الحكومة البريطانية تشكل لجنة مستقلة لدراسة مرض «حرب الخليج»

أعداد العسكريين الذين تعرضوا للسموم الكيميائية والاشعاعية تقدر بنحو 109 آلاف جندي

TT

اعلن في لندن امس عن تشكيل لجنة مستقلة، برئاسة القاضي المتقاعد اللورد لويد أوف بيريك، للتحقيق للمرة الاولى في اسباب حدوث مرض «حرب الخليج»، الذي يعاني منه آلاف الجنود الذين قاتلوا في حرب الخليج لتحرير الكويت من العراق عام 1991، ولا تعترف الحكومة البريطانية حتى الآن بوجود مثل هذا المرض.

ويعاني 5 آلاف محارب بريطاني من اعراض «متلازمة حرب الخليج»، وهو المرض الذي يعتقد انه نتج بسبب اللقاحات التي طعّم بها الجنود، أو بسبب تعرضهم لمواد كيميائية او للاشعاعات الذرية. وسعت جمعية المحاربين القدماء البريطانية على مدى سبعة اعوام لفتح تحقيق واسع حول هذا المرض، وطلب اللورد موريس اوف مانشستر المستشار الشرفي للجمعية من اللورد لويد ترؤس اللجنة.

وقال اللورد لويد انه سيفتتح الجلسات بأسرع ما يمكن، وسوف يستدعي المحاربين واقاربهم واطباءهم للمثول امامه، وان الجلسات ستكون علنية. وأضاف ان 2585 من المحاربين، الكثير منهم مرضى بحالات ميئوس منها، قد تعرضوا للسموم، فيما اعلن اكثر من 5 آلاف عن أعراض متفاوتة لأمراض لم تخضع للتشخيص، وهذا يعني وجود معضلة كبيرة ينبغي مناقشتها.

وقال لويد ان الكثير من المحاربين الأصحاء، وقعوا ضحية المرض، ووجدوا انفسهم وهم يخوضون المعارك لإثبات وجود المرض نفسه. ورحب ناطق باسم جمعية المحاربين القدماء بتشكيل اللجنة وابدى استعداده لدعمها. الا ان الرابطة القومية لمحاربي الخليج وعائلاتهم التي تمثل المرضى، ابدت شكوكها في ان لا تدرس اللجنة كل جوانب الموضوع، وبذلك تزكي نتائجها الوضع الراهن.

وكان أحدث تقرير نشره مركز الاحصاء العام التابع للكونغرس الاميركي بداية هذا الشهر، قد ذكر ان عدد الاشخاص الذين تعرضوا لتأثير عناصر كيميائية خلال حرب الخليج عام 1990 قد يكون اكثر مما يعتقد. ووفقا لاحصاءات الحكومة الاميركة المعلنة عام 1996 فان 109 آلاف جندي أميركي تقريبا يحتمل ان يكونوا قد تأثروا بهذه العناصر الكيميائية. وشكك التقرير بالرقم الذي اعلنته الحكومة البريطانية بشأن تأثر تسعة آلاف فقط من جنودها. وأكد المركز ان هذه الاحصاءات الجديدة لم تستند فقط الى اعداد الجنود الذين كانوا موجودين في المناطق التي غطتها الأدخنة المنبعثة عن تدمير العناصر الكيميائية في جنوب العراق عام 1991، بل وكذلك الى اعداد الجنود الآخرين في المناطق التي كانت ضمن مسار تلك الأدخنة.

وتدرس وزارة الدفاع الاميركية التقرير بعد ان كانت قد وصفت المرض سابقا بأنه «مرض إجهاد ما بعد الصدمة»، وصنفته بوصفه مشكلة نفسية، أو مجموعة أمراض غامضة.

وتتراوح اعراض المرض بين الارهاق والتوعك الشديد. ويصاب المريض بآلام في الرأس والقلق والغثيان، وبمشاكل في التوازن، وآلام مزمنة في العضلات والمفاصل اضافة الى احتمال فقدانه للذاكرة.

ووفقا لجمعية محاربي حرب الخليج القدماء في الولايات المتحدة، فان نصف الستمائة ألف وتسعمائة وسبعة آلاف جندي الذين شاركوا في حرب الخليج في عام 1991، يعانون الآن من أمراض خطيرة. ويعاني أكثر من 30 في المائة من هؤلاء الجنود من اصابات بمرض مزمن، ويحصلون على معونة إعاقة من إدارة الجنود السابقين. ويعتقد عدد من الخبراء ان استخدام قذائف اليورانيوم المنضب الخارقة للدروع في العراق أدى الى اصابة الجنود والمدنيين بالاشعاعات. وقد سجلت مستويات مرتفعة جدا من الاشعاعات في جنوب العراق خلال الحرب الاميركية الاولى عام 1991، فيما وصلت مستويات الاشعاع بعد الحرب الثانية عام 2003 في بغداد وحدها الى 1900 مرة من مستويات الاشعاع الطبيعي، وفقا لتقديرات مركز العمل الدولي «انترناشينال أكشن سنتر». وكانت آثار إشعاع اليورانيوم المنضَّب قد اثارت المخاوف في أوروبا بعد أن بينت دراسات نسبة متزايدة من السرطانات والأمراض التنفسية وغيرها من الإعاقات في قوات دول منظمة حلف شمال الأطلسي العاملة في البوسنة وكوسوفو.

واستخدمت أميركا وبريطانيا ما بين 1100 و2200 طن من القذائف الخارقة للدروع المصنوعة من اليورانيوم المنضَّب أثناء الهجوم على العراق في أشهر مارس (آذار) وأبريل (نيسان) 2003، اضافة الى الثلاثمائة وخمسة وسبعين طنا المستخدمة في حرب الخليج في عام 1991. وتخرق قذائف اليورانيوم المنضَّب الكثيفة بسهولة الدرع الفولاذي وتحترق عند الاصطدام. وتطلق النار المتولدة جسيمات غبار مجهرية مشعة وسامة من أوكسيد اليوارنيوم الذي ينتقل مع الرياح ويمكن أن يستنشق أو يبلع. وينتشر أيضا بدخول الأرض والماء. ويسبب اليوارنيوم المنضَّب الضرر للأعضاء الداخلية نظرا لسميته الكيميائية لكونه معدنا ثقيلا، اضافة لإطلاقه للإشعاع. وتكون الأعراض الأولية عصبية، وتظهر بشكل صداع وضعف ودوار وإرهاق عضلي. وتكون الأعراض الطويلة الأمد السرطان وغيرها من الأمراض المتعلقة بالإشعاع مثل مرض الإرهاق المزمن وألم العضلات والمفاصل والطفح الجلدي والضرر العصبي والتقلبات المزاجية والالتهابات، والضرر الكلوي والرئوي ومشاكل في الرؤية، وضعف المناعة الذاتية وأمراض البشرة الحادة. وقد تسبب أيضا زيادة في الإجهاض ووفاة الأمهات والتشوهات الوراثية الخلقية.