مصدر أوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تنازل عن نص أسلحة الدمار الشامل في اتفاقية الشراكة مع سورية

TT

علمت »الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الإطلاع أن موضوع توقيع اتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي قد سحب من جدول أعمال وزراء الخارجية الأوروبيين الذين سيلتقون اليوم في دوقية لوكسمبورغ بعد أن كان مدرجا عليه.

وعزت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» سحب الموضوع من التداول لـ«غياب أي عنصر جديد يبرر العودة إليه أو التباحث بشأنه». وافادت هذه المصادر أن بعثة من الإدارة العامة للعلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية كانت تريد التوجه الى دمشق بعد أن أقر ممثلو وزراء الخارجية الأوروبيين في اجتماعهم يوم 26 مايو (أيار) الماضي صياغة «جديدة» للفقرة الخاصة بأسلحة الدمار الشامل التي يريد الاتحاد تضمينها اتفاقية الشراكة والتي ترفضها سورية حتى الآن كونها تنطبق عليها فقط ولا تشمل إسرائيل التي تملك ترسانة من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى.

وجديد هذه الفقرة أنه تم التوافق عليها بين دول الاتحاد الأوروبي الـ 25 فيما كانت الفقرة السابقة موضع توافق من الدول الأوروبية الخمس عشرة فقط. وأكدت المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن زيارة وفد المفوضية الأوروبية الى دمشق «ما زالت قائمة وربما تمت في الأسابيع الثلاثة المقبلة». وأوضحت أن «غرض الزيارة ليس التفاوض مع المسؤولين السوريين بل إقناعهم بضرورة التوقيع على اتفاقية الشراكة متضمنة النص موضع الخلاف».

وكان الأوروبيون قد توصلوا الى اتفاق في ما بينهم في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي يقضي بتضمين أي اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي نصا عن محاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل. وتم ذلك بإلحاح من اربع دول أوروبية هي ألمانيا وبريطانيا وهولندا والدنمارك.

وقد علمت «الشرق الأوسط» أن دمشق ترغب في توسيط أطراف أوروبية «صديقة» للتدخل لدى الاتحاد و الوصول الى نص أكثر ليونة. لكن المصادر الأوروبية «تستبعد» مثل هذا التدخل لأن الفقرة الجديدة حازت إجماع الدول الأوروبية وبالتالي يستبعد أن تعمد هذه الدول الى إعادة النظر بها أو الى تعديلها. وترى دمشق أن التحول في الموقف الأوروبي كان «ثمرة للضغوط الأميركية»، خصوصا أن إقرار النص الجديد جاء بعد أسبوعين من فرض الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على سورية بموجب ما سمي بـ«قانون محاسبة سورية و تحرير لبنان» الذي أقره الكونغرس الأميركي نهاية العام الماضي.

وسورية ـ الى جانب ليبيا ـ هي الدولة العربية الوحيدة المطلة على المتوسط التي لم توقع حتى الآن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. و يصر الجانب الأوروبي على أن دمشق ليست مقصودة بفقرة أسلحة الدمار الشامل وإن «المصادفة» الزمنية وحدها جعلت سورية اول بلد يطبق عليه هذا النص. وتقول المصادر الأوروبية: «إن هامش المناورة أمأمنا ضعيف لأن أي تراجع أوروبي عن هذه المسالة سيضر بجهودها في محاربة أسلحة الدمار الشامل وهو ما تنص عليه كل إعلانات مجموعة الدول الصناعية الثماني.

وتضيف المصادر الأوروبية: «لا يستطيع الاتحاد القبول بالمنطق السوري الذي يربط بين توقيع دمشق على الإتفاق والنص على الشرط نفسه مع إسرائيل ولا نريد ان يكون الاتفاق رهينة الوصول الى الشيء نفسه مع إسرائيل». الا ان هذه المصادر تؤكد أن الموضوع سيطرح مع الجانب الإسرائيلي عندما يحين موعد تجديد اتفاقية الشراكة معه.

وتراهن بعض دول الاتحاد على حاجة سورية للاتفاق من أجل إثبات أنها غير معزولة وأنها قادرة على لعب الورقة الأوروبية بوجه الولايات المتحدة لتقبل، أخيرا، التوقيع على اتفاقية. وترى هذه المصادر ان اتفاقية الشراكة أصبحت «جزءا من لعبة شد الحبال بين القوى في سورية نفسها».

ويتشكل النص الخاص بأسلحة الدمار الشامل في صياغته الأخيرة من مقدمة عامة وثلاث فقرات. ويدعو النص سورية الى تنفيذ ما وقعته من اتفاقات حول اسلحة الدمار الشامل، أي منع انتشار السلاح النووي وتوقيع اتفاقيتي منع انتشار الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. كما يدعو الى انشاء آليات رقابة وينص على التزامات بمنع استيراد أو تصدير أو مرور مكونات هذه الأسلحة على اختلافها مع الإشارة الى أن الاتحاد، في إطار سياسته الجديدة المسماة «حسن الجوار» يريد توقيع النص نفسه مع كل جيرانه، مما يعني، بطريقة غير مباشرة إسرائيل.