التشكيلي عبود السلمان يوجه رسائل عشق من طمي الفرات للإنسان

حكايات عتيقة ووجوه وأمكنة من رائحة الطين في أعمال الفنان السوري

TT

إن الحكايات التي يدعونا إلى رؤيتها وسماعها الناقد والفنان العربي التشكيلي السوري عبود السلمان من خلال أعماله الفنية الفلكلورية والرمزية هي حكايات عتيقة جاءت من نهر الفرات الذي يملأ ذاكرته والممزوج بروح المعاصرة، حملها من منطقة الميادين الواقعة على نهر الفرات بدير الزور في سورية، حيث ولد بها ونشأ وتعلم الرسم مع الطبيعة.

ويقول السلمان في ذلك «خافق أنا مثل عباءة أمي التي ولدتني بصوت الحب في مهب الريح وجعلتني أرسم منذ صغري، أما أبي الطيب فقد علمني في بداية عمري كيف أكون راعيا مهما لأغنام القرية التي أخذتني في سهولها الخضراء، وقد أسكنت في لوحاتي المرأة كرمز للخصوبة والعطاء والمعاناة، وذاكرتي تحمل رؤى لصبي مشاكس لون جدران منازل القرية بقطع من الفحم الأسود، كأول أقلام رسم استخدمتها، وكنت أسرقها من فحم التنور».

يصف الناقد الدكتور راتب الغوثاني التجربة الفنية التي نسجها الفنان عبود السلمان بقوله «إن عبود يستفزنا لتجاوز الإيماءات الأدبية والسردية والمباشرة. ويدعونا للإبحار بعيدا في الدلالة الفلكلورية والعشائرية كالرمز والزخرف والشكل اللين والهلامي والهلالي، وهو بهذا يدعونا رغم كل عشائريته للانفلات إلى الرحاب المجاورة لعصر الأنا الملونة».

أما الناقد الدكتور محمود شاهين فقال عنه «بدا هذا الفنان كنهر الفرات الضاج بالمشاعر والأشكال والقادم من فطرة الفرات عندما ينهمر هذا الفنان على بياض اللوحة وكأنه النهر الملجوم الذي لا يحده حد».

والفنان عبود السلمان قدم من خلال أعماله الفنية في معرضه الأخير بجدة الذي حمل عنوان «رسائل عشق من طمي الفرات»، واستمر عشرة أيام، حكايات عطرية محملة بالحلم والواقع في خطابها التشكيلي الذي نسجه من عبق الماضي للإنسان أينما كان، وذلك في معرضه الفني الشخصي الذي تم افتتاحه الأسبوع الماضي بالمركز السعودي للفنون التشكيلية الذي رعته الجمعية العربية ـ السعودية للثقافة والفنون، ووصلت أعماله المعروضة إلى ثمانين قطعة فنية من فخاريات وخزفيات ورسم على القماش، حيث اعتمد الفنان على موضوع التراث وعلاقة المكان في اللوحة من خلال خصائص الماضي والحاضر عبر حضور مفردات تشكيلية تأخذ من الطين شكلا فنيا قابلا للإبداع.

وعن تجربته في معرضه الأخير، الذي لقي إشادة من الحضور خلال أيام افتتاحه، يقول عبود السلمان «بدأتها بمغامرة فنية تشكيلية عشقتها منذ البداية»، فقد تعرف على خامة الطين وشكل منها رسائل جميلة يعرضها لأول مرة في مدينة جدة. ويقول «أخذتني هذه التجربة إلى رائحة بيئة الفرات وذاك النهر العظيم الذي ولدت فيه حيث أستحضر صفاء ذلك العشق في مئات الوجوه وفي عشرات الأمكنة راسما لذاكرة الفرات وحضارته القديمة والجديدة العالم الذي أعشقه خارج رتابة الحكاية».

والسلمان فنان تشكيلي عربي سوري، وهو ناقد كاتب صدرت له ثلاثة كتب في الفن التشكيلي هي «شخوص مدينة العجاج» وكتاب «البذور والجذور» وكتاب «ألفة الأمكنة»، وقد فاز بجائزة النقد التشكيلي على مستوى الوطن العربي عن مخطوط «ينابيع الضوء في ذاكرة الحلم التشكيلي العربي المعاصر» بالإمارات، وأقام أكثر من 13 معرضا فنيا في معظم الدول العربية والعالمية ومنها سورية ولبنان والمملكة العربية السعودية وفرنسا وإيطاليا، وله الكثير من المشاركات النقدية في الصحافة السعودية والعربية. كما أختير ممثلا لفناني البحر الأبيض المتوسط عن الفن السوري عبر مدينة نابلي في جنوب إيطاليا لعام 2002، وله العديد من الأعمال الفنية التي قامت باقتنائها المتاحف العربية والعالمية، منها متحف العالم العربي بباريس، ومتحف ثقافات العالم في فرنسا ودول أخرى كأسبانيا وألمانيا والسويد واليابان.