مجلس الوزراء اللبناني يعود لأجواء التوافق ويطلق ورشة إصلاحية بدأت بملف الكهرباء

TT

أطلق مجلس الوزراء اللبناني امس ورشة اصلاحية للملفات الاقتصادية والحياتية المتأزمة، بعد حلحلة العقد السياسية والتوصل الى تفاهم يمنع تفاقم خلاف رئيسي الجمهورية اميل لحود ومجلس الوزراء رفيق الحريري.

ويعقد مجلس الوزراء اليوم جلستين، الاولى صباحية لدرس ملف «السواب» الذي اقترحه الرئيس لحود لاعادة جدولة الديون المترتبة على لبنان لعامي 2004 و2005، والذي اثار عاصفة سياسية بعد رفضه من قبل رئيس الحكومة وما تلاه من سجال تطور الى حد اعلان الرئيس الحريري انه لن يترأس الحكومة المقبلة اذا استمرت الامور على «هذه الوتيرة»، والجلسة الثانية ستعقد عصراً وهي عادية.

وكان مجلس الوزراء قد عقد مساء امس جلسة خاصة لمعالجة وضع الكهرباء والبحث في ملف مؤسسة «كهرباء لبنان» الواقعة في عجز كبير ترده الى الارتفاع الكبير في اسعار النفط، فيما يرده عدد كبير من المسؤولين الى «هدر كبير» في المؤسسة التي قال رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب محمد قباني (عضو كتلة الحريري) ان الدولة انفقت عليها 10 مليارات دولار او اكثر ولا تزال غير منتجة.

وقالت مصادر وزارية لـ «الشرق الأوسط» امس: «ان المعارضة الشديدة التي جوبه بها اقتراح رئيس الجمهورية لمعالجة الدين العام عبر عمليات «السواب» تتجه، على ما يبدو، الى الايجابية، خصوصاً في ظل عدم طرح وتقديم حلول بديلة لهذه الاستحقاقات المالية الداهمة. وكذلك الامر بالنسبة الى موضوع الكهرباء الذي اثيرت حوله زوبعة كبيرة، ليتضح لاحقاً ان مجلس ادارة كهرباء لبنان ليس بالصورة السلبية التي صوِّر بها. فالأعطال بوشر العمل على اصلاحها، والتيار الذي قيل ان تأمين ديمومته مستحيل ثبت انه معافى وان البلاد لن تدخل في الظلام الدامس».

ورأت المصادر الوزارية ان «محاولة تسييس كل الملفات المطروحة وخصوصاً التقنية والمالية والاجتماعية وربطها باستحقاقات وطنية فشلت، لأن الحجج التي استعملت لم تلق الآذان الصاغية، خصوصاً لدى الرأي العام الغارق في همومه المعيشية والحياتية الصعبة». وتوقعت ان يركز الاتجاه الذي سيحكم معالجة الملفات المطروحة على «اعطاء الدور الكامل لمجلس الوزراء لمعالجة هذه المواضيع عبر التأكيد على فاعليته وعبر حصر الامور في نطاقها الطبيعي، اي عدم تسييس الملفات التقنية والمطالب الاجتماعية لأن هناك مطالب ملحة. فموضوع الدين لا يحتمل التسييس وادخاله في دوامة التجاذبات السياسية. وكذلك الامر بالنسبة الى الكهرباء، خصوصاً ان لبنان دخل عملياً في موسم الاصطياف المقدر ان يجتذب اكثر من مليون وربع مليون سائح».

وشددت المصادر على ان «مجلس الوزراء مقبل حتماً على فترة من الجلسات المنتجة التي تعالج المواضيع المهمة ذات الاولويات الملحة. وهو مطالب بتفعيل دوره ليكون ذلك بمثابة التصدي للمسؤوليات الطبيعية الملقاة على عاتقه، وللرد على المقولات التي تطلق من اكثر من اتجاه بأن مجلس الوزراء اصبح في حكم الميت وان البلد بلا حكومة».

وفي اطار ملف الكهرباء، رفع وزير الطاقة والمياه ايوب حميد الى مجلس الوزراء تقريراً يتضمن جردة مفصلة عن مجمل القرارات التي اتخذها منذ تاريخ تأليف الحكومة الراهنة والمتعلقة بمؤسسة «كهرباء لبنان» لتبيان ما نفذ منها وما لم ينفذ.

وكان مجلس ادارة «كهرباء لبنان» عكف ليل اول من امس على درس موازنة المؤسسة لتحديد العجز المالي في ظل اقتراحات من عدد من اعضاء المجلس على احتساب الديون المترتبة على المؤسسة كاملة، بما من شأنه رفع العجز من 315 مليار ليرة الى نحو 450 ملياراً نحو (300 مليون دولار) مع احتساب دين الـ 150 ملياراً المترتب لسورية. ووضع رئيس مجلس الادارة المدير العام لمؤسسة «كهرباء لبنان» كمال الحايك مجلس الوزراء في صورة شاملة عن الوضع المالي من خلال عرض تقرير مالي اداري شامل اعده لهذه الغاية.

وتوقع وزير الاقتصاد والتجارة مروان حمادة ان تمر جلسات مجلس الوزراء بسلام وبكثير من التوافق «ذلك ان الاتصالات التمهيدية اتاحت الفرصة لتهدئة المناخ السياسي المحيط بالملفات المطروحة وتغليب الطابع التقني عليها». وتوقع ان يقر المجلس بالاجماع مد «كهرباء لبنان» بالمال اللازم لتفادي اي تعتيم او تقنين قبيل فصل الصيف، لما لذلك من اولوية وضرورات اقتصادية سياحية وشعبية واجتماعية.

وقال عضو لجنة الطاقة النيابية النائب عبد الله قصير: «ان خطة الانقاذ والتطوير لدى شركة الكهرباء في فترة السنتين الماضيتين اصطدمت بمجموعة معوقات سياسية خارج ارادة المؤسسة، وهذا الموضوع مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمؤسسة».

اما وزير الدولة كرم كرم القريب من رئيس الجمهورية فقد زار امس الحريري وتمنى في تصريح ادلى به بعد اللقاء ان «نبدأ بمعالجة جدية لهذا الموضوع لان المكلف اللبناني دفع الكثير في هذا القطاع الذي نتمنى ان يؤمن الكهرباء لحاجتنا اليها في جميع نواحي الحياة». واعتبر ان هذا الملف «كبير وشائك ومؤلم، وحدث فيه خلل كبير وهدر كبير. ويجب ان نقف وقفة ضمير حقة حتى نبدأ بمعالجة هذا الملف معالجة جادة وصادقة».