مقتل 13 مقاتلا من «طالبان» في جنوب أفغانستان والعنف يلقي ظلال الشك على موعد إجرء الانتخابات

TT

لقي 13 مقاتلا من «طالبان» حتفهم منذ اول من امس خلال عملية مشتركة للجيش الاميركي والقوات الموالية للحكومة الافغانية في ولاية قندهار في جنوب افغانستان. وقال الناطق باسم الولاية، خالد بشتون، ان ثمانية آخرين اعتقلوا في العملية نفسها، مضيفا ان «جنديين من التحالف واحد جنودنا جرحوا ايضا».

ويشارك نحو مائة مقاتل افغاني مدعومين بعشرات العسكريين الاميركيين وطائرات الهليكوبتر في هذه العملية في منطقة ميانشين على بعد 140 كيلومترا شمال قندهار. واوضح بشتون ان هذه القوات «تطارد مجموعة من نحو خمسين من مقاتلي طالبان، والعملية متواصلة».

ويعتقد العديد من المحللين ان تصاعد العنف بات يلقي بظلال كثيفة من الشك على امكان اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التاريخية في موعدها وهو سبتمبر (ايلول) المقبل. فمقاتلو طالبان صاروا يلجأون الى أساليب جديدة للقتل والعمل في مناطق اعتبرت من قبل آمنة نسبيا. وتأتي الازمة الامنية المتنامية فيما الحكومة في كابل تستعد لاجراء تلك الانتخابات التي يأمل الرئيس الافغاني حميد كرزاي أن يضفي من خلالها الشرعية على سلطته في أعين الافغان العاديين.

وعندما قتل خمسة من العاملين في منظمة «اطباء بلا حدود»، بينهم ثلاثة أوروبيين، بالرصاص في اقليم بادغيس شمال غربي افغانستان اول من امس، أصيبت الجماعة العاملة في مجال المعونة الانسانية بصدمة. ولا يوجد دليل قاطع بعد على ان «طالبان»، التي أعلنت مسؤوليتها عن مقتلهم، هي المسؤولة فعلا. لكن الحقيقة التي تبقى هي انهم المشتبه فيهم الرئيسيون. والاشتباه وحده كان كافيا لأن تعلق المنظمة أنشطتها في البلاد.

ويقول عاملون في مجال المعونة ان بعثات المعونة الدولية غير قادرة الآن على الوصول الى ما يصل الى نصف اقاليم الافغانية. وتقول الولايات المتحدة، التي تقود قوة قوامها 20 ألف جندي في الحرب ضد «طالبان» و«القاعدة»، انها تكسب الحرب ضد الارهاب لكن الواقع على الارض يشير الى عكس ذلك.

وحذر الجنرال الأفغاني خان محمد، الذي يشرف على أربعة من الاقاليم الاكثر تضررا في جنوب البلاد المضطرب: «الوضع يزداد خطورة. طالبان اصبحت أكثر ثقة من ذي قبل». ومن المؤكد ان الجنرال يدرك ذلك اكثر من غيره. فهو لا يشرف فقط على اقليم قندهار حيث ظهرت حركة «طالبان» في البداية وانما يشرف أيضا على هلمند وارزكان وزابل، وجميعها مناطق لا تصلها معظم المنظمات الدولية وتسودها مقاومة دامية.

وفي مكان اخر في افغانستان لقي رئيس الشرطة في اقليم ننغرهار في شرق البلاد حتفه بقنبلة ثبتت في مقعد مكتبه. وفي خوجياني، على بعد 100 كيلومتر شرق كابل، أصيب سبعة من رجال الشرطة بقنبلة أخفيت في طرد أرسل هدية لرئيس شرطة المدينة مالك عمر. وفي زابل أغار ما يصل الى مائة مقاتل يشتبه في انهم من «طالبان» ليل الثلاثاء ـ الماضي على مكاتب في قلات عاصمة الاقليم. ولقي اربعة جنود أميركيون حتفهم بعبوة ناسفة يوم السبت.

وفي أواخر مايو (ايار) الماضي قتل نرويجي في قوة لحفظ السلام وقوامها 6500 جندي يقودها حلف شمال الاطلسي وتتولى مسؤولية حراسة كابل بقذيفة صاروخية في أول هجوم من نوعه على العاصمة الافغانية. وسقط أكثر من 700 قتيل في انحاء متفرقة من أفغانستان منذ أغسطس (اب) الماضي معظمهم في هجمات مرتبطة بطالبان. وبالفعل أجبر العنف الرئيس كرزاي على تأجيل الانتخابات من يونيو (حزيران) حتى سبتمبر.

وقال نك داوني، الذي يعمل في منظمة غير حكومية معنية بالامن في أفغانستان: «الاستراتيجية الواضحة هي تعطيل اي عملية للتطور في البلاد. انت تقتل واحدا وتنشر الخوف بين كثيرين». وقال خان محمد ان سبعة الاف جندي كانوا تحت إمرته قبل بدء نزع الاسلحة. والان لديه 1700 جندي فقط، وحث الحكومة على دمج مقاتلين تم تسريحهم في جيش أفغاني وليد في أسرع وقت ممكن.

كما أنحى باللائمة على باكستان لسماحها لقادة عسكريين من «طالبان» بتنسيق عمليات مقاومة عبر الحدود وهو امر تنفيه باكستان. لكنه اتهام يوجهه الافغان تكرارا كما يوجهه المسؤولون الاميركيون أحيانا. كما قال خان محمد ان قوة قوامها الفا مقاتل من مشاة البحرية الاميركيين تم نشرها للتصدي لهجوم ربيعي متوقع أن تشنه طالبان «أضاعت فرصا كثيرة للاشتباك مع المتشددين ببساطة لأنهم فشلوا في التعرف على العدو». وقال: «رجال طالبان يختفون في قمم الجبال عندما نكون في المنطقة. لكن عندما يقوم اميركيون بدوريات فانهم يجلسون في بيوتهم ويوهمون الاميركيين بأنهم مدنيون».

ومهما تكن الاسباب فان الحقيقة الصارخة هي ان المزيد والمزيد من الدماء يراق مع اقتراب الانتخابات. فبعد كمين الاربعاء ارتفع عدد عمال المعونة الذين لقوا حتفهم الى 21 قتيلا خلال العام الحالي حتى الان مقارنة بثلاثة عشر قتيلا سقطوا في عام 2003 كله، وهو ما يعرقل عمل الانشطة الانسانية. يقول دبلوماسيون غربيون في كابل ان افضل سبيل لكسر حلقة العنف القاتلة هي استعادة الطرق والاتصالات وتهميش المفكرين والمقاتلين المتشددين. لكن هذا سيحدث ببطء وعلى نحو مؤلم في ما يبدو.