«الصداقات الشخصية» قد تخفف حدة الخلافات الموضوعية خلال المباحثات

TT

عندما طلب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون رأيه عن كيفية التعامل مع الرئيس الذي سيخلفه، قال له كلينتون ببلاغة «أقم معه صداقة»، وربما تبدو كلمة «الصداقة» غريبة بالنسبة للقادة العالميين الذين يمثلون مصالح أممهم عندما يلتقون في مناسبات شبيهة بقمة الثماني الحالية في سي آيلاند بولاية جورجيا الأميركية. لكن العلاقات الشخصية يمكن أن تلطف الأجواء عندما تتناقض المصالح الوطنية.

وقد استطاع الرئيس كلينتون أن يكوّن علاقات صداقة مع قادة آخرين ذوي شخصيات وأهداف ومصالح مختلفة. ولم يسمح للنزاعات حول القضايا السياسية أن تفسد تلك العلاقات. لكن المسؤولين، السابقين والحاليين، الأميركيين وغير الأميركيين، يقولون إن علاقات الرئيس بوش تكون دائما على «شروطه هو». ويقول هؤلاء المسؤولون إن بوش يرتبط بعلاقات صداقة مع أولئك الزعماء الذين يرون العالم كما يراه، وأولئك الذين «يتفهمون» الحرب ضد الإرهاب، والذين يتحدثون بصورة مباشرة ولا يحنثون بوعد قطعوه، أو يخرجون على تفاهم توصلوا إليه.

ويقول هؤلاء كذلك إن أولئك القادة الذين يقبلون وجهة نظر بوش بصدر رحب فى البداية، ربما يتمكنون من تعديلها وتلطيفها بصورة ما، كما يمكن أن يحصلوا على شيء مقابل قبولهم لها. أما أولئك الذين يطمحون إلى إجراء تفاوض حقيقي فإن خيبة الأمل هي التي غالبا ما تكون من نصيبهم.

وبحسب أحد المسؤولين السابقين في البيت الابيض، فإن بوش لديه اختبار مبسط للحكم على القادة الآخرين وهو: هل هم أخيار أم أشرار؟ هل لديهم رؤية محددة لخدمة أوطانهم أم لا؟ وقال المسؤول الذي اشترط عدم الكشف عن هويته: «في كل مرة يتحدث فيها عن الزعماء، فإن هذه هي المقولات التي يستخدمها».

وأشار أحد المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية عن تحضير التقرير الاستخباري اليومي مع الرئيس، الى انه نبهه إلى هذه المقولات.

علاقات بوش بزعماء الدول الثماني الذين بدأوا اجتماعاتهم امس لا يمكن تصنيفها بسهولة. وهناك اثنان من بينهم، هما توني بلير وجونتيشيرو كويزومي رئيس الوزراء اليابانى، بذلا جهدا حقيقيا من أجل فهم شخصية بوش ومنهجه في التعامل مع القضايا. وقد تقرب منه الاثنان لأنهما يعتقدان أن مصالح بلديهما مرتبطة ارتباطا قويا بعلاقاتهما المتينة الراسخة مع الولايات المتحدة ومع الرئيس الأميركي. وتفهم بلير بسرعة كبيرة أهمية مشروع الدفاع الصاروخي بالنسبة لبوش في بداية رئاسته، واستخدم تلك القضية كمنبر لتحقيق التفاهم حول عدد كبير من القضايا الأخرى. وقد أيد كويزومي حرب بوش ضد العراق حتى في تفاصيلها الدقيقة، وبلغ حدا لا سابق له عندما أرسل قوات يابانية إلى العراق. وقد ساعد هذا الولاء من جانب كويزومي في موافقة بوش على زيارة كويزومى إلى كوريا الشمالية.

وفى الجانب الآخر، فإن بوش لم يتوافق أبدا مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك أو المستشار الالماني غيرهارد شرودر. وبعد قمة الثماني في كندا قبل سنتين، قال مسؤول أميركي سابق أن بوش قال لموظفيه بالبيت الأبيض أن شيراك لا «يتفهم» الحرب ضد الإرهاب. وعلى العكس من ذلك كال الثناء في ذلك الاجتماع لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، والذي سيكون حاضرا في هذه القمة أيضا، لأنه «يتفهم» الخطر الإرهابي. وفي نفس الوقت فإن معارضة شرودر للحرب لضمان إعادة انتخابه، بعد أن وعد بتأييدها، جعلت من الصعب على بوش أن يثق فيه مرة أخرى.