مسؤولون أميركيون:علاقة الجلبي بإيران تعود إلى 1995

TT

قال مسؤولون كبار في الادارة الأميركية إن رئيس جماعة المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي، الذي تتهمه بعض الدوائر الأميركية بأنه وراء إبلاغ إيران بان الولايات المتحدة قد فكت شيفرة خاصة بالاستخبارات الإيرانية، كان قد شارك قبل تسعة أعوام في سلسلة اعتراضات على المكالمات والرسائل الالكترونية.

وذكر هؤلاء المسؤولون حادثة وقعت في أوائل عام 1995 حينما ظهر اسم الجلبي على رسالة مشفرة في برقية إيرانية وفيها ذكر لخطة وضعتها وكالة المخابرات المركزية الاميركية «سي آي أيه»، تهدف إلى اغتيال الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقد تم اعتراض الرسالة من قبل الاستخبارات الأميركية وتسبب مضمونها في ضجة سياسية كبرى في واشنطن آنذاك.

وأثيرت حادثة 1995 عندما كان الجلبي في شمال العراق حيث كان يعمل مع «سي آي أيه» ضد الرئيس العراقي السابق. وكان ضابط وكالة المخابرات المركزية المتعامل مع الجلبي آنذاك هو روبرت باير.

وأنكر باير هذا الشيء. وفي كتاب صدر عن تجربته العسكرية عام 2001 قال إن الخطة لقتل صدام حسين كانت ملفقة وتمت فبركتها من قبل الجلبي لكسب دعم إيراني لمساعيه السياسية ضمن العمل المعارض للنظام العراقي السابق.

فللبرهنة للايرانيين على أنه حصل على دعم واشنطن كي يسعى إلى اغتيال صدام حسين لفق الجلبي رسالة مكتوبة من مجلس الأمن القومي الأميركي تطلب من الجلبي أن يطلب مساعدة الإيرانيين، حسبما اورد باير في كتابه «القصة الحقيقية لجندي ميداني في حرب سي آي أيه على الإرهاب». وقالت الرسالة، كما كتب باير، إن واشنطن بعثت بفريق يهدف للقيام بعملية الاغتيال يرأسه روبرت بوب، وهو اسم مزيف.

وفي لقائه بضباط الاستخبارات الايرانية ترك الجلبي الرسالة على مكتبه بينما تظاهر بالذهاب إلى غرفة أخرى للإجابة على مكالمة هاتفية، وكان يعرف أن الضباط الإيرانيين سيقرأون الرسالة، كما كتب باير ايضا.

وما حدث لاحقا لم تتم الكتابة عنه من قبل، فالضباط الإيرانيون بعثوا برسالة مشفرة إلى طهران حول خطة الجلبي المزعومة، كما افاد مسؤولون اميركيون أول من أمس. وتمكنت الولايات المتحدة من اعتراض الرسالة التي بعثها ضباط الاستخبارات الايرانية الذين التقى بهم الجلبي، إذ ان الاميركيين كانوا قد تمكنوا من فك الشيفرة الايرانية آنذاك.

وكان اعتراض تلك الرسالة سنة 1995 قد أصبح أساسا لتقرير تم توزيعه بين أوساط الاستخبارات والمباحث الأميركية في واشنطن، حسبما قال مسؤول اميركي متذكرا مسلسل تلك الأحداث. وكانت النتيجة هي ليس فقط تعميق الشعور بعدم الثقة بالجلبي داخل «سي آي أيه» بل قام مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي آي» بتحقيق مع باير حول الموضوع.

وكان قلق المحققين، كما يروي باير في كتابه، منصبا حول ما إذا وقع انتهاك للأوامر الرئاسية وللقانون الأميركي التي تحرم الاغتيالات. ومر باير باختبار كشف الكذب، لكن ذلك جرى بعد ما يقرب من عام قبل أن تتم تبرئته وتبرئة فريقه. مع ذلك فإن عمل باير الوظيفي لحقه ضرر كبير، وهو لم يتمكن من تجاوز آثار تلك الحادثة.

وبعد فترة قصيرة من اعتراض تلك الرسالة قامت قوات الميليشيا التابعة للجلبي مع مقاتلين أكراد بالمضي في خطة لتنظيم محاولة انقلابية ضد صدام حيث أنهم شنوا هجوما على وحدات صدام العسكرية من ثلاث مدن لكن الهجوم تم إحباطه بسرعة فقد امتنع البيت الأبيض الذي حذر الجلبي من القيام بذلك الهجوم، لأن الاستخبارات العراقية قد علمت بالعملية، عن توفير غطاء جوي لعملية الجلبي، وتمكنت قوات صدام من سحق المهاجمين، وهذا ما أغضب وكالة المخابرات المركزية لتمويلها عملية فاشلة كهذه إضافة إلى إغضاب مسؤولين في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون.

أصبحت حادثة اعتراض الرسالة الإيرانية عام 1995 وفشل عملية الهجوم معا نقطة تحول في علاقة «سي آي أيه» بالجلبي كما قال مسؤول أميركي. إذ كشفت الأحداث لدرجة كبيرة السبب وراء قطع وكالة المخابرات الأميركية علاقاتها مع الجلبي ووقف الدعم المالي لمنظمته، كذلك رفضت إدارة الأموال التي خُصصت لتنظيمه في فترة التسعينات والتي كانت تهدف الى إسقاط صدام حسين. وكانت قيادة «سي آي أيه» على علم بأن الأموال تتجه إلى الجلبي ومع ذلك فقد رفضت العمل أكثر معه، حسبما قال ذلك المسؤول.

مع ذلك فإن الجلبي لم يجعل اتصالاته بالقادة الايرانيين أمرا سريا لفترة طويلة. وهو وصف الأواصر التي تجمعه بهم بأنها مفيدة وتعكس أهمية إيران الاستراتيجية في المنطقة.

وظل آراس كريم حبيب الذي يعد واحدا من أكبر مساعدي الجلبي والمسؤول لفترة طويلة عن استخبارات المؤتمر الوطني العراقي تنظر اليه «سي آي أيه» على أنه يعمل أجيرا لدى الاستخبارات الإيرانية، وهو ظل ينكر صحة هذه التهمة.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»