السعوديات يتحولن إلى مضاربات شرسات ومتابعات لشاشات التداول في سوق الأسهم السعودية

يطالبن بمكاتب استشارية ويوصين بعضهن بتوزيع المخاطر ويعاتبن وسائل الإعلام على المصداقية

TT

لم تتوقع ريما الرميح المتخرجة حديثا ان تكون يوما ما من صغار المستثمرات السعوديات في سوق الاسهم الداخلية وهي التي تقول «كنا في مدرجات جامعة الملك سعود بكلية العلوم الادارية في قسم المحاسبة وكانت معلمتنا ترغبنا في سوق الاسهم وتحضنا على التثقيف الاقتصادي الذاتي ومتابعة المستجدات في اسواق الاسهم الداخلية«، مشيرة الى انها وفي العام الثالث من دراستها الجامعية قررت المغامرة واصبحت من المستثمرات في سوق الاسهم السعودية.

وتضيف الرميح ضمن تجربتها مع سوق الأسهم «بعد الاطلاع والقراءة المستمرة عبر الصحف ومنتديات الانترنت تكونت لدي فكرة عن الاستثمار في الأسهم وأصبحت أملك المعلومة التي تمكنني من المخاطرة بمبلغ مالي» مبينة أن خسارتها لهذا المبلغ لن تؤثر على حياتها.

وأبانت الرميح انها خصصت مبلغ 100 ألف ريال (26 ألف دولار) منوهة الى انها بعد دراسة الخيارات المتاحة حرصت على الاستثمار في الاسهم بمخاطرة عالية وقامت باعداد قوائم للشركات المتاحة ومقارنة القطاعات ومن ثم قررت التنويع في استثماراتها في ذات القطاع مع الأخذ في الاعتبار تجنب الشركات ذات نسبة الارباح المنخفضة.

وزادت: «لكوني باحثة عن الربح السريع سأتقبل نتائج المجازفة بصدر رحب». وعن مستجدات سوق الاسهم وتضرر صغار المستثمرين تقول «أعي ذلك واتعاطى معه بحذر واتمنى ان لا تضع المستثمرات قانون الربح والخسارة دائماً على محك التجربة، وان تضع للتفاؤل مساحة واسعة، لافتة إلى أنه لابد أن تتحلي بطول النفس والبحث عن المعلومة التي تعد الوقود اللازم للدخول في استثمارات أكثر خطورة وأعلى ربحية في ذات الوقت.

من جانبها، تؤيد صفاء المنديل سيدة أعمال ومستثمرة في الاسهم الدولية والمحلية ما ذكرته ريما حيث انها من الرواد في عالم الاسهم وان بداياتها كانت منذ طرح البنوك والشركات السعودية اسهمها للتداول، مؤكدة على ان تسويق مندوبي القطاع المصرفي له دور فعال في تثقيفها وترغيبها لدخول سوق الاسهم السعودية.

وتبين المنديل أن الأوضاع الاقتصادية لدى السعودية ترتبط بالاستشارات اذ مرت بتجارب صعبة في بداياتها وتخطتها بالاستفادة من كل تجربة، مؤكدة على ان الغموض في سوق الاسهم يعود لجهل المستثمرين وليس لغياب المعلومة.

ودعت المنديل المستثمرات الى حسن اختيار الجهة الاستشارية مع التدقيق في كل المعطيات ثم اتخاذ القرار، موجهة كل من يتجه لسوق الاسهم ان يلم بالخلفية الكاملة ويتسلح بالمعلومة التي تعد من أقوى أدوات المواجهة.

ومن جانب آخر، أوضحت أسماء عامر وهي مستثمرة في سوق الاسهم ان قطاع البنوك يتحمل الكثير من المسؤولية. وقالت «المستشارات في البنوك اقل كفاءة وفاعلية والسواد الأعظم منهن غير ملمات بمعطيات السوق بصورة كاملة وتنقصهن مهارات استشراف المستقبل».

وتضيف عامر انها عاتبة على القطاعات البنكية التي لم تؤهل كوادرها بصورة تحمى المضاربات والمستثمرات في السوق اذ ان التوعية المركزة تحفز المهتمين بدخول سوق الأسهم من خلال اعطائهم معطيات وتحليلات تؤطرها المصداقية، وبعض البنوك تربح على حساب العملاء مما قد يؤدي لخسارة العميل.

وعما دعا العامر للدخول في سوق الاسهم الداخلية، تفيد قائلة «ركود سوق العقارات دعاني لسحب رأس مالي والتوجه الى سوق الاسهم وبعد ان كنت اتحصل من استثماراتي العقارية على ما نسبته 8 في المائة من الارباح في العام اصبحت أحصل على ذلك في يوم واحد» من خلال سوق الاسهم مردفة «صحيح نسبة الخطورة عالية لكنه استثمار اسرع وافضل بالنسبة لي».

وعن اتخاذ القرار بالبيع او الشراء تقول العامر «على خلفية خبرة العائلة الطويلة استقي قراراتي فالمجتمع من حولي حافل بالمستثمرين القدامى في مجال الاسهم مضيفة انه ليس بالضرورة الاعتماد الكامل على المعطيات والمعلومات والاستشارات فأحيانا يخالف نزول السوق كل توقعات الارتفاع وبدون أسباب واضحة أو منطقية ينخفض بصورة مفاجأة مؤثراً بذلك على صغار المستثمرين كما حدث الشهر المنصرم عندما كانت اسعار البترول مرتفعة والمنطق يقول أن يؤدي ذلك لارتفاع سعر السهم لكننا صدمنا بالهبوط المريب». مطالبة الجهات الحكومية باستحداث مرجعية قانونية لحفظ الحقوق.

وتسألت عامر «لماذا لا يوجد جهة رسمية تخاطبنا او نخاطبها كصغار مستثمرين ونعود إليها لحفظ حقوقنا فالمتحكم بالسوق هم كبار المساهمين المتنفذين ممن يمتلكون السطوة ويستطيعون التلاعب، وسن التشريعات والقوانين سيحمينا ويؤكد على مصداقية السوق الداخلية للأسهم السعودية». وتعتب العامر على وسائل الاعلام اذ تقول «حتى الصحافة والقنوات الاعلامية لا تحمل تقاريرها الكثير من المصداقية أو العمق في الطرح، والجانب التثقيفي معدوم وهناك تجاهل ملموس لنا كحديثي عهد بعالم الاسهم» مردفة «لقد وضعنا رؤوس اموالنا التي اجتهدنا في تحصيلها ومن الظلم وغير المنطقي ان يبقي السوق بلا جهة تشريعية ضابطة».

وأبانت عامر مدى تداعيات ذلك حيث أدى ما يحدث في سوق الأسهم إلى تخفيض استثماراتها البالغة 50 في المائة من رأس المال إلى 25 في المائة، وقالت «لست متفائلة فالكثيرين من حولي بدأوا يتسربون برأس مالهم ومن بينهم والدي بالرغم من طول تجربته الا انه اصبح يقوم بتوزيع استثماراته بالتساوي في سوق الاسهم المحلية والعالمية«. وتؤكد باصرار «بالرغم من ذلك سأبقى في سوق الاسهم الداخلية».

أما ريم الحسن مديرة قسم السيدات في البنك السعودي الفرنسي فتشير الى ان الكثير من العاملات في القطاعات البنكية متحفظات من ناحية اعطاء أي معلومة للمستثمرات في سوق الاسهم لتجنب استثارة المشاكل مع العميلات مضيفة بقولها «لا تبني المرأة تعاملاتها في سوق الأسهم على قاعدة من الخبرة والمعلوماتية بل تغلب الشائعات على التحليلات والمرأة في السعودية حديثه عهد في هذا المجال والكثيرات يبدأن وهن على يقين تام من تحقيق الربح وبالتالي تدخل السوق بمبالغ كبيرة وعندما تهبط الاسهم يتأثرن بشكل سلبي ويتهورن في عملية البيع غير المدروسة مما يتسبب في الخسائر المضاعفة، اضافة الى غياب الشفافية في عرض معلومات الشركات.

وترجع الحسن الأعداد الكبيرة من النساء المنضمات الى عالم سوق الأسهم السعودية للانتعاش المصاحب لبداية العام وارتفاع سعر البترول بجانب التسهيلات والقروض البنكية التي قدمتها البنوك للمتداولين. مؤكدة بأن ضعف القنوات الاخرى التي لا تستطيع المرأه استثمار رأس المال فيها وحفظها كودائع لدى البنوك أدى لهذا الاقبال.

وتنوه الحسن الى أن المرأه السعودية تنقصها الاستشارات الصحيحة المبنية على المصداقية وان تلم بالسوق من خلال التعرف على الشركات المدرجة وتكتسب القدرة على التحليلات المالية لقوائم الشركات وبالتالي معرفة الشركات الجيدة من غيرها وبذلك تحمي المستثمرة رأس مالها من الخسارة الفادحة كما تفترض ان تكون المساهمة في شركات معروفه كبيرة ذات عوائد ولا تتأثر في حال هبوط السوق، وأخيرا التمسك بالسهم في حال نزوله وعدم البيع بخسارة دلالة على الوعي. أما مجال المخاطرة المتوسطة والحذرة فقد جسدته نورة الدحمان المترقبة بهدوء لمؤشرات الأسهم حيث تصنف نفسها كمضاربة من النوع المتوسط لأن صغار المساهمين في خطر دائم وما يحميهم هو التنويع في المحافظ وقد قامت بتوزيع المبلغ الذي خصصته للدخول في دنيا الاسهم على أربع قطاعات وهي الزراعة، والصناعة، والخدمات، والبنوك مع القبول بالعائد الاقتصادي المقبول وتجنب الربحية العالية التي تتطلب حب المغامرة واقتحام المخاطرة برأس المال.

وتنصح الدحمان بعدم المخاطرة بالدخول في استثمارات الحقل الزراعي لكون غالبية عوائده سالبة وارتفاعاته قليلة مضيفة أنها لا تنكر اأن مشروع رأس مال صغير وهارب بسبب المعلومات التي ترد عن سيطرة البعض على سوق الاسهم موضحة انها عندما علمت بذلك قلصت من حجم استثماراتها وخططت بعد مدة للانسحاب بعد تكوين رأس مال يساعد في القيام بمشروع تجاري بعيداً عن ضوضاء سوق الاسهم.

من جانبها اشارت سمراء القويز المعيدة في كلية العلوم الادارية بجامعة الملك سعود الى اهميه تنوع المحفظة الاستثمارية وتوزع المستثمر رأس المال بين القطاعات المختلفة للحد من حجم المخاطرة ولتحجيم الخسائر في حال وجودها، مطالبة بإنشاء سوق رأس المال الجديد، وهيئة ادارية للسوق تعني بالمراقبة والضبط، وان تلزم الشركات المتعثرة بالافصاح عن نتائجها المالية والمشاكل المحيطة بها.