الأوروبيون يوجهون صفعة لحكامهم وتوني بلير أشدهم إحساسا بالوجع

TT

وجه 450 ميلون اوروبي في 25 دولة صفعة قوية للمؤسسة السياسية بفرعيها من احزاب حاكمة ومعارضة تقليدية. فقد مني عدد من الزعماء بانتكاسات غير مسبوقة لا يستبعد أن يتجاوزها بعضهم في الجولة الانتخابية القادمة.

ففي ايطاليا تعرض رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني للطمة موجعة، حين انفض الناخبون عن حزبه «ايطاليا الى الامام» واعطوه ما نسبته 21 % من الاصوات التي لم ينته فرزها كلها بعد، وهذه اقل بكثير من نسبة الاييد التي حظي بها 1999 و 2001. غير أن الاحزاب التي تشترك في الائتلاف الحكومي لم تخسر قدر ما خسرت احزاب اليسار الايطالية. ولم يكن حظ غيرهارد شرودر، المستشار الالماني، اوفر من نظيره الايطالي. فالحزب الاشتراكي الالماني الحاكم حقق اسوأ نتائجه الانتخابية منذ الحرب العالمية الثانية حين نال 21.5% من الاصوات وهي نسبة تعادل نصف ما حققه حزب المعارضة الرئيسي الديمقراطيون المسيحيون. وابتعد الناخبون الفرنسيون ايضاً عن الائتلاف اليميني الحاكم بزعامة الرئيس جاك شيراك الذي حظي بما نسبته 16.16 %، في حين نال الاشتراكيون 28.9 % من اصوات الناخبين.

الا أن الهزيمة التي تعرض لها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الاحد الفائت تبدو اشد شراسة وربما كانت آثارها أطول عمرا من تلك التي لحقت بنظرائه. فبلير كان اشد نظرائه حماسة لحرب العراق التي باتت في نظر ناخبيه رمزاً لكل ما ينفرون منه في الحكومة العمالية الحالية. والزعيم البريطاني الذي لا يزال يترنح من هزيمته الاخرى قبل ايام في انتخابات المجالس البلدية في انحاء انجلترا وويلز، اضافة الى انتخابات محافظ العاصمة لندن ومجلس بلديتها الموسع، حقق ليل اول من أمس رقماً قياسياً جديداً. فقد نال حزبه 22.3% من الاصوات. وهذه تمثل أدنى نسبة يحققها العمال في اي انتاخابات منذ 1918. والادهى ان هذا الرقم يضاف الى آخر سجله العمال الخميس الماضي في الانتخابات البلدية، إذ كان أول حزب في السلطة يحل ثالثاً بعد حزبي المعارضة الرئيسين في التاريخ القريب. بيد أن بلير قد يلتمس بعض العزاء في «الكارثة» التي لحقت بأكبر احزاب المعارضة. إذ خطف «حزب استقلال بريطانيا» الجديد قسطاً كبيراً من الاصوات التي كانت تذهب عادة لحزب المحافظين. وجدير بالذكر ان حزب الاستقلال الجديد، الذي ينادي بفصل بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي، كان مفاجأة الانتخابات التي اعلنت نتائجها غير الكاملة الاحد الماضي. ففي حين نال المحافظون 25 مقعداً (بخسارة 8 مقاعد) وتلاهم العمال الذين احتفظوا بـ17 مقعداً من أصل 23 احتلوها في الدورة الماضية، جاء الاستقلال ثالثاًُ حين فاز بعشرة مقاعد جديدة فضلاً عن احتفاظه بمقعديه السابقين.

وحل المحافظون في المقدمة ايضاً بالانتخابات البلدية، إذ كسبوا 283 مقعداً جديداً، بينما نال الديمقراطيون الاحرار 137 مقعداً تضاف الى رصيدهم السابق. أما العمال فقد خسروا 479 مقعداً في المجالس البلدية، وهذا أقل بنحو مائة وعشرين مقعداً مما كان متوقعاً. كما احتفظ كين ليفينغستون، الذي عُرفت عنه مناهضته الشديدة للحرب على العراق رغم انه مرشح العمال، بمنصبه محافظاً للندن.

وإذ احتفظ الخضر بمقعديهما في البرلمان الاوروبي كما فازوا بتسعة مقاعد جديدة في المجالس البلدية، فإن احزاباً صغيرة أخرى اخفقت في دخول البرلمان الاوروبي. فقد خرج «ريسبيكت» الذي اسسه النائب جورج غلاوي آملاً باستقطابه اصوات المعارضين للحرب، من الانتخابات الثلاثية خالي الوفاض. وغلاوي والعراقي البريطاني أنس التكريتي لم يفوزا بمقعد في البرلمان الاوروبي، كما حل حزبهما بعد الحزب القومي المتطرف «الجبهة الوطنية» في الانتخابات الاوروبية. واعتبر مراقبون أن السبب الاساسي يعود الى تشرذم اصوات معارضي الحرب بين «ريسبكت» والخضر والديمقراطيين الاحرار. وبينما أحرز «الحزب القومي البريطاني» نجاحاً محدوداً في الانتخابات البلدية، فهو عجز عن الفوز بمقاعد في البرلمان الاوروبي أو بلدية لندن الموسعة. غير ان الحزب القومي اليمين المتطرف نال مزيداً من الاصوات في الانتخابات الاوروبية قدرت نسبتها بـ 4.1 %.