..ويعطي إشارات لتغيير دوره وحكومة بغداد وسلطة التحالف تبادران برد مشجع

TT

يبدو أن رجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر مصمم على التحول من شخص خارج على القانون إلى رجل سياسي ذي نفوذ سياسي مع اقتراب موعد نقل قوات التحالف السيادة إلى الحكومة الانتقالية العراقية.

ويحظى الصدر بشعبية كبيرة بين الأشخاص الأكثر فقرا في أوساط الشيعة. وفي الفترة الأخيرة أشار الصدر إلى نيته تشكيل حزب سياسي يشارك في الانتخابات المقبلة المخطط إجراؤها في يناير(كانون الثاني) المقبل.

وحسب رأي بعض المحللين السياسيين فمن المتوقع أن يكسب دعما معتبرا إذا هو عمل ضمن الإطار السياسي القائم حاليا في العراق.

ولوح الرئيس العراقي غازي الياور للصدر بغصن زيتون يوم الثلاثاء الماضي. واذا ما رد الصدر بالايجاب على هذا فإن ذلك سيمنح رجل الدين الذي ما تزال مرتبته الدينية غير متقدمة، حضورا سياسيا قويا في عراق ما بعد الاحتلال.

ومن خلال اقتراحات الصدر الحذرة ورد الفعل الدافئ من قبل الحكومة العراقية، يتضح أن كلا الطرفين يميلان إلى حل وسط يسمح بإسقاط التهم الموجهة ضد الصدر وبروز حركته ضمن الاتجاه السياسي السائد في العراق، وإن كانت في موقع المعارضة.

ويبدو أن أي خيارات أخرى غير الدخول ضمن الاتجاه السياسي العام ستكون معتمة أمام الصدر، إذ أن ميليشيا «جيش المهدي» التابعة له قد صنِّفت «غير شرعية»، ويواجه الصدر احتمال المحاكمة بتهمة إصداره أمرا بقتل عبد المجيد الخوئي رجل الدين المعتدل في أبريل (نيسان) من السنة الماضية.

وقال الرئيس الياور مرحِّبا بقرار الصدر انشاء حزب سياسي «أظن أنها مبادرة ذكية جدا منه. بقيت أردد باستمرار انني لو كنت في محله لسعيت إلى دخول الحلبة السياسية بدلا من رفع السلاح، فهو لديه أنصار ولديه ناخبون، لذلك فإن عليه أن يدخل ضمن العملية السياسية وأنا اثني على مبادرته الذكية هذه».

وقال قيس الخزعلي أحد مساعدي الصدر يوم الأحد الماضي: إن المناقشات تدور حاليا لتشكيل حزب سياسي، وأضاف «نحن نخطط لتأسيس حزب للتعبير عن آراء الشعب لأنه وضع ثقته بنا. وإذا أسسنا هذا الحزب فإنه سيشترك في الانتخابات وإنه سيستند الى قاعدتنا الشعبية».

وجاء الإعلان عن ذلك بعد يومين من تراجع الصدر عن رفضه الأولي للحكومة الانتقالية، حيث أنه أعلن في هذه المرة عن اعترافه بها اذا امتلكت جدولا زمنيا لسحب القوات الأجنبية من العراق.

وكان أياد علاوي رئيس الوزراء الجديد قد نشر في الأسبوع الماضي تفاصيل خطة لحل تسع ميليشيات ودمج بعض مقاتليها بالقوات العسكرية وقوات الأمن العراقية الناشئة. وسيتم إقصاء رجال الميليشيا غير المشتركين في البرنامج عن المشاركة في الحياة السياسية لمدة ثلاث سنوات. وقد تم إقصاء ميليشيا الصدر من الاتفاق، وهذا يعني منع الصدر من لعب دور سياسي لمدة ثلاث سنوات.

لكن الياور قال إن الصدر، مثل قادة الميليشيات الأخرى، يستطيع أن يشترك في العملية السياسية إن هو حل مليشيا «جيش المهدي». واضاف إن أول خطوة على الصدر أن يقوم بها هي تبرئة نفسه من مقتل الخوئي «هذه هي الخطوة الأولى. وهذه لصالحه. معظم القادة الجدد في العراق كانوا قادة ميليشيات سابقين لكنهم سيحلون ميليشياتهم، وسيصبحون قادة سياسيين وهو بإمكانه أن يفعل الشيء نفسه. فلن يكون الوقت أبدا متأخرا بالنسبة لأي شخص في العراق» كي يقوم بذلك.

ومع مواجهتها لتمرد مستمر بقدرات قليلة، فإن الحكومة الانتقالية في وضع لا يسمح لها بمواجهة الصدر عسكريا. لكن رجل الدين الشاب لا يستطيع أيضا الاستمرار في العنف لتحدي السلطات في بغداد.

وأشار الصدر الى أنه لن يسعى للفوز بموقع سياسي لكن سيمثَّله مرشحون يقوم هو باختيارهم.

مع ذلك سيساعد توصل الصدر إلى اتفاق مع الحكومة العراقية إلى إزالة عنصر واحد من عناصر عدم الاستقرار في البلد المضطرب. فهو قد أطلق تمردا مسلحا في أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن أغلقت إدارة قوات التحالف صحيفته وأوقفت أحد مساعديه البارزين وأعلنت أنها مصممة على «اعتقال أو قتل» الصدر.

وترتب على ذلك وقوع معارك شوارع في المناطق الواقعة تحت نفوذه داخل مدن النجف والكوفة وكربلاء، إضافة إلى الحي الفقير في بغداد المعروف باسم «مدينة الصدر».

وعلى الرغم من مبادرات الصدر العلنية لإيجاد حلول وسط مع الحكومة العراقية، فإن قوات التحالف ما زالت تحاصره وقد اعتقلت مساء الاثنين الماضي أحمد الحسني أحد مساعديه في كربلاء.

سيصبح اسم قوات التحالف بعد 30 الشهر الحالي «القوة متعددة الجنسيات». ومن المفترض أن تبدأ منذ ذلك التاريخ بالتنسيق مع الحكومة فيما يخص الإجراءات الأمنية داخل العراق، وهذا ما قد يؤدي إلى بدء زوال الضغط على الصدر. سيسمح إيقاف حالة الاضطراب التي نجمت عن تمرد الصدر وجماعته للحكومة العراقية بالتركيز على مواجهة التمرد المتصاعد في بعض المناطق السنية. إذ أن الهجمات قد تنوعت وزادت في الأيام الأخيرة. فخلال الاسبوعين الاولين من الشهر الحالي وقع 17 انفجارا بسيارات مفخخة.

*خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»