البشير يطلق «مبادرة» لبسط الأمن في دارفور ويكلف الأجهزة الأمنية بنزع سلاح ميليشيات «الجنجويد وتورا بورا والبشمرقة» في دارفور

TT

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير امس سلسلة من الاجراءات لبسط الامن في دارفور والعمل على عودة قرابة مليون نازح الى قراهم واصدر بصفة خاصة امرا بنزع سلاح الميليشيات المسلحة في الاقليم المضرب وخصوصا ميليشيا الجنجويد العربية، غداة تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات على مسؤولين سودانيين تحملهم مسؤولية الازمة في المنطقة، وضغوط اوروبية تمثلت في قرار صادر من قمة الاتحاد الاوروبي أول من أمس في بروكسل دعا الى نزع سلاح الميليشيات.

واكد البشير في «اعلان سياسي» انه امر بنزع سلاح كل المجموعات الخارجة على القانون في دارفور بما فيها ميليشيا الجنجويد الموالية للحكومة وتعهد بمنع أي تهديد لأمن تشاد انطلاقا من دارفور. وقال انه قرر «اعلان تعبئة كاملة لكافة الاجهزة لترسيخ الأمن والاستقرار بضبط ومطاردة كل المجموعات المنفلتة من تمرد وجنجويد وتورا بورا وبشمرقة (تلقى دعما حكوميا) وتجريد المارقين من السلاح وتقديمهم الى العدالة ومنع اي مجموعات من عبور الحدود مع الشقيقة تشاد لزعزعة الاستقرار فيها».

وتأتي قرارات البشير غداة اعلان الولايات المتحدة انها تخطط لفرض عقوبات على مسؤولين سودانيين رسميين تحملهم مسؤولية ازمة دارفور في غرب السودان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية آدم ايريلي أول من أمس «اننا ندرس مسألة فرض عقوبات على مسؤولين سودانيين بشكل جدي»، مضيفا «اننا ندرس المعلومات المتوافرة من اجل تحديد من هم الاشخاص الذين يمكن اعتبارهم مسؤولين» عن الوضع في دارفور.

وتصاعدت الضغوط الدولية على الخرطوم خلال الايام الاخيرة لانهاء النزاع في دارفور ولوقف تجاوزات ميليشيا الجنجويد ضد أهالى دارفور من اجل تجنب ازمة انسانية كبيرة تتوقعها منظمات الاغاثة الدولية في هذه المنطقة في غرب السودان خاصة مع حلول موسم الامطار مطلع الشهر المقبل الذي سيجعل الطرق غير صالحة للاستخدام مما يتعذر معه وصول المساعدات الانسانية الى النازحين. ودعت القمة الاوروبية أول من أمس الى «ضمان الوصول» الى دارفور و«نزع اسلحة الميليشيات»، معربة عن «القلق» ازاء حجم الازمة الانسانية ومدى الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الانسان في الاقليم. وطلبت القمة من السودان «بذل كل ما في وسعه من اجل ضمان وصول المساعدات» الانسانية و«حماية امن المدنيين والعاملين في مجال الاغاثة ونزع أسلحة الميليشيات». وفي هذا الاطار وصل نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه امس الى نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، في زيارة هي الاولى له منذ اندلاع الحرب في المنطقة بدايات العام الماضي. وبحث مع ولاة دارفور (ثلاثة ولاة) التطورات، وتابع مجريات الاحداث قبل ان يعود في مساء نفس اليوم الى الخرطوم. كما يأتي إعلان البشير في وقت تزايدت فيه المخاوف من ان يمتد النزاع الى دولة تشاد المجاورة. وقال علامي احمد المستشار الدبلوماسي للرئيس التشادي ادريس ديبي والناطق باسم الوساطة التشادية الاربعاء ان «هناك قوات خفية تسعى الى نقل النزاع السوداني في دارفور الى داخل الاراضي التشادية»، مؤكدا ان «قبائل عربية تشادية اقحمت في المغامرة الى جانب الجنجويد الذين يرتكبون تجاوزات في السودان وتشاد ويسعون الى نقل الحرب الى الينا». وقال البشير في إعلانه السياسي «اننا نجدد مرة اخرى الالتزام» باتفاق وقف اطلاق النار في دارفور الذي وقع في نجامينا (العاصمة التشادية) في الثامن من ابريل (نيسان) الماضي، مضيفا «اننا نؤكد ان امن الشقيقة تشاد جزء لا يتجزأ من أمن السودان». وتابع «ولذلك لن نسمح لأي جهة بزعزعة الاستقرار في الشقيقة تشاد انطلاقا من دارفور».

وكان مصدر عسكري تشادي اكد ان «اشتباكا عنيفا» وقع الخميس في الاراضي التشادية بين الجيش التشادي ومجموعة من «الجنجويد» أوقع 69 قتيلا من صفوف الميليشيا السودانية. وأمر البشير كذلك بقيام «الاجهزة المعنية بدارفور بإنشاء النيابات والمحاكم لمعاقبة عصابات النهب والمجرمين دون تباطؤ». وأمر الرئيس السوداني كذلك بـ«نشر قوات الشرطة لحماية وتأمين عودة المواطنين الى قراهم».

وقال البشير انه «يوجه كل الوزارات المختصة بتنفيذ برامج التنمية العاجلة والخدمات الضرورية» تحت اشراف مجلس الوزراء وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة. ودعا البشير أخيرا «المنظمات الرسمية والطوعية الى تعبئة شاملة لاعادة النازحين وتوفير الماوى والطعام والكساء والدواء لهم».

وأسفر هذا النزاع منذ اندلاعه في فبراير (شباط) 2003 عن مقتل حوالي عشرة آلاف شخص ونزوح ما يقرب من مليون شخص لجا أكثر من 120 الفا منهم الى تشاد. ويقول صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ان ما بين 700 ألف و800 الف نازح من بينهم 500 ألف طفل معرضون لسوء التغذية وللاوبئة.