المواد الغذائية والأدوية ومتطلبات الحياة الأخرى توشك على النفاد في غزة بسبب إغلاق المعابر التجارية

TT

حاول ماجد عبثا العثور على قطرة العين التي تستخدمها امه العجوز لتهدئة الالام الناجمة عن جفاف عينها، رغم زيارته لجميع الصيدليات العاملة في مدينة غزة. وام ماجد مثلها مثل عشرات الالاف من المرضى في قطاع غزة، ظلت تكابد الامها، تارة تتجلد فتصبر، وتارة اخرى تجهش بالبكاء من شدة الألم.

ويعود انقطاع الكثير من الادوية في قطاع غزة اساسا الى اغلاق قوات الاحتلال للمعابر التجارية لا سيما معبر القنطار «كارني»، الذي يتم عبره دخول معظم البضائع من اسرائيل والضفة الغربية الى القطاع. واستمرار الاغلاق اوقف تدفق المواد الغذائية والادوية في القطاع الذي يتكدس فيه حوالي مليون ونصف المليون نسمة في مائتي كيلومتر مربع.

ويهدد تواصل الاغلاق بالخطر حياة الكثير من المرضى الذين يعانون من امراض مزمنة، اذ توشك ان تنفذ الادوية والمواد الطبية والغذائية من اسواق القطاع، وبعض التجار الذين يحتكرون استيراد بعض المواد الغذائية الاساسية رفعوا اسعارها، مستغلين عجز دوائر حفظ القانون في مناطق السلطة الفلسطينية التي يفترض ان تواجه ظاهرة استغلال الاغلاق. الكثير من الامهات اللاتي كن يعتمدن على ارضاع اولادهن على حليب الاطفال الصناعي، اخذن يعتمدن على حليب البقر والماشية، حيث يتم شراء هذا الحليب من المزارعين. وهناك اسر تعتمد على المساعدات الغذائية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «اونروا». والتنقل في مدن القطاع يلاحظ بسرعة بنايات في طور البناء توقف العمل فيها بسبب انقطاع الاسمنت والحديد. وتأثير اغلاق المعابر التجارية لم ينحصر في نقص المواد الغذائية والطبية، بل ادى ايضا الى تفاقم البطالة بشكل كبير. فنظرا لعدم وجود المواد الخام اللازمة لعمل المصانع والورش، فان العديد من المصانع توقف عن العمل، او قلص عدد العاملين فيه الى اقصى حد، وهذا ادى بدوره الى زيادة عدد الاسر التي تعيش في ضائقة اقتصادية خانقة. يشار هنا الى ان 65 في المائة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر. وتصل هذه النسبة في جنوبه، وتحديدا في رفح الى 75 في المائة من السكان.

هذا بدوره يقلص قدرة سكان القطاع على شراء الحاجيات الضرورية حتى وان توفرت وذلك بسبب اسعارها العالية واستغلال التجار.

وادى الاغلاق ايضا الى عدم وصول المساعدات لسكان مدينة رفح المنكوبة. وحتى المساعدات التي تم جمعها من الضفة الغربية ومن التجمعات الفلسطينية داخل اسرائيل او من الدول العربية لا يمكن ان تصل للمحتاجين في هذه المدينة، الامر الذي يعني تواصل معاناة اهلها بشكل يفوق التصور. ويعتبر اقدام هيئة اركان جيش الاحتلال على اغلاق المعابر التجارية بناء على تعليمات من حكومة ارييل شارون، جزءاً من سياسة العقاب الجماعي التي تفرض على الفلسطينيين في رد فعل مباشر على عمليات المقاومة الاخيرة.

ونقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن الجنرال دان هارئيل، قائد المنطقة الجنوبية والمسؤول عن قطاع غزة قوله، ان اغلاق المعابر الى جانب عقوبات اخرى يأتي من اجل اقناع سكان القطاع بان ما تقوم به حركات المقاومة لا يخدم مصالحهم في النهاية.

وكما تبدو عليه الحال فان عكس ما راهن عليه هارئيل يتحقق، حيث ان هذه الاجراءات تزيد حدة الكراهية في نفوس الفلسطينيين على الاحتلال، وتؤذن بمزيد من عمليات المقاومة.