الجزائر: استقالة رئيس البرلمان الخصم القوي لبوتفليقة وتوقع خليفة له من «التحالف الرئاسي»

TT

أعلن رئيس البرلمان الجزائري كريم يونس عن استقالته من منصبه أمس، في خطوة اعتبرها مراقبون استجابة للضغوط التي مورست من قبل مؤيدي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ضد الرجل الثالث في الدولة. وفاجأ هذا القرار كل النواب والوزراء الذين كانوا في البرلمان للرد على أسئلة النواب بخصوص جملة من القضايا المحلية.

التحق كريم يونس بقاعة المجلس الشعبي الوطني كعادته، وبينما كان النواب والوزراء ينتظرون منه افتتاح الجلسة، أخرج يونس ورقة من جيبه وقرأ نص الاستقالة. وجاء في الرسالة أن التنحي من رئاسة البرلمان «جاء بدافع حرصي على البقاء وفياً للمفهوم الذي أعطيته للممارسة السياسية». وربط يونس قرار الاستقالة بالوضع الجديد الذي أفرزته انتخابات الرئاسة الأخيرة والتي فاز فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة باغلبية ساحقة. وقال يونس: «إن الانتخابات الرئاسية أفضت إلى وضع سياسي جديد وأعتبر أنه من الواجب أخلاقيا التعامل مع التطورات الجديدة بما تمليه عليّ قناعتي وتصوري للعمل السياسي».

وكان يونس من أبرز الخصوم السياسيين لبوتفليقة، اذ لم يتردد في كثير من المناسبات في توجيه الانتقاد للرئيس، الى درجة ان اتهمه مرة باستغلال المال العام واحتكار وسائل الإعلام الحكومية للفوز بولاية رئاسية ثانية. واختار يونس قبل انتخابات الرئاسة، التخندق في صف علي بن فليس الامين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني وأحد منافسي بوتفليقة في الاستحقاق الرئاسي ورئيس وزرائه السابق. وبلغ توتر العلاقة بين يونس وبوتفليقة درجة اصبحا يتفاديان معها مصافحة بعضهما البعض في المناسبات البروتوكولية وفي الحفلات الرسمية، حتى أن بعض المسؤولين الأجانب الذين زاروا الجزائر في الآونة الاخيرة لاحظوا هذا الجفاء بين المسؤولين وتحدثوا عنه الى الصحافة المحلية. وقال يونس انه قرر الاستقالة يوم 10 أبريل (نيسان) الماضي، اي بعد يوم واحد على اعلان فوز بوتفليقة، الا انني رجأت الاعلان عن ذلك «حتى لا أعرقل سير مؤسسات الدولة فاسحا المجال امام الحكومة لعرض برنامجها على البرلمان وفي الأخير المصادقة عليه». وقال يونس في تصريح خص به «الشرق الأوسط»: «إن قرار الاستقالة يعبر عن موقف سياسي له علاقة بمبادئ وقناعات وقيم، وسأواصل بطبيعة الحال مساري النضالي للتمكين لأفكاري من التبلور في الميدان». وحرص يونس على التاكيد بأن استقالته لم تكن وليدة ضغوط من أي طرف «فقد تحملت مسؤولياتي كرجل دولة فقط».

ومعروف أن نواب جبهة التحرير، حزب الغالبية التي ينتمي إليها يونس، قد شنوا حملة مركزة ضده لحمله على الرحيل، وانضم لهذا المسعى نواب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وذلك بدافع تقديم الولاء لبوتفليقة ونكاية في بن فليس، الذي كان يونس من رجاله المقربين. وفي رد فعله على الاستقالة، قال عبد العزيز بلخادم وزير الخارجية ومنسق الحركة «التصحيحية» (جناح الجبهة الذي انشق عن بن فليس ودعم ترشح بوتفليقة)، إنه يوجه تحية لـ «الخلق السياسي لرئيس البرلمان يونس ولروحه النضالية». وذكر سعيد بركات وزير الفلاحة وأحد المقربين من بوتفليقة ان يونس «آثر الجزائر على نفسه». كما اعتبر نور الدين زرهوني وزير الداخلية والرجل النافذ في السلطة، الاستقالة «قرارا يساهم في ترسيخ مبادئ الديمقراطية». وينتظر في الأسبوعين المقبلين، أن ينتخب نواب البرلمان خليفة ليونس، طبقا لما ينص عليه القانون. واظهر نواب «التحالف الرئاسي» الذي يضم التجمع الديمقراطي والحركة «التصحيحية» وحركة مجتمع السلم، إرادة قوية في أن يخرج الرئيس من صفوفها، ويعتبرون ذلك امراً طبيعياً يعكس وضع ما بعد الانتخابات.