جلسة وزارية «هادئة» في لبنان أقرت «السواب» بدون ربطه بإصلاح مالي شامل

TT

تجاوز مجلس الوزراء اللبناني امس قضية «السواب» التي أثارت أزمة بين رئيسي الجمهورية اميل لحود ومجلس الوزراء رفيق الحريري واستدعت تدخلاً سورياً للتهدئة اثمر إقرار المشروع الذي يقضي باعادة جدولة الدفعات المترتبة على لبنان من ديونه الخارجية والداخلية للعامين المقبلين.

عقد مجلس الوزراء امس جلستين; الاولى صباحية خصصت لدرس موضوع «السواب» الذي كان اقترحه رئيس الجمهورية واعتبره رئيس الحكومة «نسفاً لباريس ـ 2». والثانية مسائية خصصت لدرس جدول الاعمال العادي، علماً ان المجلس كان اجتمع مساء اول من امس وأقر مجموعة خطوات لمساعدة مؤسسة «كهرباء لبنان» الواقعة في عجز مادي كبير.

ورغم ان معظم الآراء التي ادلى بها الوزراء امس تحدثت عن اجواء هادئة سادت الجلسة الصباحية، الا انه كان واضحاً وجود تجاذب خفي بين الرئيسين لحود والحريري وفريقيهما لجهة قرار التفاهم الذي اتخذ قبل بدء مجلس الوزراء جلساته الثلاث المتتالية. فالجلسة، كما قالت مصادر وزارية متعددة «غرقت في التفاصيل الدقيقة والمملة. ولم يتوان الوزراء عن الادلاء بمداخلاتهم وطرح اسئلتهم». الا ان الثابت انها كانت جلسة «شد حبال بامتياز» بين رئيس الجمهورية وعدد لا بأس به من الوزراء، من جهة، ورئيس الحكومة وفريقه الوزاري، من جهة اخرى. واشارت المصادر الى ان فريق رئيس الحكومة حاول الانطلاق من موضوع «السواب» لطرح امور مالية اخرى، فيما اصر رئيس الجمهورية على حصر الموضوع بـ«السواب» فقط من دون الدخول في امور اخرى «لأن هذا الموضوع داهم ويحتاج الى معالجة قبل فوات الاوان».

وشرح الرئيس لحود وجهة نظره، داعياً الى «الاستعداد للاستحقاقات المقبلة منذ هذه اللحظة حتى نصل الى هذه الاستحقاقات من دون الوقوع تحت ضغط الواقع الاقتصادي». ولفت الى انه «كان سبق للدولة ان قامت بعملية سواب، وبالتالي يمكن، بالتعاون مع المصارف ومصرف لبنان ووزير المال، ان يتم التفاهم على الصيغة، وخصوصاً ان ثبات الفوائد في العالم غير محسوم».

وكشفت المصادر بعض ما دار خلال الجلسة، موضحة ان الرئيس لحود قال انه «رغم الجو السياسي الذي طرح حول موضوع السواب، الا انه لا خوف من اجراء عمليات سواب». وحاول وزير المال فؤاد السنيورة (القريب من الحريري) الحديث عن «الاصلاح المالي» فتدخل الرئيس لحود قائلاً: «هذا الكلام مهم كثيراً ولكن نحن الآن لا نتكلم عن اصلاح مالي انما نتكلم عن السواب».

واشارت المصادر الى ان السنيورة مدعوماً من الحريري، عمل على ربط موضوع السواب باصلاح مالي شامل، الامر الذي رأى فريق الرئيس لحود ان من شأنه ان «يطيح هذه العملية لأن الاصلاح يحتاج الى وقت وقوانين وتشريعات، بينما موضوع الدين لا يحتمل الانتظار».

واجمعت المصادر الوزارية على القول انه «رغم عملية شد الحبال التي كانت ظاهرة، الا ان الجلسة سادها نقاش علمي عبّر خلاله الوزراء عن وجهات نظرهم حيال الموضوع المطروح». وبعد مداخلات لكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، فضلاً عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير عام المالية آلان بيفاني اللذين شاركا في الجلسة، كانت النتيجة اقرار «السواب» بالاجماع ومن دون اي تحفظ.

وفي ختام الجلسة اذاع امين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي المقررات الرسمية، فاشار الى انه «بعد المداولة قرر المجلس الطلب الى وزير المال بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان، العمل على اجراء عمليات سواب على الديون المستحقة خلال عام 2005 لمدة خمس سنوات، وذلك حتى شهر سبتمبر (ايلول) المقبل وإفادة مجلس الوزراء شهرياً عن سير هذه العمليات والعمل على اجراء عمليات السواب على الديون المستحقة خلال عام 2006 اعتباراً من مطلع عام 2005».

وقد اكتفى الرئيس الحريري لدى مغادرته جلسة مجلس الوزراء، يرافقه الوزيران مروان حمادة وفؤاد السنيورة، بالقول: «كله تمام». اما السنيورة فقال (ضاحكاً) رداً على سؤال عما اذا كان اقتنع بفوائد اجراء عمليات «سواب»: «شيء مقنع».

واوضح وزير الدولة كرم كرم القريب من الرئيس لحود، انه قدم مداخلة تحدث فيها عن استراتيجية وهندسة مالية. وقال: «علينا استحقاق وليس فائض مالي. وحتى نواجه هذه الاستحقاق، فاننا مضطرون الى تأخيره. والقصة ليست عملية تأجيل. واذا تمت عملية الاستبدال فهذا سيريح الوضع المالي والاقتصادي».

اما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي غادر الجلسة قبل انتهائها مع مدير عام المالية بيفاني، فاكتفى بالقول: «كل شيء تم بالتوافق».

ووصف وزير الدولة خليل الهراوي اجواء جلسة مجلس الوزراء بانها كانت «مفيدة جداً»، معتبراً ان «الموضوع عولج بعيداً عن التشنجات السياسية. فالمطلوب كان ان ندع المواضيع المالية، خصوصاً الجزء التقني منها، بعيدة عن التجاذبات السياسية».