الصدر يقرر «إخفاء» المظاهر المسلحة ثم سحب «جيش المهدي» والقوات الأميركية توافق على الانسحاب الجزئي من النجف والكوفة

هجومان بقذائف على دورية أميركية ومركز للشرطة في مدينة الصدر يوقعان أربعة جرحى بين الجنود الاميركيين وأربعة قتلى و11 جريحا عراقيا

TT

اعلنت مصادر عسكرية أميركية أمس ان القوات الاميركية وافقت على إجراء انسحاب جزئي من بعض المواقع في مدينتي النجف والكوفة الشيعيتين وتسليم الامن حول هاتين المدينتين الى الشرطة العراقية في اطار اتفاق مع مقتدى الصدر زعيم ميليشيا «جيش المهدي» الذي اعلن في خطبة الجمعة التي القيت باسمه في مسجد الكوفة، رفضه للحكومة الجديدة قائلا انه «بريء منها». وبينما تواصلت الاستعدادات لتطبيق هدنة جديدة تسمح بـ«اخفاء» المظاهر المسلحة في مدينتي النجف والكوفة، بدا ان التوترات ما تزال مستمرة في مدينة الصدر، شمال شرقي بغداد، حيث تعرضت قافلة اميركية لهجوم، كما هوجم مركز للشرطة.

وقال الصدر في الخطبة التي القاها نيابة عنه الشيخ جابر الخفاجي «اعلن براءتي من هذه الحكومة الى يوم الدين لان الشعب يرفضها». واضاف «لا بد ان تكون حكوماتنا منتخبة انتخابا شرعيا ولن يقبل الشعب العراقي بحكومة معينة من قبل المحتل». وتابع «لا اتصور اي عاقل واي مرجعية يقبل بهذا التعيين، انا بريء من الحكومة الى يوم الدين».

ولم يفهم لماذا «يتبرأ» الصدر من حكومة لم يدع الى ان يكون جزءا منها، وينتظر ان تواصل ملاحقته بتهمة الوقوف وراء مقتل رجل الدين عبد المجيد الخوئي العام الماضي.

وقال الشيخ ناصر الساعدي في مسجد الحكمة في مدينة الصدر مخاطبا مئات المصلين «وسائل الاعلام منشغلة بتسلم الحكومة العراقية لمقاليد السلطة، والواقع ان هذه الحكومة جاءت عن طريق التعيين وليس الانتخاب وهي نسخة من مجلس الحكم بعنوان جديد». واضاف «هي حكومة لا تمثل أيا من المجاهدين الذين جاهدوا في العراق ولا نجد ايا من اسمائها من المجاهدين». وردا على الانتقادات التي توجه الى جيش المهدي قال «جيش المهدي رافع رأس الشيعة والمدافع عن المقدسات وعن الارض والعرض، ولكن نجد مع الاسف ان هناك من يتحدث عنه بكذا وكذا، وهم يفضلون الاختباء في الجحور ويخافون الموت». وتابع «نعلن اننا براء من الارهاب والارهابيين» مضيفا «ان المقدسات والخطوط الحمراء تهان فهل نحن إرهابيون ام المعتدي هو الارهابي؟».

واعلن مكتب الصدر مساء اول من امس انه سيبدأ «اخفاء المظاهر المسلحة» في مدينتي النجف والكوفة طبقا لاتفاق تم التوصل اليه اول من امس مع «البيت الشيعي». وصرح قيس الخزعلي الناطق الرسمي باسم مكتب الصدر أمس «سنقوم باخفاء المظاهر المسلحة بدءا من اليوم او غدا»، موضحا ان ذلك يعني «اخفاء الاسلحة وبقاء المقاتلين في المنطقة». وقد تم التوصل الى «مبادرة» ليل الخميس الجمعة بين تيار الصدر والبيت الشيعي (يضم كل التيارات والاحزاب الشيعية) اثر اجتماعات متتالية ضمت العضو الشيعي في مجلس الحكم احمد الجلبي والزعيم مقتدى الصدر ومسؤولي «البيت الشيعي» في دار الضيافة في مرقد الامام علي في النجف. وفي بيان صدر اثر الاجتماعات، قال حيدر الصوفي الناطق الرسمي للبيت الشيعي ان المبادرة التي تم الاتفاق عليها تنص على «تعزيز وتأكيد وقف اطلاق النار واستكمال سحب المظاهر المسلحة من داخل المدن المقدسة سواء في النجف أو الكوفة». كما تنص على «نشر مواطنين من البيت الشيعي لمراقبة الخروقات التي تحدث والجهة التي تقوم بها» ومطالبة محافظ النجف عدنان الذرفي بـ«نشر قوات الشرطة من اهالي النجف الاشرف داخل المدينة المقدسة لتحل محل الميليشيات». وطالب المجتمعون «قوات الاحتلال بالالتزام بالوجود في النقاط المحددة لها وعدم مداهمة البيوت واعتقال الاشخاص في مدينتي النجف والكوفة». وأعلنت هدنة في 27 مايو (ايار) في محافظتي النجف وكربلاء بين قوات التحالف وميليشيا الصدر لكنها خرقت مرارا. وأكد الصدر في رسالة وجهها في اليوم نفسه الى موفق الربيعي مستشار الأمن القومي في العراق ان الهدنة تهدف الى انهاء الوضع المأساوي في المدن الشيعية. وأعلن عن خطة لتطبيق هذه الهدنة تقضي بـ«إلغاء جميع المظاهر المسلحة واشغال المباني الحكومية (...) وانسحاب جميع مقاتلي جيش المهدي من غير ابناء محافظة النجف من هذه المدينة والتوقف عن ملاحقة الاشخاص ومحاكمتهم».

وقالت القوات الأميركية انها ستنسحب من المواقع القريبة من المزارات الشيعية في مدينة النجف العراقية أمس وذلك للمساعدة في تثبيت الهدنة مع انصار الصدر.

وقال الكولونيل براد ماي لمراسل تلفزيون «سي. إن. إن» ان القوات الأميركية ستظل متاحة لمساعدة قوات الشرطة العراقية في السيطرة على المواقع الهامة في اطار اتفاق الهدنة. غير أنه قال ان هناك «انفراجة» نحو وضع حد لأسابيع من القتال.

وقال متحدث عسكري أميركي ان أربعة جنود أميركيين أصيبوا بجروح أمس لدى تعرض عربتهم العسكرية لهجوم اثناء سيرها في مدينة الصدر. وذكر مراسلون ان ألسنة اللهب وأعمدة الدخان شوهدت تتصاعد من حطام المركبة فيما كان جنود اخرون يسحبون الجنود الأميركيين الذين تعرضوا للهجوم. وطوقت القوات الأميركية المنطقة لاجلاء الجرحى. وقال اللفتنانت كولونيل جيمس هاتون المتحدث باسم فرقة الفرسان الاولى المتمركزة في بغداد «جرح اربعة جنود من افراد قوة العمل في بغداد حين استهدف انفجار المركبة التي كانوا يستقلونها». ولم يتضح بعد مدى خطورة الاصابات.

وافاد مصدر طبي والتحالف عن مقتل اربعة عراقيين واصابة 11 شخصا بينهم ثلاثة جنود اميركيين ليل الخميس الجمعة في مواجهات شهدتها مدينة الصدر. وأكد مراسلون بعد الاتصال بأربعة مستشفيات في بغداد مقتل اربعة اشخاص واصابة ثمانية آخرين في مواجهات بين مقاتلين ينتمون على ما يبدو الى «جيش المهدي» وبين جنود أميركيين. وكان الجيش الاميركي اعلن في وقت سابق امس ان مقاتلين هاجموا مركزا للشرطة ليلا. وقال الكابتن الاميركي براين اومالي ان «مركز الشرطة هوجم ليلا». واضاف ان «ثلاثة من جنودنا جرحوا في حين سقط قتلى في صفوف العدو. عدد صغير». لكن الكابتن الاميركي رفض ان يؤكد ان المهاجمين ينتمون الى جيش المهدي وقال «كل ليلة تقريبا هناك احتكاك بين الاميركيين والعدو».