خريجات الجامعات السعودية في مهمة البحث عن فرص عمل: «لو كنت أعلم خاتمتي ما كنت بدأت»

TT

سبع فتيات سعوديات اخترن أن يتحدثن عن تفاصيل صغيرة في حياتهن بانتظار فرصة عمل. وهن يخشين على نظيراتهن خريجات هذا العام من المصير نفسه الذي وصلن إليه في ظل انحسار فرص العمل وعدم توفير بدائل جديدة تستوعب الطابور الطويل الذي يزداد طولا عاما بعد عام. «عليك أن تعيش التجربة لتعرف مدى قسوتها»، فلا شيء أقسى من الانتظار سوى الأحلام الموءودة.

حكايات البنات لا تخلو أحيانا من الطرافة يقلن إن «الجامعية العاطلة» باتت علامة مسجلة للخريجات السعوديات. وإنهن يعانين من غياب التفهم لوضعهن مع البطالة المزمنة، «لا أحد يهتم بنا أو بمشاكلنا الحقيقية»، ويؤكدن أنهن خسرن 16 عاما من عمرهن في مقاعد الدراسة وهن يحلمن في شهادة جامعية تحقق ذاتهن وتبني مستقبلهن. فالأحلام بفرصة عمل تصطدم بجدار البطالة. ويتساءلن «لماذا يجب علينا القبول بواقع لم نشارك فيه، أمام كل شاب عاطل هناك أربع شابات بلا عمل؟».

ووصفن سوق العمل بأنه «جامد»، ولا يتحرك في اتجاه الأيادي الناعمة. ويطلبن المساعدة في القبض على من سرق المستقبل من بين أيديهن، «لقد مللنا الطبخ والنفخ، وتنظيف البيوت، ومصادقة الجدران المغلقة، والجلوس أمام شاشات التلفاز وغرف الدردشة». والبعض الآخر منهن يتساءل عن الخطأ الذي وقعن فيه ويعاقبن من أجله. فتيات أخريات أصبن بحالات أمراض نفسية مزمنة. إحباط وانطواء واكتئاب، وحتى التفكير في الموت!. «المزاج السيئ هو سيد مواقفي» هكذا بدأت خلود قاضي حديثها «أصبحت حساسة جدا وسرعان ما أبكي على أبسط تعليق على تصرفاتي اليومية».

خلود تخرجت في قسم الأحياء الدقيقة منذ سنتين «أشعر بالعجز. أهلي في أمس الحاجة لأن أعمل حتى أساعد في تحمل الأعباء المادية. هل هناك أحد، في وزارتي العمل والخدمة المدنية يستطيع أن يفهم ماذا تعني هذه الكلمات؟».

ح . الثبيتي، أمضت سنتين وهي تبحث عن الكلمة الضائعة «الوظيفة» في قواميس تخصصها (اللغة العربية) ولم تجدها. تقول «صارعت غول الفراغ بالتسجيل في دورات التدريب على الحاسب الآلي. إلا أنها لم تجد معهداً يقدم شهادة خبرة لا تقل عن سنتين يمكن اعتمادها في جهات العمل الحكومية». وتخبرنا عن حالتها النفسية بقولها «يائسة جدا ونادمة على السنوات التي قضيتها في الدراسة والتعلم. لقد مللت حتى من الكلام، لذلك لا أرى مبررا لخروجي من البيت. بكل بساطة أجد أنه لا وزن لي ولا حيز في الحياة!».

زينب علي أمضت نحو 4 سنوات بعد تخرجها من الجامعة من دون عمل. تعترف أنها فكرت مرارا في الانتحار للتخلص من ظروفها العائلية الصعبة. تقول «أحن الى أيام الدراسة الجامعية. كنت أقضي يومي في المحاضرات، ومتابعة التكليفات والأبحاث، والتواصل مع زميلاتي في الجامعة وخارجها». تضيف «والدي متوفى وظروفنا العائلية قاسية، وكانت مكافأة الجامعة تستر ضائقتي المادية على الرغم من تأخر صرفها. كنت أحلم بالزواج أو الوظيفة لأساعد أسرتي، لكن أحلامي تبخرت ولم يبق منها إلا شهادة البكالوريوس في الاقتصاد المنزلي. ماذا أفعل؟».

أما ح. الزهراني وهي خريجة في قسم العلوم بتقدير جيد جدا عام 2000 تؤكد أنها أفضل حالا من زميلاتها.. تقول «لولا لطف الله الذي قدر لي بزوج هو كل حياتي الآن، لكنت فريسة للاكتئاب والقلق كزميلاتي». وتعترف سهى .ج بأنها صادقت جدران غرفتها بعد أن تورمت قدماها وهي تبحث عن فرصة عمل مناسب لتخصصها في إدارة الأعمال. وهي تشعر بالندم لكونها فضلت الدراسة الجامعية عن الزواج. تقول «كنت أظن أن عصفور (الشهادة) في يدي، خير من عشرة (أزواج) على الشجرة!». وتتساءل «هل نعيش بقية عمرنا في بطالة؟».

م. محمد، تتحسر على عمرها الضائع في الحصول على شهادتها الجامعية. وتشرح وضعها الآن في قولها «تخرجت منذ خمس سنوات وخرجت بعدها بنتيجة واحدة وهي أن الحصول على وظيفة بات من المستحيلات». وبمرارة قالت «لو كنت أعرف خاتمتي ما كنت بدأت». وتصف أحلامها في الحصول على وظيفة بأنها غبية. «كنت أحسب بعد تخرجي انني سأعمل وأساعد أسرتي فلا أخ لنا نحن خمس بنات وأنا أكبرهن حقيقة كنت غبية في أحلامي.. ربما كانت أحلام مراهقة».

لكن رويدا إبراهيم تقضي وقتها على أمل وصول الفارس المغوار الذي ينقذها من الفراغ وحياة العزوبية. تقول «أمضيت 5 سنوات بعد تخرجي بلا عمل، كنت أمضي معظم وقتي حبيسة جدران غرفتي أمام الفضائيات ومواقع (الحوار) في الإنترنت، حتى أصبت بانهيار عصبي». وتحكي عن تجربتها للخروج من هذه الحالة بقولها «بعد تخرجي من الجامعة عملت كمتطوعة في جمعية خيرية، لكنني أصبت بالملل من العمل دون مقابل. شعرت أن هناك من يستغل ظروفي فانصرفت!».

حنان العصيمي، لغة عربية، ومريم العوفي، دراسات إسلامية، بينهما وبين رويدا وغيرها من الفتيات قاسم مشترك هو السهر على الفضائيات والثرثرة في غرف «الحوار» الذي أدى ـ بحسب وصفهم ـ إلى زيادة واضحة في أوزانهن. لكن مريم تكره السؤالين المكررين دائما على مسامعها «ألم تتزوجي؟، ألم تتوظفي؟». وتذهب بعيدا في قولها أحسد الموتى في قبورهم «هناك لا يسأل أحد عن هذين السؤالين!».