خريجات الجامعات السعودية .. طموحات مستقبلية ودعوة إلى زيادة الفرص الاستثمارية المتاحة للفتيات

الخريجات يخططن للمستقبل قبل استكمال الدراسة الجامعية ونيل شهادة التخرج بعام أو عامين

TT

تحولت الجامعية سميّة الجواد من فتاة طموحة متفوقة في تعليمها منذ دراستها الابتدائية وحتى الجامعية إلى فتاة عاطلة في المنزل بعد تخرجها قبل سنتين من قسم المحاسبة في إحدى الجامعات السعودية. وجاء التحول السلبي في نفسية سمية من فتاة متوثبة حالمة بأن تكون ذات مسؤوليات تجارية أو على الأقل تربوية بعد أن باءت جميع محاولاتها بالفشل في الحصول على فرصة عمل، اتجهت بعدها للبحث عن فرصة استثمارية يمكن أن تقوم عليها وتبدأ في تأسيسها من جديد، إلا أن عدم وضوح المعلومة وضبابية الأنظمة حالا دون تحقيقها لجزء بسيط من أحلامها فتلاشت باقة الطموحات.

سمية التي حضرت فعاليات أسبوع جامعة الملك سعود والمجتمع الخامس ناشدت الجهات المسؤولة فتح فرص الاستثمار والتجارة في ظل تأزم الوظائف الحكومية، والقيام باستراتيجية حكومية لدعم ودفع المشروعات الاستثمارية النسويّة المتخصصة ضمن ما يسمح به الدين من ضوابط وتشريعات تدعو إلى الحركة والعمل المستمر عبر قطاعات أو صناديق مخصصة. إلى ذلك، اختتمت فعاليات أسبوع الجامعة والمجتمع الخامس في مركز الدراسات الجامعية للبنات والذي تنوعت نشاطاته وحمل عنوان «ماذا بعد التخرج..؟!»، حيث تضمن اليوم الأول محاضرات تطرقت للأبعاد الثقافية التي يفترض أن تتسلح بها خريجة الجامعة واشتملت على ثلاثة محاور عني من خلالها بالتخطيط للمستقبل وإبراز أهمية مشاركة المرأة في التنمية والتأكيد على أهمية تضافر كافة شرائح المجتمع في الحراك التنموي. وتزامن اليومان الثاني والثالث مع أسبوع المهنة وتضمنا لقاء سرديا مع سيدات أعمال عن تجارب ناجحة في المجال الاقتصادي بالإضافة لدعوة جهات خارجية من القطاع الخاص والحكومي لديها فرص عمل وظيفية للتحدث عن إمكانية توظيف الخريجات. الى جانب ذلك روعيت الأبعاد التثقيفية المهمة لمواكبة استثمارات المرأة السعودية في سوق الأسهم الداخلية.

وجاءت الأبعاد الصحية محورا لليوم الرابع والأخير للتوعية بالصحة إذ ناقشت المحاضرات المطروحة أبرز ما تعاني منه المرأة في المجتمع السعودي كمرض السكر وهشاشة العظام والتوعية بالفحص الطبي قبل الزواج. وعبرت الخريجات في هذا الأسبوع عن استعدادهن لخوض المرحلة القادمة من خلال التخطيط للمستقبل قبل التخرج بعام أو عامين، حيث تقول بسمة السويلم (تخصص رياض أطفال) :«عملت بدار الذكر في الصيف قبل عامين صباحا، وقمت بتعليم الأطفال مادة الأعمال الفنية، ثم ابتكرت ركنا مخصصا في المنزل أسميته حضانة منزلية لاحتواء صغار المعارف والأقرباء، وفي العام الأول لم أكن ملمة بمهارات التعامل فتوجهت للقراءة والإطلاع وحضور ورش العمل والدورات التدريبية واكتسبت الخبرة التي مكنتني من استثمار كل ما يتاح من معلومات لصالح مشروعي الصغير».

وتضيف السويلم قائلة «أتمنى على كل من تتحمس لإنجاز مشروع روضة للأطفال أن تراعي الدراسات المستفيضة التي تمكنها من اتخاذ قرارات تثق في أنها ستثري عالم الطفل، فأكثر ما لمسته في الطفل السعودي هو موهبته تمتعه بحس فني عال مما شجعني على ابتكار مسرح للعرائس المتحركة يعد الأطفال من خلاله مسرحيات من إبداعاتهم، ومن اقتراحاتهم أستمد الأفكار التطويرية لتحقيق طموحي المرحلي بافتتاح روضة للأطفال نموذجية أقدم من خلالها الطفل السعودي المبدع».

من جهتها تقول ريم الصلاحي من قسم المحاسبة عن تجربتها التي تعد رائدة، ان فكرة مشروعها تقوم على إنشاء جمعية للتوعية بمتعة المحاسبة يتم من خلالها ترغيب الطالبات بمادة المحاسبة وبالتالي ترتقي بكفاءتهن الإنتاجية من خلال تصميم كتب متميزة في طرحها المبسط في مجال المحاسبية بعيدا عن الأسلوب النمطي بالإضافة لتقديم دورات تدريبية للمحاسبات ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع من الناحية المحاسبية.

وتتطلع مشاعل المطيري الطالبة في كلية اللغات إلى اكمال تعليمها العالي بتوفير برنامج ماجستير في تخصص الترجمة للبنات، وان يلحق بكلية اللغات والترجمة في الجامعة، مستشهدة بتجربة جامعة الإمام محمد بن سعود في قسم الدراسات العليا إذ تقول «على حداثة تجربة جامعة الإمام التي لم تتجاوز العامين إلا أن الالتحاق بالتعليم العالي في علم الترجمة ممكن، بينما جامعة الملك سعود على ضخامة إمكانياتها تفتقر لذلك». وتضيف «لاستكمال الدراسات العليا تضطر الطالبة لأن تلتحق بقسم اللغويات في جامعة الملك سعود، ولو كان اهتمامنا منصباً على اللغويات لاخترناه كتخصص من البداية»، مؤكدة أن «علم الترجمة مستقل وهو علم يستحق أن يدرس على حدة ».أما عن طموحها للمستقبل فقد أفادت برغبتها في أن تقدم من خلال مكتب للترجمة خدمات ترجمية للنساء فقط. وفيما يتعلق بصعوبة استصدار تراخيص للاستقلال بنشاط يقدم خدمات الترجمة، أوضحت بالقول:«نحتاج للترجمة، وأناشد المسؤولين تجاوز فكر المجتمع ومحاولة تصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال تمكين المرأة من ممارسة التخصص، فكيف تفتح الجامعات أبوابها لنا ونتعلم فيها وبعد التخرج لا نجد مرونة عندما تريد إحدانا إنشاء مشروع تجاري يعزز تخصصها»، كما دعت المسؤولين عن التعليم للتنسيق بين التخصصات وحاجة سوق العمل قبل الشروع في استحداث أقسام في الجامعات وأن يأخذوا في الاعتبار أعداد الخريجين وطاقاتهم ومعطياتهم وطموحاتهم.

وتبوح أريج البوهلال، المتخصصة في العلوم الإدارية، بخريطتها المستقبلية بقولها «أخطط لأكون سيدة أعمال، وبدايتي ستكون بالالتحاق بقطاع البنوك حتى اكتسب الخبرة، والأسهم تحوز اهتمامي وأخيرا أصبحت اتابعها باهتمام». وعن العقبات التي ترتقبها، تقول البوهلال «أشعر بان العقبات تؤطرنا والصعوبات التي تتعلق بفكر المجتمع تحد من طاقاتنا الإبداعية وما أتمناه هو أن تكون الدوائر الحكومية أكثر مرونة وان يضع المسؤولون ثقتهم بالمرأة» وتختتم بالدعوة لتأهيل الطالبات من الجيل اللاحق من خلال التدريب على اللغة الإنجليزية والكومبيوتر. من جانبها تسعى تماضر الجريد من قسم التربية الفنية لطرح العديد من الأعمال الفنية وإثراء ساحة الفنون التشكيلية بإقامة معارض.. تقول عن مشروعاتها المستقبلية «يهمنى بالدرجة الأولى إثراء الحقل الفني، وقد بيعت لي لوحة من الفسيفساء بثمن قيم أكد لي بان مجال الأعمال الفنية مهم وضروري، والآن يعد علم النفس العلاجي بالرسم من أهم العلوم البديلة التي تم اكتشافها أخيرا للمساهمة في المعالجات الإنسانية وسأحاول». وتروي مها الخضير ، بكالوريوس تربية فنية مناهج وطرق تدريس، تجربتها مع اكتشاف حاجة المجتمع للفنون فتقول «أخذت برأي ذوي الاختصاص والخبرة واخترت تخصص المناهج وطرق تدريس كوسيلة لتطوير أفكاري وإنضاجها واتجهت لتدريس مادة التربية الفنية في القطاع الأهلي، ومن خلال هذه التجربة تعرفت على الكثير من المشكلات التي تواجه المناهج في مجال التربية الفنية وخرجت بان مادة التربية لا تلقى الاهتمام اللازم ولا الأهمية المستحقة من قبل الطلاب والطالبات لكون تقصيرهم غير محتسب في هذه المادة التي تعد مساندة لرفع المعدل دون عائد معرفي، الى جانب تساهل المدارس وتنميط المادة وشعور اغلب المعلمين بالإحباط بعد الارتطام بالواقع نتيجة للفارق الكبير بين ما تخيلوه وما خططوا له أثناء دراستهم وأرادوا تطبيقه وبين الواقع الذي سرعان ما يهزمهم».

وتضيف «ما أتمناه هو بلورة مقترحات تحسين صورة الفن والابتعاد بها عن الصور النمطية السلبية وتقريب تلك الصورة الايجابية من الناس ليستوعبوا أن الفنون الجميلة ليست ترفاً تستمتع به طبقات وشرائح معينة من المجتمع».