أميركا الوسطى: الجانب المظلم في ميراث ريغان

TT

ماناغوا ـ رويترز: اجتذب رونالد ريغان الاشادة من مختلف أرجاء العالم منذ وفاته. لكن في أميركا الوسطى يتذكر الكثيرون الرئيس الاميركي الاسبق باعتباره متشددا أثناء الحرب الباردة أدى تأييده لزعماء ومتمردين من التيار اليميني الى فقد عشرات الآلاف لحياتهم.

فقد ساد العنف دول أميركا الوسطى الفقيرة في الثمانينات عندما كان ريغان يتولى الرئاسة وأنفقت ادارته ملايين الدولارات على الحروب الأهلية. وباسم محاربة الشيوعية في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، ساند ريغان متمردي «الكونترا» ضد حكومة «الساندينستا» في نيكاراغوا وساعد في تعزيز زعماء قمعيين كانوا يواجهون تمردات يسارية في السلفادور وغواتيمالا.

ومنذ وفاة ريغان يوم السبت الماضي تباينت ردود الافعال في أميركا الوسطى. فقال دانييل اورتيغا رئيس «الساندينستا» الذي قاد نيكاراغوا أثناء حربها ضد متمردي «الكونترا»: «نحن لا نحتفل بموت أحد. لكن يجب ان نكون أمناء. لن نبدأ في القول إن الرئيس ريغان كان يحترم القانون الدولي وإنه أحسن معاملة نيكاراغوا. فنحن لن نكذب».

وأضاف ميغيل ديسكوتو، وزير خارجية «الساندينستا» السابق: «ليس هناك أي شك في أن الرئيس ريغان تسبب في ضرر كبير في نيكاراغوا وتسبب في مقتل الكثيرين». وقتل ما يقدر بنحو 300 ألف في الحروب الأهلية في أميركا الوسطى نصفهم تقريبا أثناء فترتي حكم ريغان. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن أغلبهم كانوا مدنيين عذبوا وقتلوا من قبل قوات الجيش أو فرق إعدام على صلة بالقوات المسلحة التي حظيت بدعم أميركي كبير.

وقال دانييل ولكنسون، من منظمة مراقبة حقوق الانسان «هيومان رايتس ووتش» في نيويورك: «العديد من الأمور السيئة للغاية كانت تحدث. وإدارة ريغان دافعت فعلا ودعمت بشدة بعض أكبر منتهكي حقوق الإنسان في هذا النصف من الكرة الارضية». وتعرضت سياسة ريغان في أميركا الوسطى لانتقادات في الداخل عندما تكشفت فضيحة ايران ـ كونترا التي كشفت عن مبيعات أميركية سرية للسلاح لإيران للمساعدة في تمويل «الكونترا»، وهو الامر الذي كان يحظره الكونغرس الأميركي.

وقال راسل كراندال، من مجلس العلاقات الخارجية ومقره الولايات المتحدة: «لم تكن هناك قضية منذ حرب فيتنام قسمت الرأي العام الأميركي والكونغرس بقدر ما فعلت سياسة ريغان في أميركا الوسطى».

لكن ريغان لم يخلق الأزمة في أميركا الوسطى. فقد استولت جبهة «الساندينستا» على السلطة في ثورة قبل أشهر من توليه السلطة. وكانت السلفادور تسقط بالفعل في حالة من الفوضى. وكانت الحرب الأهلية في غواتيمالا دائرة منذ عقدين. لكن المنتقدين يقولون ان تشدده ضد الشيوعية بدد أي أمل في التوصل الى تسويات سلمية واستقطب المنطقة وغذى العنف.

لكن يبقى لريغان معجبون في المنطقة يقولون ان موقفه المتشدد أوقف التهديد الشيوعي وجاء بالديمقراطية في نهاية الأمر. ويحظى غزوه عام 1983 لجزيرة غرينادا لإطاحة الحكومة الماركسية هناك وإنقاذ أميركيين تقطعت بهم السبل بشعبية كبيرة.

وقال انريكي بولانوس، رئيس نيكاراغوا، ان ريغان «كان مدافعا عظيما عن عودة الديمقراطية لنيكاراغوا، وكل مواطني نيكاراغوا الذين يؤيدون الديمقراطية يعترفون بميراثه هذا». وقال توني ساكا، رئيس السلفادور، ان ريغان «ساعد البلاد في أصعب اوقاتها». ويقول حلفاؤه ان الدليل على ذلك موجود في صناديق الاقتراع. فمنذ نهاية الحروب الأهلية في المنطقة أيد الناخبون مرارا حكومات محافظة موالية لواشنطن.

لكن المنطقة ما زالت مقسمة بدرجة كبيرة والزعماء اليساريون الذين خاضوا الحرب مع قوات مدعومة من الولايات المتحدة في نيكاراغوا والسلفادور ما زالوا يحظون بأكثر من 35 في المائة في الانتخابات الوطنية.