الخلاف حول ذكر قانون إدارة الدولة في قرار مجلس الأمن يثير مخاوف العراقيين بتصعيد سياسي يهدد بقاء الحكومة

السيستاني يحذر من مساعي إضفاء الشرعية على القانون ومسعود بارزاني يحذر من تهميش القضية الكردية

TT

اثارت الرسالة التي بعث بها الزعيمان الكرديان مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني وجلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الى الرئيس الاميركي جورج بوش للمطالبة بذكر قانون ادارة الدولة في نص قرار مجلس الأمن، مخاوف من تصعيد سياسي خطير اذا ما نفذ المسؤولون الاكراد بالفعل تهديدهم بالانسحاب من الحكومة العراقية، فيما شهدت بغداد مظاهرة احتجاج على قانون ادارة الدولة بعد وقت قصير من نشر بيان من مكتب اية الله العظمى علي السيستاني موجه الى رئيس مجلس الأمن يعلن رفض التوجه الى اضفاء الشرعية على القانون. وحذر مسعود بارزاني، ردا على تلك المخاوف، من تهميش القضية الكردية واللعب بمصير اكثر من خمسة ملايين كردي الذين مارسوا الديمقراطية منذ اكثر من عشرة اعوام وذلك من خلال البرلمان المنتخب والحكومة الكردية ومؤسساتها المدنية.

واضاف بارزاني في تصريحات صحافية امس ان جميع الاطراف والاحزاب السياسية وافقوا على مبدأ التوافق والفدرالية كصيغة مقبولة للشراكة بين القوميات، وبغض النظر عن اتجاهاتهم السياسية حيث تنازل الاكراد عن بعض المطالب الاساسية مقابل تحقيق ذلك الهدف الا ان بعض التصريحات تؤكد مخالفة هذا المبدأ وتعمل من اجل تقليل الدور الكردي. وحمل الزعيم الكردي تلك الاطراف المسؤولية الكاملة لاتخاذ الطريق الذي يختاره الشعب الكردي من اجل التمتع بالسيادة الوطنية والقومية، مشيرا الى «عواقب وخيمة قد تنجم عن التخلى عن الفدرالية»، حيث وصف بارزاني تلك المستجدات بانها «خط احمر»، ودعا الى اتباع سياسة عقلانية والتخلي عن المخلفات الماضية.

يذكر أن الشارع الكردي يعيش الان حالة من القلق حول عدم الوضوح في مستقبله السياسي وتستعد المنظمات والمؤسسات المدنية لاقامة المظاهرات والتجمعات السياسية للمطالبة بالانصياع للدور الكردي واحترام حقوق الاكراد المشروعة اذا لم يؤيد القرار الوشيك من الامم المتحدة الحكم الذاتي الممنوح للاكراد بموجب الدستور المؤقت الحالي الذي أقر في مارس (اذار).

وقال نجيرفان بارزاني رئيس الحكومة الاقليمية الكردستانية في اربيل «ان الاكراد لا يطلقون تهديدات فارغة من المضمون هنا وانهم جادون» وان هذا من حق شعبه.

وقلل الدكتور محمود عثمان، الشخصية السياسية الكردية المستقلة، من شأن التهديد بالانسحاب من الحكومة وقال «ان أي اجراء يتخذه القادة الاكراد فيما يتعلق بالحكومة المركزية يجب ان يعرض على البرلمان الكردي لبحثه».

واكد عثمان ان الاكراد لا يتطلعون الى الانفصال عن العراق لانه «لا تتوفر ظروف دولية واقليمية مناسبة، كما ان الجغرافيا السياسية المحيطة بكردستان تجعل من الصعب تحقيق ذلك».

واعلن فؤاد معصوم عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني عدم معرفته بمضمون الرسالة وقال «لقد قرأتها في صحيفة «الشرق الاوسط» اليوم (أمس) ولا علم لي بمدى صحتها. سأتصل بقيادة الاتحاد الوطني (طالباني) لمعرفة المزيد من التفاصيل».

وأضاف معصوم قائلا «من حق اكراد العراق تثبيت حقوقهم دستوريا والشارع الكردي غير راض عن تمثيل الاكراد في الحكومة العراقية المؤقتة، لقد شاركنا بهذه الحكومة من اجل ان تسير الامور والصحيح هو ان نحصل على حقوقنا في المناطق الكردية والتابعة فعلا لخارطة كردستان العراق وبضمنها مدينة كركوك».

وشدد دلشاد ميراني ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، في أوروبا، على أهمية الرسالة، مشيرا الى انها تحافظ تماما على حقوق اكراد العراق، وقال «ربما ستؤول الامور الى التعقيد في حالة عدم ادراج قانون الدولة للفترة الانتقالية فنحن لا نشعر بالامان خاصة ان تصريحات الحاكم المدني السفير بول بريمر غير مشجعة تجاه الاكراد».

وأكد ميراني حل ميليشيات البيشمركة وقال «من الخطأ جدا وضع البيشمركة في ذات التصنيف مع ميليشيات بعض الحركات والاحزاب السياسية، ذلك ان قواتنا تم ضم قسم منها الى القوات العراقية الجديدة وقسم آخر انضم لحرس الحدود او حرس الغابات, كما ان البيشمركة قوات لها تاريخ يعود لاكثر من نصف قرن وهي قوات منظمة وعددها كبير جدا ولا تشبه الميليشيات الاخرى».

وقال بيان صادر من مكتب اية الله السيستاني موجه الى رئيس مجلس الأمن وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «ان هناك من يسعى الى ذكر ما يسمى بـ«قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية» في القرار الجديد لمجلس الأمن بغرض اضفاء الشرعية الدولية عليه». وأضاف البيان «ان هذا القانون الذي وضعه مجلس غير منتخب وفي ظل الاحتلال وبتأثير مباشر منه يقيد الجمعية الوطنية المقرر انتخابها في بداية العام الميلادي المقبل لغرض وضع الدستور الدائم للعراق»، وقال هذا أمر مخالف للقوانين ويرفضه معظم العراقيين، وان أي محاولة لاضفاء الشرعية عليه «تعد عملا مضادا لارادة الشعب العراقي وتنذر بنتائج خطيرة».

وقبل صدور قرار مجلس الأمن بساعات، تظاهر آلاف الأشخاص، على رأسهم رجال دين مقربون من السيستاني امس في بغداد احتجاجا على تضمين مشروع القرار اشارة الى قانون ادارة الدولة في المرحلة الانتقالية.

وكتب على لافتة رفعت في مقدمة المسيرة التي انطلقت من استاد الشعب، شمال شرقي بغداد، متجهة الى مقر سلطة الائتلاف الموقتة ان «تبني الامم المتحدة لقانون ادارة الدولة يعني بداية الحرب على الديمقراطية».

وهتف المتظاهرون الذين رفعوا صور السيستاني «الكل مع السيد علي» و«لا لا للدستور، نعم نعم للسيد علي».

واكد احد المتظاهرين وهو حسن السوداني ممثل السيستاني في احد احياء العاصمة العراقية «سمعنا ان الامم المتحدة تريد ان يتضمن القرار قانون ادارة الدولة وقد تلقينا الامر برفض ذلك». وهتف متظاهرون اخرون «نريد دستورا اسلاميا».