علماء أزهريون يحذرون: منح مفتشي الأزهر صفة الضبطية القضائية يضر بسمعته ويدفعه لممارسة دور محاكم التفتيش

TT

لا يزال القرار الذي اصدره وزير العدل المصري بمنح علماء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر صفة الضبطية القضائية والتفتيش يثير جدلا واسعا. وامتد الجدل إلى داخل المؤسسات الدينية أيضا. وقد ابدى علماء ازهريون تخوفهم من تضرر سمعة الازهر من منح مفتشيه هذه السلطة والتفتيش في الاسواق عن الكتب والتسجيلات التي تخالف مبادئ الاسلام ومصادرتها. وحذروا من ان هذا القرار يعود بالازهر الى الوراء ويدفعه لممارسة دور يشبه دور محاكم التفتيش في القرون الماضية.

واكد العلماء انه لا يجوز ان يمنح علماء الازهر سلطة الضبط والتفتيش لمصادرة الكتب والاعمال الفنية المخالفة، لان ذلك من سلطة الادارة العامة لمكافحة جرائم النشر والمصنفات الفنية بوزارة الداخلية وان سلطته فقط هي ابداء الرأي. واشاروا إلى أن الطريقة الوحيدة لمواجهة الفكر هي الفكر.

وكان وزير العدل المصري المستشار فاروق سيف النصر قد اصدر منذ أيام قرارا بمنح علماء تابعين لمجمع البحوث الاسلامية بالازهر صفة الضبط القضائي والتفتيش في الاسواق على الكتب والمطبوعات والاعمال الفنية التي تتعارض مع ثوابت الاسلام.

من جانبه اكد الدكتور عبد المعطي بيومي وكيل لجنة الشؤون الدينية بمجلس الشعب (البرلمان) المصري وعضو مجمع البحوث الاسلامية بالازهر انه لا يجوز ان يمنح مفتشو الازهر سلطة الضبطية القضائية لمصادرة الكتب والمطبوعات والاعمال التي تخالف قواعد الاسلام. وأضاف أن الأصل هو ان يقوم بذلك رجال الادارة العامة لمكافحة جرائم النشر والمصنفات الفنية. وأشار إلى أن قرار وزير العدل يؤدي إلى تداخل بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية.

واضاف، نحن كعلماء ازهريين لسنا سلطة تنفيذية وانما دورنا ينحصر في الرد على الافكار والآراء المخالفة لقواعد الاسلام والاداب العامة في المجتمع ونقوم بابلاغ السلطة التنفيذية بالمخالفات.

ورفض الدكتور بيومي ان يكون دور العلماء هو محاكم التفتيش. وقال: لسنا ضد حرية الابداع والفكر طالما لم تهاجم عقائد اساسية في المجتمع ولم تسئ للحرية الممنوحة في الاسلام وفي قانون البلاد. وأكد بيومي ان الازهر مليء بالقوى المعتدلة التي تفهم الاسلام فهما صحيحا.

واوضح ان الازهر لم يطلب مصادرة أي فكر أو حرية طالما لم يمسا الثوابت الدينية، مشيرا إلى أن الثوابت الدينية ليست للمسلمين فقط ولكن لسائر الاديان السماوية.

اما الدكتور عبد العظيم المطعني عضو المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية واستاذ الدراسات العليا في جامعة الازهر فقد اعتبر ان قرار وزير العدل قد يؤدي الى احداث بلبلة كبيرة في ما يخص الانشطة الابداعية في مصر، لان الازهر كمرجعية دينية كبيرة في العالم الاسلامي لا يملك الا ابداء الرأي اما سلطة المصادرة والتفتيش فهي من حق الادارة العامة لمكافحة جرائم النشر والمصنفات الفنية بوزارة الداخلية.

وقال المطعني ان القرار جاء لامرين، الامر الاول انه يستهدف منح الازهر دورا جديدا في ظل الضغوط الخارجية التي تمارس على الدول العربية والاسلامية، بأن يقوم الازهر بشن حرب على أي نشاط ديني وذلك بحجة محاربة التطرف الفكري والقضاء على ظاهرة الدعاة الجدد ومصادرة اعمالهم النافعة في الدعوة الاسلامية.

والامر الثاني، فيتمثل في الحاق الضرر بسمعة الازهر وجعله يبدو كمحاكم التفتيش.

اما الدكتور عبد الصبور شاهين الداعية الاسلامي المعروف والاستاذ في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة فقد اكد ان هذا القرار يأتي في اطار الجهود الرامية لمحاربة الفكر المتشدد من وجهة نظر الولايات المتحدة الاميركية ،مشيرا الى انه يحول الازهر من قلعة دينية تقوم بدورها في الدعوة الاسلامية ومواجهة الافكار الخاطئة بالحوار والحجة والبرهان الى مجرد عسكري بوليس في وجه الاسلاميين تحت دعاوى محاربة قوى التشدد.

واضاف اننا نطالب العلماء الذين يتولون البحث عن الكتب والمطبوعات المخالفة بأن يلتزموا بنوع من الاعتدال بين الحرية المطلقة والتشدد المطلق ولا يجعلوا الازهر محاكم تفتيش تمارس دورا ضد الاسلاميين. بينما العلمانيون والحداثيون المخربون يتمتعون بحرية مطلقة.

وكانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قد انتقدت القرار بشدة، ووصفته بأنه محاولة من جانب الحكومة لمغازلة التيارالاسلامي في مصر بعد السخط الذي أثارته بالقبض على 53 من عناصر جماعة الاخوان المحظورة.