مجلس الأمن يفوز بعودة الإجماع إلى صفوفه بشأن العراق

قرار عودة السيادة عدل للمرة الرابعة لإزالة آخر التحفظات

TT

كان من المنتظر ان يصادق مجلس الأمن الدولي، في حدود الساعة 11 مساء امس (بتوقيت غرينتش)، على القرار الخاص بالعراق بعد ان ادخلت الولايات المتحدة وبريطانيا تعديلات جديدة على المشروع وذلك لتدرجا فيه عنصرا يفترض ان يحمل آخر المترددين على تأييده، ليحصل بالتالي على اول اجماع منذ بداية الأزمة التي قادت الى شن الحرب ضد العراق.

وتتعهد النسخة الجديدة، التي حظيت بتأييد فرنسا وروسيا والصين والمانيا (وهم ابرز المعارضين السابقين للحرب)، بأن تتعاون القوة المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة والحكومة العراقية حول المسائل الأمنية، «بما في ذلك التدابير المتعلقة بالعمليات الهجومية الحساسة». لكن التعديل لا يعطي السلطة العراقية حق النقض على هذه المسائل، كما اقترح الفرنسيون اول من امس، لكنه يفترض ان يستجيب على رغم كل شيء لهواجس باريس. فيما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس في مكسيكو ان المشروع الجديد للقرار حول العراق الذي اقترحته الولايات المتحدة وبريطانيا «ادخلت عليه تعديلات كبيرة وهو يتحسن». واضاف ان تبنيه يمكن ان تنجم عنه «نتيجة ايجابية». ويرحب النص في صيغته الأخيرة قبل التصويت عليه برسالة رئيس وزراء الحكومة المؤقتة أياد علاوي ورسالة وزير الخارجية الأميركي كولن باول كملحقين مع القرار، اللتين وضعتا الترتيبات لإنشاء شراكة أمنية بين القوات المتعددة الجنسيات وحكومة العراق ذات السيادة.

ويمضي النص، استجابة للاقتراح الفرنسي، في القول «على أن الاتفاق حول كامل الإجراءات الأمنية الأساسية والقضايا السياسية سوف يشمل السياسة حول العمليات العسكرية الحساسة والتأكيد على الشراكة الكاملة بين القوات العراقية والقوات المتعددة الجنسيات من خلال تنسيق وتشاور قريبين». وقال السفير الأميركي جون نيغروبونتي «لقد بذلنا جهدنا كبيرا بعد ساعات من المفاوضات. ونحن نعتقد أنه قرار ممتاز والمرحلة هذه بالتأكيد هي جديدة في تاريخ العراق السياسي والقرار يؤكد على سيادة كاملة». وقد جرى تحسين نص القرار حيث جرت إعادة صياغة الفقرة الثالثة من القرار التي يؤكد فيها مجلس الأمن على حق الشعب العراقي في أن يقرر بحرية مستقبله السياسي وأن يمارس كامل سلطاته في السيطرة على موارده المالية والطبيعية. وجرى التأكيد في النص على سلطة الحكومة الكاملة على قوات الأمن والجيش العراقية.

كما جرى أيضا تعديل الفقرة الخاصة باللجنة الدولية التي تشرف على صندوق التنمية في العراق حيث منح القرار ممثل الحكومة العراقية سلطات واسعة وله حق التصويت الكامل على كل قرار تتخذه اللجنة الدولية التي تضم في عضويتها ممثلا عن البنك الدولي وعن صندوق النقد الدولي وعن الأمم المتحدة وعن صندوق التنمية العربي.

وفي فقرة أخرى وردت في ديباجة القرار يرحب فيها مجلس الأمن بالتزام الحكومة المؤقتة في العمل نحو عراق موحد ومتعدد وفيدرالي ديمقراطي. وهذه إشارة غير مباشرة إلى قانون الحكومة المؤقت الذي على أساسه شكلت الحكومة المؤقتة. ومنح القرار جدولا زمنيا لوجود القوات المتعددة الجنسيات التي تنتهي ولايتها بعد اتمام العملية السياسية في العراق، أي في نهاية عام 2005، ولا يمكن تمديد ولايتها إلا بطلب من الحكومة العراقية المنتخبة. وعلق السفير الفرنسي جان مارك دي سابليير على النص الجديد قائلا «إن هناك العديد من التحسينات وأن النص يمضي في الاتجاه الصحيح» وشاركه السفير الألماني غونتر بلوغير الرأي قائلا «اعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة يبدو فيها النص جيد جدا».

وقال السفير التشيلي هيرالدو مينوز الذي كان يتحدث باسم وفد البرازيل واسبانيا قائلا إن النص يشكل «حلا وسطا جيدا». وقبل مشاورات مجلس الأمن المغلقة امس عقد المجلس اجتماعا رسميا استمع فيه الأعضاء إلى بيان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الذي أشاد بمهمة مبعوثه الخاص الأخضر الإبراهيمي في العراق في المساهمة بتشكيل الحكومة العراقية المؤقتة التي ستسلم السيادة من سلطة التحالف المؤقتة يوم 30 من الشهر الجاري. وحدد انان مهمة الحكومة المؤقتة قائلا «إن الحكومة المؤقتة لديها مهمة الآن هي توحيد البلد، وأن تقود بفعالية خلال الأشهر الستة المقبلة». واضاف «إن العراق ليس بلدا فاشلا»، وحث الدول خصوصا دول الجوار للاستجابة بكرم إلى مساعدة الحكومة. وبدوره استعرض الأخضر الإبراهيمي المراحل التي تم فيها تشكيل الحكومة المؤقتة، وشدد على أهمية العلاقة بين الحكومة المؤقتة والقوات المتعددة الجنسيات في مرحلة ما بعد إنهاء الاحتلال.

وقبل مشاوراته مساء الاثنين استمع المجلس للامين العام للامم المتحدة كوفي انان ومبعوثه الخاص الى العراق الذي ساهم في تشكيل الحكومة العراقية الموقتة، وقال انان «اؤكد استعدادنا لان نبذل اقصى جهودنا وحسب ما تسمح به الظروف».

ويتوقع أغلب الدبلوماسيين أن يصوت المجلس بالاجماع لصالح القرار في وقت لاحق اليوم. من ناحية اخرى، اعلن مسؤولون اميركيون اول من امس ان الرئيس الاميركي جورج بوش سيلتقي الرئيس العراقي غازي الياور غدا على هامش قمة مجموعة الثماني في سي ايلاند (جورجيا، حنوب شرق)، على الرغم من ان هذا اللقاء مدرج حتى الان في الجدول الرسمي لاعمال الرئيس الاميركي. وبالاضافة الى اليارور، دعا بوش ايضا الى المشاركة في القمة، قادة افغانستان والبحرين والاردن وتركيا واليمن والجزائر وغانا والسنغال وجنوب افريقيا ونيجيريا واوغندا.