اللقاء الفكري الثالث للحوار الوطني السعودي في المدينة المنورة يختتم أعماله بدون التصويت على توصياته رغم مطالبة بعض المشاركين

أعضاء شكوا من عدم تحديد «آليات تنفيذ» للمقترحات يستعين بها صناع القرار

TT

انتهى اللقاء الفكري الثالث للحوار الوطني السعودي في المدينة المنورة أمس بجدل جديد رافق عملية صياغة التوصيات النهائية للقاء تمهيدا لرفعها لولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز. وكان الدكتور راشد الراجح، نائب رئيس اللقاء الفكري الثالث، تلا 17 توصية في جلسة مغلقة بحضور فيصل بن معمر أمين مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وهو ما قوبل بعدم رضاء عدد من المشاركين والمشاركات في اللقاء عن الصيغة النهائية التي خرجت بها التوصيات في صورتها الأولية بدعوى انها لا تمثل مواقف وآراء جميع المشاركين بالشكل الذي ينقل الصورة الحقيقية لمجريات مداولات الجلسات التسع في أيام المؤتمر الثلاثة. وطالب عدد من المشاركين بإعادة طرح التوصيات للتصويت مرة اخرى وفقرة بفقرة، وهو ما لم يحدث نتيجة مغادرة معظم المشاركين في الحوار الوطني مقر اللقاء. ووصف يحيى بن محمد الأمير الكاتب الإعلامي في جريدة الرياض وعضو اللقاء التوصيات في صيغتها الأولى بأنها خرجت في شكل إنشائي ولم تصل الى المستوى المنتظر، مشيرا الى أهمية أن يكون البيان النهائي الذي سينشر في الصحافة العربية والدولية وأمام العالم أجمع مشتملا على القضايا والنقاط التي ينتظرها العالم حتى لو ذكر أمام كل نقطة حساسة أنه تم التحفظ عليها مثل طرح موضوع قضية قيادة المرأة للسيارة، وتساءل «فما الذي يمنع أن نذكر أمام التوصية بأن اللجنة تحفظت على هذا الموضوع, وأجلت النقاش حوله إلى وقت لاحق؟».

وفيما قال عضو اللقاء موسى بن عبد الهادي أبو خمسين أنه كان يأمل أن تكون التوصيات أكثر دقة ووضوحا وتحمل آليات لبرنامج يمكن تنفيذها من خلال الجهات الحكومية ، ذكر الدكتور إبراهيم بن عبد الله الدويش الأستاذ في قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين في الرس (القصيم) أن توصيات المؤتمر «كانت بحق دون المستوى المطلوب كونها حاولت أن تلم كل ما جاء في جلسات المؤتمر. وهذا أمر صعب جدا"». وأضاف: «كنت أتمنى أن تكون لهذه التوصيات آليات تنفيذ للجهات التي تنفذ هذه التوصيات، لكن يبدو والله أعلم أن هذا الحوار إنما هو فقط لإشاعة ثقافة الحوار وليس لاتخاذ قرار» ، مشيرا إلى أنه يعتبر ذلك «طبيعيا إذا كان هذا هو جهد مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ولن نطالبه بما هو فوق صلاحياته». وقال ردا على سؤال حول هيمنة مطالب المشاركين في الحوار من المؤسسة الدينية السعودية علي طبيعة التوصيات التي وصفت بأنها جاءت موافقة لهذه الرغبات، ان «القضية ليست المؤسسة الدينية, بل في مركز الحوار الوطني وصلاحياته وقدراته وفي ما يبدو أنه اجتماع يضم الباحثين والمشاركين فيه للخروج بتوصيات للمؤتمرين».

الدكتور وليد أحمد فتيحي وصف صياغة التوصيات بأنها «تقبل تفسيرات مختلفة بحسب خلفية قارئها الثقافية»، مضيفا انه «ليس بالضرورة أن نتفق جميعا على توصيات محددة فهذا غير طبيعي وغير صحي ولم يكن هذا هو الغرض من المؤتمر». وقال «إن المشاركين فيه يمثلون وطنا يحتوي على شرائح مجتمع مختلفة تحترم وجهة النظر الأخرى».

وطالب فتيحي «بأن توضع نسبة مئوية وعدد المصوتين أمام كل توصية. فلولي الأمر الحق أن يعرف نسبة دعم المشاركين لكل توصية وكذلك الحال بالنسبة لبعض الطرح الجديد ، فولي الأمر يريد أن يعرف عدد المشاركين الذين يعتقدون أن قيادة المرأة للسيارة بالضوابط هو أمر مرغوب أو غير مرغوب فيه ونسبة من يدعمون توصية إعادة النظر في الموضوع و إلا فلا فائدة حقيقية من أي طرح جديد وجريء. ووصف الدكتور عمر باقعر، أستاذ الأقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، جلسة صياغة التوصيات والبيان النهائي بقوله «قرئت التوصيات علينا، وأعلنا عدم رضائنا عن التوصيات الـ 17 أولا لأن صياغتها مطاطية، وثانيا لأنها لا تتضمن آليات لصانع القرار كي يتعامل مع المشاكل للوصول الى حلول لما تعاني منه المرأة. كما انها خلت من أية إشارة إلى برامج أو آليات, كما أن عددا من التوصيات أسقطت ولم يتم تضمينها في القائمة النهائية». من جهته، نفى الدكتور راشد الراجح، نائب رئيس اللقاء الثالث، أن تكون رئاسة اللقاء قد مارست على الأعضاء أية إملاءات في التوصيات. وقال: «لم يمل عليهم أي شيء, كانت التوصيات منهم وإليهم, وأخذت من كل فرد التوصية التي يراها وجمعت وأخذ برأي الأغلبية منهم ثم عرضت عليهم ونوقشت في جلسة استمرت قرابة ثلاث ساعات وقد أبدوا آراء جديدة سنجتمع على مناقشتها لتصاغ من جديد في وقت لاحق».

وقال ردا على خلو التوصيات من آليات لتنفيذها من الجهات المرعية بأنه «رأي قاله عضو أو اثنان وهم أقلية، أما الرأي الذي عليه الجمهور والأغلبية فإنهم يرون أنها توصيات جيدة ومثمرة نافعة (قبل التصويت عليها مرة ثانية) وستقدم إلى ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز». وخلص الراجح الى قناعته بالتوصيات التي صدرت, مشيرا الى أنها «ليست كاملة الكمال المطلق».