التعليم في السعودية.. عام دراسي أقفل أبوابه وقضية ما زالت مفتوحة

TT

ودع السعوديون عاماً دراسياً حافلاً بالقرارات والنقاشات حول التعليم وقضاياه. واستحوذ التعليم على مساحة كبيرة من طروحات الكتاب والمسؤولين في مختلف وسائل الاعلام، حتى أنه كان أحد محاور النقاش الذي اثار جدلا واسعاً في الحوار الوطني الأول ومجلس الشورى.

هذا الحضور اللافت لقضايا التعليم في حياة السعوديين يأتي على خلفية ما تشهده البلاد من اعمال ارهابية, منذ ما يقرب من العام ونصف العام نعتت خلاله مناهج التعليم بتفريخها للارهاب وتأجيجها لروح الكراهية فضلاً عن تقديمها المواد في صيغة جامدة تكون وراء فشل الخريجين في الحصول على وظائف.

وضجيج هذه المناقشات لم يكن محصوراً في الداخل فقط بل وصل الى الخارج في أوقات كثيرة ودفع عادل الجبير، أحد مستشاري ولي العهد، الى توضيح النقلة التي يعيشها المسوؤلون السعوديون في نظرتهم للقضية. وقال في حينها «ان وزارة التربية والتعليم أطلقت مشروعاً وطنياً لتقويم المناهج بما في ذلك خبراء اجانب من انحاء العالم لتقديم توصيات بهذا الصدد».

والحال أن بعض «ملامح التغيير» ظهرت العام المنصرم في احتواء بعض المناهج على أسماء سيدات سعوديات ساهمن في صناعة المناهج مثل مادة اللغة الانجليزية للصف الأول المتوسط. فيما بلغ عدد المؤلفات والمراجعات والمدققات في مادة القواعد الخاصة بالصف السادس19 سيدة. وكان مسؤولون في الوزارة قد صرحوا لـ«الشرق الأوسط» بان المسؤولين عن المناهج بشكلها الجديد سيكونون من الكوادر السعودية وسيخضعون للتأهيل والتدريب من قبل اختصاصيين. ولحق التغيير السابق, تعديلات في بعض المناهج الدينية مثل مادة التوحيد. والحال أن للمناهج الدينية النصيب الأكبر من النقد والتحليل سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. وعقد وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الرشيد اجتماعات عدة مع المعلمين المعنيين بتدريس هذه المناهج وحثهم على «منهج وسطي معتدل بعيد عن التشويش على عقول الناشئة في المدارس». من جانبه يرى عبد الله الشهري رئيس اللجنة التعليمية في مجلس الشورى أن «التحرك بطيء في اتجاه التطوير, وان ما تم حتى الآن لا يتعدى التعديلات, ولم يصل الى مرحلة التغيير». وأضاف الشهري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» : «نحن في اللجنة التعليمية في مجلس الشورى غير راضين عن هذه التحركات البسيطة، ونتمنى أن تكون أكبر وأسرع. ولكن مع ذلك نحن نفهم أن الوزارة تواجه عقبات مالية, وتخطيطية, وتحفظات من جهات معينة. ونأمل أن يكون العام القادم أفضل».

وفي سياق الجدل الذي اثارته قضايا المناهج التعليمية، حصلت نقاشات من الصعب تجاهلها. الأولى كانت قبل بداية العام الدراسي بين رئيس مجلس الشورى الشيخ صالح بن حميد ووزير التربية الدكتور محمد الرشيد. وبدأ النقاش بحسب ما نقلته الصحافة المحلية في حينها, عندما بدأ الرشيد بمداخلة حول محاضرة لابن حميد قائلاً «أبنت لنا يا شيخنا أن اللغة العربية لها حد في التعليم والرياضيات كذلك فهلا أوضحت لنا متى ننطلق لتعليم الدين ومتى ننتهي؟»، فرد الشيخ مداعباً «إذا كنت أنت رئيس الهيئة التعليمية وأنت وزير التربية والتعليم ولا تعرف هذا الأمر. فحقيقة الأمر والمقصود أنني قلت هذا الكلام من منطلق كوني ولي أمر».

والموقف الأخير كان في الحوار الوطني بين الاكاديمي والكاتب الصحافي الدكتور حمزة المزيني والشيخ سعيد بن مسفر حول طريقة التدريس التي يجب أن تتبع في المدارس السعودية ما دفع بعض الأعضاء مغادرة القاعة امتعاضاً من طريقة طرح الافكار في المؤتمر.

واستمر مسلسل المفاجأت فيما يخص طريقة التعاطي مع الملف التعليمي حتى وقت قريب عندما فاجأ وزير التربية الرشيد المشاركين في ختام اجتماع قادة العمل التربوي المنعقد في مكة برفضه للتوصيات الناتجة عن جلساتهم على مدار ثلاثة أيام، معللاً موقفه بأن «جميع التوصيات التي خرج بها اللقاء هي ضمن خطط وزارة التربية والتعليم»، ما اضطره أن يعلن ختام اللقاء الاخير بدون توصيات. يذكر أن السعودية أعلنت برنامج تطوير للمناهج ينتهي مع مشارف عام 2006، فيما أقرت تدريس مادة اللغة الانجليزية في الصف السادس الابتدائي من العام القادم.

فالملف التعليمي في السعودية ساخن والحديث حوله متفاعل وغير منقطع. فلا يمر يوم في الصحافة السعودية بدون نقد هنا ورد هناك، وقرارات وتعديلات من قبل الوزارة التي باتت تعبأ كثيراً بما يدور حولها منذ أن أصبح التعليم في السعودية قضية لا تخصها وحدها.