مسؤولو استخبارات سابقون لـ«الشرق الاوسط »: الاستخبارات الأميركية ستركز على الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد تينيت والمحافظون سيحاولون الدفع بمدير موال لهم

TT

قال مسؤولون سابقون في الاستخبارات الاميركية ان رحيل مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.ايه) جورج تينيت عن الوكالة يشير الى تحول الاستخبارات من عقلية الحرب الباردة واساليبها، الى التركيز على العالمين العربي والاسلامي والتحديات الجديدة التي تواجهها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط، كما توقعوا ان يخوض المحافظون الجدد الذين يلعبون دورا هاما في الادارة الاميركية الحالية، معركة من اجل الدفع بأحد انصارهم ليحتل المنصب الاول في وكالة الاستخبارات للإسراع بخططهم الهادفة الى اعادة صياغة الشرق الاوسط والعالم على نحو يضمن ادامة الهيمنة الاميركية. وقال خبراء فى الاستخبارات الاميركية في مقابلات مع «الشرق الاوسط» ان تينيت الذي قدم استقالته اول من امس خدم «مصالح دوائر» في الاجهزة الاميركية على حساب «النزاهة المهنية» حيث انه عدل المعلومات الاستخباراتية بشكل يخدم نيات ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لاحتلال العراق.

وفي حوار مع «الشرق الاوسط» عبر الهاتف من سانتا فاي في ولاية نيو مكسيكو، قال خبير الاستخبارات الاميركي المخضرم وليم كريستسون الذي كان يشغل منصب مدير التحليلات في الاستخبارات المركزية الاميركية قبل تقاعده «اعتقد انه من المنطقي جدا ان الاستخبارات المركزية سترى بعض التغييرات الكبيرة، وأعتقد انه يكفيك ان تلقي نظرة على استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة التي وضعها بوش في سبتمبر (ايلول) عام 2002 لترى بشكل جلي ان احد دوافع تلك الوثيقة هو تعزيز وادامة الهيمنة الاميركية على العالم، وان اهم منطقة في نظر ادارة بوش حاليا، وبشكل واضح، هي الشرق الاوسط».

وتابع كريستسون الذي عمل بالاستخبارات لمدة 28 عاما «اعتقد انه تحت اي ظرف ولمدة سنوات قادمة سيكون الضغط مكثفا ليس فقط على الاستخبارات المركزية وحدها، بل على باقي الـ15 هيئة استخباراتية الاخرى التي تمثل مجتمعة جسد الاستخبارات الاميركية من اجل تكريس المزيد من الموارد والمصادر الاستخباراتية لمنطقة الشرق الاوسط».

واوضح ان ذلك يرجع لقرار من الادارة اليمينية بالتركيز على هذه المنطقة، وتابع «ان هذه هي المنطقة التي قررت ادارة بوش ان تصب تركيزها عليها، لذلك من المنطقي ان ترى مثل هذا الاهتمام المنصب على هذه المنطقة». واشار كريستسون الى ان «المحافظين الجدد» في الادارة الاميركية وخارجها، ارادوا ان يكون تينيت اكثر موالاة للادارة على الرغم من انتقادات واعتراضات بعض الخبراء الاستخباراتيين الذين يعملون تحت إمرته. وتابع كريستسون «ان المحافظين الجدد اراداوا ان يكون تينيت اكثر ولاء للادارة، لكنني اقول انه كان قريبا جدا من الادارة، اكثر مما هو مفترض اذا كان مقدرا ان يقدم في المرتبة الاولى افضل المعلومات الامنية. وأعتقد انه لم يفعل ذلك. لكن المحافظين ارادوا ان يذهب الى ابعد من ذلك، لقد كان تينيت يعلم ان هناك عددا من الموظفين ممن يعلمون معه غير موافقين على ما كان هو مستعدا لاخبار الادارة به». وقال كريستسون انه على الرغم من دعم تينيت للادارة، شعر المحافظون الجدد ان تينيت «يبطئ من سعيهم الحثيث في اقناع الرئيس بوش و نائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفلد انه يتعين على الولايات المتحدة ان تعزز هيمنتها على العالم، وان تعمل بشكل يقوي من امن حكومة اسرائيل عبر اعادة صياغة الشرق الاوسط كله». واضاف انهم يريدون الآن حليفا لهم في هذا المنصب.

من جانبه، قال راي ماكغفرن الخبير السابق في وكالة الاستخبارات الاميركية والذي عمل لمدة 27 سنة تحت رئاسة سبعة رؤساء اميركيين «ان مجلس الشيوخ من المفترض ان يصدر تقريرا ينتقد فيه وكالة الاستخبارات خلال فترة ولاية تينيت، ومن الواضح ان تينيت كان سيضحي به، ولكن المفارقة هي ان تينيت فعل كل ما في وسعه لمساعدة الادارة في سعيها من اجل الحرب في العراق، لذلك فان ما حدث هو اشبه بنوع من العدالة السماوية. ومن الواضح ان المشكلة لم تكن حقا الفشل الاستخباراتي، فقرار الحرب كان قد تم اتخاذه قبل تقديرات الاستخبارات حول اسلحة الدمار الشامل العراقية. وما حدث هو ان المعلومات الاستخباراتية قدمت بشكل يتناسب مع ما تريده الادارة».

وكان تينيت قد تعرض للكثير من الانتقادات في الفترة الاخيرة بسبب عدم العثور على اسلحة دمار شامل في العراق، وهو السبب المعلن للحرب، علاوة على فشله في توقع هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، او اعتقال زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن. غير انه تعرض لانتقادات ايضا من المحافظين الجدد، وعلى رأسهم ريتشارد بيرل، المعروف بميوله الصهيونية، الذي طالب علنا باستقالته لعدم تركيزه على العمليات الاستخباراتية فى العالمين الاسلامي والعربي بالشكل الكافي. وقال بيرل ان الاستخبارات المركزية ما زالت تنظر للعالم من وجهة نظر قديمة تعود لفترة «الحرب الباردة»، وانها بحاجة الى اساليب جديدة للتعامل مع الجماعات الاسلامية.