فعاليات إعلامية وسياسية مغربية تعتبر مشروع قانون القطاع السمعي والبصري مرحلة جديدة نحو تأهيل المشهد الإعلامي المغربي وتطويره

TT

أجمعت عدة فعاليات اعلامية وسياسية مغربية على أن مشروع القانون المتعلق بالقطاع السمعي البصري، الذي صادق عليه مجلس الوزراء المنعقد أول من أمس في أغادير برئاسة الملك محمد السادس، يؤسس لمرحلة جديدة نحو تأهيل المشهد الاعلامي المغربي وتطويره ومده بكل الوسائل والتقنيات الضرورية.

وأكد حسن أوريد، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، أن هذا المشروع يندرج في إطار النهج الإصلاحي القائم على توسيع الحريات العامة وترسيخ قيم الحداثة والديمقراطية ووضع الإعلام لصالح التنمية في إطار سلسلة الخطوات التي تم اتخاذها لإنهاء احتكار الدولة للإعلام وتعيين مجلس أعلى للإعلام.

وأضاف أن هذا المشروع يأتي لإغناء المتن القانوني ووضع المبادئ العامة المؤطرة للانفتاح والشروط اللازمة لدخول الفضاء السمعي البصري وفق دفتر تحملات وقواعد مهنية لممارسة المسؤولية ومراعاة الخصوصيات الوطنية.

وأوضح أن المشروع ينص كذلك على تحويل الإذاعة والتلفزة المغربية إلى شركة تسمى «الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة»، كما يوضح الوضعية الخاصة للقناة الثانية (دوزيم) التي ستحتفظ بمهام المرفق العام في إطار تصور منفتح على التحديات الآنية والمستقبلية.

ويحدد مشروع القانون مجالات جديدة وظروفا أحسن للاشتغال ستتقوى بإحداث هيئات تساهم في الجهود المبذولة لإرساء مجال سمعي بصري جديد منفتح وأكثر حرية سيجعله قادرا على مواكبة التطورات التي يشهدها مغرب اليوم.

ويأتي المشروع الحالي ليضاف إلى القانون الذي كان البرلمان قد صادق عليه في يناير (كانون الثاني) 2003 والذي وضع حدا لاحتكار الدولة ميدان البث الاذاعي والتلفزي لسنوات، ويعتبر خطوة أساسية في عملية إعادة هيكلة المجال السمعي البصري وتحريره.

ومن المحطات البارزة في مسلسل تحرير القطاع إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الذي شكل قرارا تاريخيا يسهم في الرقي بمستوى ما يقدمه المشهد الاعلامي المغربي. ويعكس القانون المؤسس لهذه الهيئة بصفة أساسية الرغبة في خلق مؤسسة توفر ضمانات التجرد والنزاهة والحياد والنفوذ المعنوي والتقني والقانوني لإدارة القطاع السمعي البصري الخاص والعام، وكذا الحرص على تأهيل هذا القطاع لينهض بدوره كاملا في بناء المشروع المجتمعي الديمقراطي ورفع تحديات العصرنة والمنافسة وتوفير ضمانات تعددية الاعلام وحريته ووضع الضوابط التنظيمية اللازمة لممارسة هذا الحق.

وتسهر هذه الهيئة العليا على تطبيق واحترام مبادئ حرية التعبير والتعددية وحياد الفاعلين في مجال السمعي البصري فيما تكمن صلاحيتها في ممارسة مهام استشارية وتنظيمية ورقابية.

كما تزاول الهيئة العليا نشاطا شبه تنظيمي يكمن في إعداد ودراسة دفاتر التحملات الخاصة بمن يطلبون استغلال إذاعة أو تلفزة. ومن بين مهامها أيضا تقديم اقتراحات للحكومة بخصوص الرخص اللازمة لإحداث واستغلال المنشآت التي تقدم خدمات الاتصال السمعي البصري في القطاع الخاص.

وأكد نبيل بن عبد الله، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن هذا النص القانوني، الذي سيعرض على البرلمان ابتداء من الأسبوع المقبل، يشكل تتويجا لمسار انطلق مع إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وكذا المصادقة على القانون الذي رفع احتكار الدولة للبث الاذاعي والتلفزي.

وبخصوص تهيئة الظروف المادية والمعنوية للاستثمار في مجال السمعي البصري أكد وزير الاتصال المغربي أن مشروع القانون عمل على توفير شروط إيجابية بالنسبة للمستثمرين الجدد، وقال «إننا نفكر في اتجاه إنشاء منطقة حرة للإعلام والاتصال في بلادنا».

وشدد على حرص القانون الجديد على تفادي إمكانات الاحتكار في هذا المجال حيث «لا يمكن لأي كان أن تتجاوز نسبة رأسماله في الشركة 51 في المائة، كما أنه حين تتوفر مجموعة معينة على تلفزة وإذاعة أو غيرها، فإنه لا يمكنها أن تتوفر على أغلبية تفوق 51 في مجموعة ثانية، وبذلك نكون قد أسهمنا في تجاوز خطر الاحتكار من قبل الخواص». وأكد بن عبد الله أن السلطات المغربية توصلت بعدد كبير من الطلبات التي أحيلت إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، متوقعا وصول عدد أكبر من الطلبات بعد المصادقة النهائية على مشروع القانون.

وقال محمد العربي المساري، الخبير في الاعلام والاتصال، إن مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الاتصال السمعي البصري يشكل حلقة ضرورية لاستكمال المنظومة الاعلامية، مؤكدا أنه كان من الضروري اعتماد قانون ينظم هذه الممارسة الإعلامية.

ولاحظ أن مشروع قانون السمعي البصري الذي يأتي بعد إحداث المجلس الأعلى للسمعي البصري يضع القواعد الأساسية للتنافسية والشفافية ويوضح الاسس التي يجب ان تقوم عليها طلبات الترخيص للاستثمار فى هذا المجال وتحديد دفتر التحملات.وأضاف أنه «وإلى حين الإطلاع على مشروع النص الذي سيحال إلى البرلمان للتعرف بدقة على كل هذه الأمور لا يسعنا إلا أن نعبر عن تفاؤلنا بأن المنظومة الاعلامية قد اكتملت» بالمصادقة على مشروع القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري.

وشدد المساري على ضرورة «تمكين القطب العمومي في السمعي البصري من المؤهلات التقنية والبشرية والمالية الكافية ليخوض المنافسة باقتدار كبير»، الأمر الذي يستدعي بذل مجهود مالي استثنائي في الميزانية المرصودة لقطاع الاعلام.

وقال يونس مجاهد، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، إن النقابة كانت قد اعتبرت منذ البداية أن خطوة تحرير القطاع السمعي البصري في حد ذاتها «ايجابية جدا بالرغم من كل الملاحظات التي سجلناها حول عدد من المقتضيات أو من المبادرات»، مضيفا أنه بعد الاطلاع على نص المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء «سنرى الى أي حد يستجيب لمطالبنا».