة ان هم صوتوا ضد خطة الفصل مع الفلسطينيين تبين ان رئيس الوزراء، ارييل شارون، يخطط الا يبدأ الانسحاب الاسرائيلي من مستوطنات قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، بأي حال من الاحوال، قبل 9 اشهر من الآن. ومع ذلك، فان الوزراء المترددين لم يحسموا الامر حتى اللحظة الاخيرة. وفي هذه الاثناء انضمت الى حملة الضغوط عليهم مجموعة من رجال الاعمال وكبار الاقتصاديين، الذين حذروا من انهيار حقيقي في الاقتصاد الاسرائيلي اذا سقطت الحكومة وخطتها السياسية.

وكان الموضوع المركزي الذي شغل البال في الحلبة السياسية الاسرائيلية، امس، هو «الحل الوسط» الذي اقترحته وزيرة الاستيعاب، تسيبي لفنة، المؤيدة لخطة شارون. ويقول اقتراحها ان حكومة اسرائيل تقر خطة الانفصال عن الفلسطينيين بالكامل، ولكنها لا تذكر الانسحاب من المستوطنات واخلاءها. ويضيف ان الانسحاب الكامل (من قطاع غزة ومن شمالي الضفة الغربية) يتم على 4 مراحل، بحيث تبحث كل مرحلة وتقرر بشأنها، على حدة وكأنها مشروع قائم بذاته. وعندئذ يتقرر ان تخلى او لا تخلى مستوطنات.

وفي بداية المفاوضات بدا ان شارون، وكذلك الوزراء المترددين الاربعة: بنيامين نتنياهو (المالية) وسلفان شالوم (الخارجية) وليمور لفنات (التعليم) وداني نافيه (الصحة)، يوافقون على هذه الصيغة. ولهذا، ثارت ثائرة المعارضة اليسارية، التي اتهمت شارون بالخنوع الى اليمين المتطرف. واعلن يوسي سريد: «ماتت خطة الفصل».

وهنا، جاء تصريح شارون اول من امس الذي قال فيه انه حتى نهاية العام 2005، لن يبقى يهودي واحد في قطاع غزة او في شمال الضفة الغربية. فاعلنت احزاب اليمين المتطرف انها ستنسحب من الحكومة بمجرد اقرار هذه الصيغة. فيما انقسم حزب المفدال (الممثل المباشر للمستوطنين) الى قسمين، احدهما بقيادة الامين العام ايفي ايتام (وزير الاسكان)، الذي قال ان حزبه سينسحب من الحكومة والثاني بقيادة وزير العمل والرفاه، زبولون اور ليف، الذي قال ان اتخاذ قرار حسب وساطة الوزيرة لفنات، يجب الا يؤدي بالضرورة الى الانسحاب من الحكومة.

وبسبب هذه المواقف ارتدع وزراء الليكود المترددون. وراحوا يضغطون على شارون لكي يغير الصيغة بطريقة تجعل من الممكن بقاء احزاب اليمين او حتى حزب واحد منها. وقال نتنياهو للوزيرة لفنة: تفضلي اقنعي المفدال ونحن معك. ويخشى هؤلاء الوزراء من ان تنسحب احزاب اليمن المتطرف، فلا يبقى في الحكومة سوى الليكود وشنوي ويصبحوا مضطرين الى قبول حزب العمل في الائتلاف الحكومي. وعندها سيفقدون مقاعدهم الوزارية. اذ ان حزب العمل سيحصل، على الاقل، على حقيبة وزارية كبرى (الخارجية او الحالية).

واستمرت المفاوضات بين مكتب شارون ووزرائه الاربعة طيلة الليلة قبل الماضية، وطوال امس. ومع ان الطرفين تحدثا عن تقدم في المفاوضات، الا انهما اكدا ان الامر يحتاج الى المزيد من الوقت.

لكن شارون اعلن لهم انه لا يملك كثيرا من الوقت. وامهلهم حتى صباح اليوم ان يبلغوه بموقفهم. والسبب في ذلك هو ان شارون ينوي تقليص الحكومة في حالة فشل المفاوضات مع وزرائه. والتقليص المخطط يتم بواسطة اقالة وزيري الاتحاد اليميني المتطرف، بيني الون وافيغدور ليبرمن. والهدف هو تحويل اقليته الى اكثرية. وقيل انه ينوي اقالة وزير آخر من الليكود، هو نتان شيرانسكي (زعيم حزب اليهود الروس، الذي حل حزبه وانخرط في الليكود). ولكي يصل شارون الى جلسة الحكومة، يوم الاحد المقبل، وتقلصت حكومته حسبما يريد، يجب ان يقدم كتاب الفصل قبل 48 ساعة من لحظة التصويت. وعليه، فان من المفروض ان يصدر كتب الاقالة صباح اليوم. واعد شارون هذه الرسائل مطبوعة وجاهزة للتسليم، بانتظار نجاح مفاوضاته مع وزراء الليكود. فاذا فشلت، فانه سيرسلها.

وفي هذه الحالة، تكون هناك اكثرية مضمونة لشارون في الحكومة، لصالح خطة الفصل المعدلة.

ولكن، حتى لو ضمن شارون الاكثرية، فكما تبين من تفاصيل الخطة عند التطبيق، فان الانسحاب حتى من 3 مستوطنات صغيرة ونائية من قطاع غزة، لن يبدأ قبل 9 اشهر من الآن. والحجة التي يتذرع بها شارون لهذه المماطلة، هي انه يحتاج الى هذا الوقت من اجل اعداد برامج الاخلاء والاتفاقيات مع المستوطنين الذين سيتم اخلاؤهم واعداد اماكن السكن الجديدة التي سيتم نقلهم اليها.

من جهة ثانية، انضم رجال الاقتصاد الاسرائيلي الى الجهود والضغوط الممارسة على الوزراء. فقد خرجوا ببيان موجه الى جميع القادة السياسيين في اسرائيل يطالبونهم فيه بالاهتمام في اقتصاد الدولة. ويقولون ان استمرار حالة اللا استقرار السياسي الحالية اخر كثيرا في الاقتصاد الاسرائيلي. ولكن، اذا سقطت حكومة شارون او فشلت خطته للفصل عن الفلسطينيين، فان الاقتصاد الاسرائيلي سيصاب في حالة انهيار شامل، وستهبط الى الحضيض كمية الاستثمارات الاجنبية.