لبنان يشكو إسرائيل لمجلس الأمن بعد غارة الناعمة و«حزب الله» يرد بهجمات صاروخية على مزارع شبعا

السفير الأميركي بحث التدهور الأمني مع الرئيس لحود

TT

تقدم لبنان امس بشكوى ضد اسرائيل في مجلس الأمن بعد غارة نفذها سلاحها الجوي ليل اول من امس على منطقة الناعمة (11 كيلومتراً جنوب بيروت). فيما كان رد «حزب الله» بهجمات صاروخية نفذها مقاتلوه ضد المواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.

وقد هاجم «حزب الله» عصر امس موقعي رويسة العلم والسماقة الاسرائيليين في منطقة مزارع شبعا بالصواريخ. واعلنت «المقاومة الاسلامية» (الجناح العسكري لـ «حزب الله») عن تحقيق «اصابات مباشرة» في الموقعين. ووضع بيان الحزب الهجمات في اطار «الرد على الاعتداءات الاسرائيلية (الغارة على الناعمة)». وذكرت مصادر أمنية لبنانية ان مقاتلي «حزب الله» قصفوا الموقعين بنحو 20 قذيفة صاروخية. ثم دارت مواجهات بين الطرفين لنحو ساعتين شاركت فيها الطائرات الاسرائيلية التي تصدى لها «حزب الله» بنيران المضادات الارضية. وقصفت القوات الاسرائيلية اطراف البلدات اللبنانية المتاخمة لمنطقة المزارع خصوصاً شبعا والهبارية.

واشار مصدر في «حزب الله» الى ان هذا الرد «يأتي كتأكيد على تمسك الحزب بحقه المشروع في الرد على الاعتداءات الاسرائيلية».

وفي كريات شمونة، شمال اسرائيل، اكد مصدر عسكري اسرائيلي ان حزب الله قصف بالمدفعية موقعين للجيش الاسرائيلي قريبين من الحدود مع لبنان. وكان نائب وزير الدفاع الاسرائيلي، زئيف بويم، قد اعلن امس ان اسرائيل لن تسمح بأن يصبح لبنان نقطة انطلاق «لهجمات ارهابية» وذلك بعد ساعات على الغارة الاسرائيلية على ضواحي بيروت للمرة الاولى منذ اربع سنوات.

وجاءت هجمات «حزب الله» بعد اقل من 24 ساعة على غارة اسرائيلية شنت ليل اول من امس على موقع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، في ما بدا انه اتهام ضمني لهذه المجموعة بالوقوف وراء اطلاق اربعة صواريخ صباح اول من امس سقط احدها قرب مركز الأمن العام اللبناني عند الحدود الجنوبية، فيما عبرت الصواريخ الثلاثة الحدود ليقع اثنان منها في البحر. وقد اتهمت اسرائيل «حزب الله» في البداية بالتورط في الهجوم الصاروخي الذي قالت انه استهدف زوارق حربية اسرائيلية، لكنها اختارت الرد على مواقع فلسطينية، قالت الجبهة الشعبية انها «مراكز صحية». وتقدم لبنان بشكوى رسمية الى مجلس الأمن ضد اسرائيل. وقال مصدر رسمي لبناني ان وزير الخارجية جان عبيد طلب الى المندوب اللبناني لدى الامم المتحدة سامي قرنفل تقديم رسالة الشكوى وتوزيعها على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن مع احتفاظ لبنان بحقه في طلب انعقاد المجلس في الوقت الذي يراه مناسباً.

واعتبر الوزير عبيد امس «ان انتهاكات اسرائيل ومظالمها يمكن ان تجلب كل شيء إلا الأمن والهدوء. وان سياستها الجائرة لن تحمل لبنان على الانفصال عن محيطه العربي».

وزار السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل امس رئيس الجمهورية اميل لحود. واعلن عقب اللقاء انه بحث معه في الغارة الاسرائيلية وموقف بلاده الذي يشدد على اهمية المحافظة على الاستقرار في لبنان وعدم تدهور الوضع الأمني.

واورد امس الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في جنوب لبنان ستيفان دو ميستورا عدداً من «الخروقات الخطيرة التي كانت مصدر قلق»، والتي رأى انها شكلت «امكانية تصعيد». واشار الى انه فجر اول من امس تم اطلاق ثلاثة صواريخ على الاقل من الاراضي اللبنانية من قبل عناصر مجهولة الهوية باتجاه اسرائيل. وقد تم اطلاق هذه الصواريخ من مكان يبعد اربعمائة متر تقريباً من شمال شرقي مقر قوة الامم المتحدة لجنوب لبنان (يونيفيل). وافادت انباء ان صاروخاً سقط قريباً من زورق عسكري اسرائيلي في البحر، فيما سقط الصاروخان الآخران في الجانب اللبناني بالقرب من «الخط الازرق».

وذكر انه «مباشرة بعد ذلك، سجلت اليونيفيل خروقات جوية اسرائيلية عدة فوق الجنوب ومناطق اخرى من لبنان، وفي وقت لاحق من نفس اليوم قامت طائرات اسرائيلية بقصف ما ذكر انه موقع فلسطيني في مرتفعات الناعمة داخل لبنان ولحسن الحظ لم تسجل خسائر في الارواح حتى الآن».

واعلن دو ميستورا ان الامم المتحدة «تنظر الى هذه الحوادث بكل قلق. فإطلاق الصواريخ من الاراضي اللبنانية من قبل عناصر مجهولة الهوية هو عمل يبعث على القلق، اضافة لاعتبار اطلاق هذه الصواريخ على مقربة من موقع لليونيفيل يشكل تطوراً خطيراً ايضا». ونقل عن السلطات اللبنانية انها «بصدد التحقيق في ذلك». وكررت الامم المتحدة «نداءها العاجل للسلطات اللبنانية لفرض سيطرتها على كامل اراضيها لتجنب تكرار حدوث مثل هذه الاعمال والمتابعة من خلال اعمال ميدانية لما صدر عنها من التزامات سابقة لضمان الاستقرار والهدوء على طول الخط الازرق». كما كررت نداءها للسلطات الاسرائيلية بالكف عن خروقاتها الجوية للخط الازرق. واعتبرت ان الهجوم الجوي الاسرائيلي هو «بمثابة تصعيد جديد وإضافي بالنسبة للحوادث.. ويشكل مصدراً خطيراً للقلق، اذ لا يعتبر خرقاً للخط الازرق فحسب بل عمل عسكري في عمق التراب اللبناني». وشددت الامم المتحدة على انه «يتوجب على كل الاطراف حول الخط الازرق ان تلتزم اقصى حدود ضبط النفس والوفاء بمسؤولياتها لتجنب مزيد من الاعمال العدوانية وذلك بموجب التزامات وتعهدات هذه الاطراف لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

وكانت القوات الاسرائيلية عمدت منذ فجر امس الى قصف مرتفعات العرقوب كما قصفت بشكل متقطع التلال المطلة على كفرشوبا. وارفق القصف المدفعي برشقات رشاشة من عيارات مختلفة باتجاه مزرعة بسطرا ومحيط بركة النقار والمنطقة التي تربطها ببلدة كفرشوبا، وايضاً باتجاه تلة الخزان.

وفي الحادية عشرة والدقيقة العاشرة قبل الظهر، تجدد القصف الاسرائيلي على المنطقة ذاتها، متزامناً مع قيام حامية موقع السماقة الاسرائيلي داخل مزارع شبعا المحتلة بإطلاق نيران الرشاشات الثقيلة باتجاه مزرعتي بسطرا وشانوح. ولم يفد عن وقوع اصابات.

وحلقت المروحيات الاسرائيلية بشكل متواصل تقريباً في اجواء مزارع شبعا المحتلة وصولاً الى اجواء مرتفعات الجولان السورية المحتلة. فيما سيرت الدوريات المؤللة على طول «الخط الازرق». ولوحظ تمركز عدد من سيارات الهامر المصفحة داخل البساتين المقابلة لبلدات كفركلا والعديسة وطريق الخيام ـ الحمامص، اضافة الى تمركز عدد من الجنود في نقاط عدة متخذين وضعيات قتالية. ولوحظ تمركز آلية مصفحة مزودة مدفعاً مضاداً للطائرات في موقع عسكري اسرائيلي عند تلة رياق المشرفة على مستوطنة المطلة.

وبدورها سيرت القوة الدولية العاملة في الجنوب، وخصوصاً عند الخط الازرق، دوريات مؤللة في محاذاة هذا الخط. وحلقت الطوافات الدولية في جولات استطلاعية متتالية فوق الحدود الدولية انطلاقاً من الناقورة غرباً وصولاً الى اجواء بلدة شبعا شرقاً. فيما جابت دوريات للقوة الأمنية اللبنانية المشتركة الطرق داخل البلدات المتاخمة للحدود.

وفي الاطار نفسه، اعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة»، ان الطائرات الاسرائيلية قصفت «احد المراكز الطبية التابعة للجبهة في منطقة الناعمة، يعمل على تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية للمواطنين»، معتبرة ان «هذه الغارة التي تأتي في سياق مأزق العدو وطبيعته العدوانية لن تثني المؤمنين والملتزمين بالدفاع عن قضايا وحقوق الارض والانسان عن الاستمرار بعملهم والدفاع عن حقوقهم في مواجهة الغدر والعدوان».