باريس: أحكام بالسجن ضد أفراد وأصدقاء عائلة جزائرية نصبت فخا لتوريط صهرها في تهمة الإرهاب

TT

فرنسيان وثلاثة جزائريين، هم اخوة وأقارب ومعارف لفتاة قضت في حريق شب ببيتها في ضواحي باريس في مثل هذا الشهر منذ عامين، تكاتفوا فيما بينهم بعد الحريق للانتقام من زوجها وصهرهم السابق، الجزائري الحاصل على الجنسية الفرنسية عبد الرزاق بصغير، لأنهم اعتبروه مسؤولا عن اندلاع الحريق ومقتل شقيقتهم لويزا بشيري، أو المرأة التي تركت لزوجها الأرمل طفلا وحيدا اسمه مهدي عمره الآن 4 سنوات.

لم يجد اخوتها وأقاربها طريقة بعد دفنها بأيام أسهل من إعداد مخطط يظهر معه صهرهم السابق كإرهابي عضو في جماعة متشددة تخطط لعملية على الطريقة الأصولية في مطار بباريس أو سواه، وبذلك تعتقله الشرطة ثم يحاكم ويزج به وراء القضبان.

لكن المحققين الفرنسيين تابعوا تفاصيل القصة واكتشفوا أن بصغير، الذي كان يعمل حمالا للأمتعة في مطار شارل ديغول، الأكبر في فرنسا، بريء، وأوصلتهم التحقيقات إلى معدي الفخ على الشاب البالغ من العمر 29 سنة، فاعتقلوهم واحدا واحدا، ثم حاكموهم في جلسات وجلسات إلى أن نطقت محكمة في باريس اول من امس حكمها بسجنهم جميعا 5 أشهر، مع غرامة على كل منهم قيمتها 18 ألف دولار. وتبدأ قصة بصغير، وهو جندي سابق في «فرقة الأجانب» بالجيش الفرنسي، بالعثور يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) 2002 على أسلحة ومتفجرات وتوابعها في سيارته المتوقفة آنذاك في مرآب مطار شارل ديغول، حيث كان حاملا للأمتعة. عثر على مسدسين ورشاش و5 عبوات بلاستيكية متفجرة وجهازي تفجير عن بعد، فبحثت عنه السلطات سريعا في المطار واعتقلته، وسريعا اشتبهت في انتمائه إلى جماعة متشددة تنوي عبره القيام بعملية ما داخل المطار، أو على الأقل خطف طائرة لاستخدامها بركابها الأبرياء لضرب هدف كبير في فرنسا أو خارجها، ووضعوه في سجن بضواحي باريس، وحققوا معه لأيام، وسط إصراره بأنه بريء وأن عائلة زوجته القتيلة في الحريق هي التي أعدت له فخا وقع فيه، وأنه لا يعرف كيف وصلت الأسلحة إلى سيارته، وأنها وضعت فيها لاستهدافه بالذات. اشتغل المحققون من وقتها على جبهتين، إحداها تركز على اخوة زوجته القتيلة وأقاربها، وعلى والدتها فتيحة بشيري، كما على عمها ضيف الله الذي اتضح أنه غادر إلى الجزائر ولم يعد يبدو له أثر، والثانية عليه هو شخصياً.

اكتشف المحققون من بعدها أن لرواية حامل الأمتعة بعض المصداقية، خصوصا أن سجله كان خاليا من أية ملاحقات قضائية ولا يعرف عنه ارتباطه بأية جماعة اصولية، فمال بعضهم إلى تصديق روايته، وبعض المحققين مال إلى أن جماعة استخدمته لنقل أسلحة إلى المطار الذي يعمل فيه، حتى عثروا على شاهد عيان أكد أنه رأى أحدهم «غير بصغير ولا يشبهه تماما» ينقل أسلحة إلى داخل سيارة في المرآب، فتأكدوا من روايته وراحوا يتابعون العائلة الجزائرية ويرصدون أفرادها على مدار الساعة، خصوصا بعد أن جمعوا معلومات عن تصرفاته من شركة نقل الأمتعة التي يعمل فيها منذ 3 سنوات بالمطار وتأكدوا من بعض موظفيها بأنه كان يتلقى تهديدات من عائلة زوجته التي قضى عليها الحريق وهي بعمر 25 سنة.

قام المحققون الفرنسيون باعتقال أفراد العائلة واستجوبوهم على مراحل طوال 80 ساعة، إلى أن اعترفت الجزائرية فتيحة بشيري، وهي والدة زوجته القتيلة، بتفاصيل المخطط، الذي أودى بها إلى السجن، وكذلك بابنها أحمد وابن آخر لها أيضا، مع فرنسيين هما مارسيل لوهير وباتريك بوشولان، ممن حكم عليهما بالعقوبة والغرامة ذاتها للاشتراك في توريط شاب بتهمة كان سيمضي معها بقية حياته وراء القضبان، لولا أن وقع الجميع في الحفرة التي حفروها لبصغير.